الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6319 71 - حدثنا محمد بن مقاتل أبو الحسن ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر أن عمر قال : يا رسول الله ، إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام ، قال : أوف بنذرك .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله : " أوف بنذرك " لأنه يدل على أن نذر الكافر صحيح فإذا أسلم يلزمه الوفاء به ، وفيه خلاف بين الفقهاء على ما نذكره إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                                                                  وعبد الله هو ابن المبارك المروزي وعبيد الله بن عمر العمري .

                                                                                                                                                                                  والحديث مضى في آخر الاعتكاف ، فإنه أخرجه هناك عن عبيد الله بن إسماعيل عن أبي أسامة عن عبيد الله بن عمر إلخ .

                                                                                                                                                                                  ورواه الطحاوي من ثلاث طرق ، ثم قال : فذهب قوم إلى أن الرجل إذا أوجب على نفسه شيئا في حال شركه من اعتكاف أو صدقة أو شيء مما يوجبه المسلمون لله ثم أسلم أن ذلك واجب عليه ، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار .

                                                                                                                                                                                  قلت : أراد بالقوم هؤلاء طاوسا وقتادة والحسن البصري والشافعي وأحمد وإسحاق وجماعة الظاهرية ، وبه قال ابن حزم ، ثم قال الطحاوي : وخالفهم في ذلك آخرون ، فقالوا : لا يجب عليه في ذلك شيء .

                                                                                                                                                                                  قلت : أراد بالآخرين إبراهيم النخعي والثوري وأبا حنيفة وأبا يوسف ، ومحمدا ومالكا والشافعي في قول ، وأحمد في رواية .

                                                                                                                                                                                  واحتجوا في ذلك بحديث عائشة المذكور قبل هذا الباب وبحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : إنما النذر ما ابتغي به وجه الله . رواه الطحاوي عن عبد الله بن وهب في مسنده ، فدل على أن فعل الكافر لم يكن تقربا إلى الله لأنه حين كان يوجبه يقصد به الذي كان يعبده من دون الله وذلك معصية ، فدخل في قوله صلى الله عليه وسلم : لا نذر في معصية الله .

                                                                                                                                                                                  وأما حديث عمر رضي الله تعالى عنه ، فالجواب عنه : إنما أمر به صلى الله تعالى عليه وسلم أن يفعله الآن على أنه طاعة لله عز وجل ، وكان خلاف ما أوجبه به في حال نذره الذي هو معصية ، وقال أبو الحسن القابسي : لم يأمره الشارع على جهة الإيجاب ، وإنما هو على جهة الرأي .

                                                                                                                                                                                  وقيل : أراد صلى الله عليه وسلم أن يعلمهم أن الوفاء بالنذر من آكد الأمور ، فغلظ أمره بأن أمر عمر بالوفاء .

                                                                                                                                                                                  قوله : " قال : يا رسول الله " صلى الله تعالى عليه وسلم ، كأن قوله لرسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك بعدما قسم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم غنائم حنين بالطائف .

                                                                                                                                                                                  وقال الكرماني : وفي الحديث أن الصوم ليس شرطا لصحة الاعتكاف وهو حجة على الحنفية ، انتهى .

                                                                                                                                                                                  قلت : ذهل الكرماني عن قوله صلى الله عليه وسلم : لا اعتكاف إلا بالصوم .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية