الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر الحرب بين بركيارق ، وتتش ، وقتل تتش

في هذه السنة ، في صفر ، قتل تتش بن ألب أرسلان .

وكان سبب ذلك أنه لما هزم السلطان بركيارق ، كما ذكرناه ، سار من موضع الوقعة إلى همذان ، وقد تحصن بها أمير آخر ، فرحل تتش عنها ، فتبعه أمير آخر لأجل أثقاله ، فعاد عليه تتش فكسره ، فعاد إلى همذان ، واستأمن إليه ، وصار معه .

وبلغ تتش مرض بركيارق ، فسار إلى أصبهان ، فاستأذنه أمير آخر في قصد جرباذقان لإقامة الضيافة وما يحتاج إليه ، فأذن له ، فسار إليها ، ومنها إلى أصبهان ، وعرفهم خبر تتش .

وعلم تتش خبره ، فنهب جرباذقان ، وسار إلى الري ، وراسل الأمراء الذين بأصبهان يدعوهم إلى طاعته ، ويبذل لهم البذول الكثيرة ، وكان بركيارق مريضا بالجدري ، فأجابوه يعدونه بالانحياز إليه ، وهم ينتظرون ما يكون من بركيارق ، فلما عوفي أرسلوا إلى تتش : ليس بيننا غير السيف ، وساروا مع بركيارق من أصبهان ، وهم في نفر يسير ، فلما بلغوا جرباذقان أقبلت إليهم العساكر من كل مكان ، حتى صاروا في ثلاثين ألفا ، فالتقوا بموضع قريب من الري ، فانهزم عسكر تتش ، وثبت هو ، فقتل ، قيل قتله بعض أصحاب آقسنقر ، صاحب حلب ، أخذا بثأر صاحبه .

وكان قد قبض على فخر الملك بن نظام الملك ، وهو معه ، فأطلق ، واستقام الأمر والسلطنة لبركيارق ، وإذا أراد الله أمرا هيأ أسبابه ، بالأمس ينهزم من عمه تتش ، ويصل إلى أصبهان في نفر يسير ، فلا يتبعه أحد ، ولو تبعه عشرون فارسا لأخذوه لأنه بقي على باب أصبهان عدة أيام ، ثم لما دخلها أراد الأمراء كلحه ، فاتفق أن أخاه حم ثاني يوم وصوله ، وجدر ، فمات ، فقام في الملك مقامه ، ثم جدر هو ، وأصابه معه [ ص: 391 ] سرسام ، فعوفي ، وبقي مذ كسره عمه إلى أن عوفي وسار عن أصبهان أربعة أشهر لم يتحرك عمه ، ولا عمل شيئا ، ولو قصده وهو مريض أو وقت مرض أخيه لملك البلاد :


ولله سر في علاك وإنما كلام العدا ضرب من الهذيان



التالي السابق


الخدمات العلمية