الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 420 ] ولو تزوجت بعد مدة تحتمله ثم قالت لم تنقض عدتي ، أو ما تزوجت بآخر لم تصدق لأن إقدامها على التزوج دليل الحل ، وعن السرخسي لا يحل تزوجها حتى يستفسرها .

التالي السابق


مطلب : الإقدام على النكاح إقرار بمضي العدة ( قوله : ولو تزوجت إلخ ) قال في الفتح : وفي التفاريق لو تزوجها ولم يسألها ثم قالت ما تزوجت ، أو ما دخل بي صدقت إذ لا يعلم ذلك إلا من جهتها .

[ ص: 420 ] واستشكل بأن إقدامها على النكاح اعتراف منها بصحته فكانت مناقضة فينبغي أن لا تقبل منها ، كما لو قالت بعد التزوج بها : كنت مجوسية ، أو مرتدة ، أو معتدة أو منكوحة الغير ، أو كان العقد بغير شهود ، ذكره في الجامع الكبير وغيره ، بخلاف قولها لم تنقض عدتي ثم رأيت في الخلاصة ما يوافق الإشكال المذكور . قال في الفتاوى في باب الباء : لو قالت بعد ما تزوجها الأول ما تزوجت بآخر فقال الزوج الأول تزوجت بآخر ودخل بك لا تصدق المرأة ا هـ ما في الفتح .

أقول : قد يدفع الإشكال بأن المطلقة ثلاثا قام فيها المانع من إيراد العقد عليها ولا يزول إلا بعد وجود شرط الحل وذلك بأن تخبر بأنها تزوجت بعده بآخر ودخل بها وانقضت عدتها والمدة تحتمله ، أو تخبر بأنها حلت له وهي عالمة بشرائط الحل على ما مر عن النهاية فحينئذ لا يقبل قولها للتناقض أما بدون ذلك فيقبل ، ولا تناقض لاحتمال ظنها الحل بمجرد العقد و لأن إقدامها على العقد بدون تفسير لا يزول به المانع فلم يكن اعترافا ، ولذا قال السرخسي : لا بد من استفسارها ، ويؤيده ما مر عن الفضلي أيضا ، وهذا بخلاف قولها : كنت مجوسية إلخ فإنها حين العقد لم يقم مانع من إيراد العقد عليها فصح العقد فلا يقبل إخبارها بما ينافيه لتناقضها ، فإن مجرد إقدامها على العقد اعتراف بعدم مانع منه ، فإذا ادعت ما ينافيه لم يقبل وما مر عن الفتاوى محمول على ما إذا تزوجها بعد ما فسرت توفيقا بين كلامهم . وفي البزازية : تزوجت المطلقة ثم قالت للثاني تزوجتني في العدة ، إن كان بين النكاح والطلاق أقل من شهرين صدقت في قول الإمام وكان النكاح الثاني فاسدا ، وإن أكثر لا وصح الثاني ، والإقدام على النكاح إقرار بمضي العدة لأن العدة حق الأول ، والنكاح حق الثاني ، ولا يجتمعان فدل الإقدام على المضي ، بخلاف المطلقة ثلاثا إذا تزوجت بالأول بعد مدة ثم قالت : بك تزوجت قبل النكاح الثاني حيث لا يكون إقدامها دليلا على إصابة الثاني ونكاحه . قالت المطلقة ثلاثا : تزوجت غيرك وتزوجها الأول ثم قالت : كنت كاذبة فيما قلت ، لم أكن تزوجت ; فإن لم تكن أقرت بدخول الثاني كان النكاح باطلا ، وإن كانت أقرت به لم تصدق ا هـ وهذا مؤيد لما قلنا من الفرقة والتوفيق ، وبالله التوفيق ، وبما قررناه ظهر لك ما في كلام الشارح والظاهر أنه تابع ما بحثه في الفتح .




الخدمات العلمية