الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          وصفة المحضر : بسم الله الرحمن الرحيم حضر القاضي فلان بن فلان الفلاني ، قاضي عبد الله الإمام على كذا وكذا . وإن كان نائبا كتب : خليفة القاضي فلان قاضي عبد الله الإمام في مجلس حكمه وقضائه ، بموضع كذا مدع ذكر أنه فلان بن فلان وأحضر معه مدعى عليه ذكر أنه فلان بن فلان ، فادعى عليه كذا ، فأقر له أو فأنكر . فقال القاضي للمدعي : ألك بينة ؛ فقال : نعم . فأحضرها . وسأله سماعها ، ففعل أو فأنكر ، ولم تقم له بينة . وسأل إحلافه ، فأحلفه . وإن نكل عن اليمين ذكر ذلك ، وأنه حكم عليه بنكوله ، وإن رد اليمين فحلفه حكى ذلك ، وسأله أن يكتب له محضرا بما جرى ، فأجابه إليه في يوم كذا من شهر كذا من سنة كذا ، ويعلم في الإقرار والإحلاف جرى الأمر على ذلك . وفي البينة شهد عندي بذلك . وأما السجل فهو لإنفاذ ما ثبت عنده ، والحكم به . وصفته : أن يكتب : هذا ما أشهد عليه القاضي فلان بن فلان ، ويذكر ما تقدم من حضره من الشهود أشهدهم ، أنه ثبت عنده بشهادة فلان وفلان ، وقد عرفهما بما رأى معه قبول شهادتهما بمحضر من خصمين ، ويذكرهما إن كانا معروفين ، وإلا قال : مدع ومدعى عليه ، جاز حضورهما وسماع الدعوى من أحدهما على الآخر ، معرفة فلان بن فلان ويذكر المشهود عليه وإقراره في صحة منه وسلامة وجواز أمر بجميع ما سمي ووصف به في كتاب نسخته كذا . وينسخ الكتاب المثبت أو المحضر جميعه حرفا بحرف ، فإذا فرغ منه قال : وإن القاضي أمضاه وحكم به على ما هو الواجب عليه في مثله بعد أن سأله ذلك ، وإلا شهد به الخصم المدعي ، ويذكر اسمه ونسبه ، ولم يدفعه الخصم الحاضر معه بحجة ، وجعل كل ذي حجة على حجته ، وأشهد القاضي فلان على إنفاذه وحكمه وإمضائه ، من حضره من الشهود في مجلس حكمه في اليوم المؤرخ في أعلاه ، وأمر بكتب هذا السجل نسختين متساويتين ، نسخة منهما بجلد بديوان الحكم ، وتدفع الأخرى إلى من كتبها له . وكل واحدة منهما حجة ووثيقة فيما أنفذه فيهما ، وهذا يذكر للخروج من الخلاف . ولو قال : إنه ثبت عنده بشهادة فلان وفلان ما في كتاب نسخته كذا . ولم يذكر بمحضر من الخصمين ، ساغ ذلك لجواز القضاء على الغائب . وما يجتمع عنده من المحاضر والسجلات في كل أسبوع أو شهر على قلتها وكثرتها ، يضم بعضها إلى بعض ويكتب عليها : محاضر وقت كذا ، من سنة كذا .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          فصل .

                                                                                                                          ( وصفة المحضر ) هو : بفتح الميم والضاد ، وهو عبارة عن الصك ، سمي محضرا لما فيه من حضور الخصمين والشهود . ( بسم الله الرحمن الرحيم ) تذكر في ابتداء كل فعل تبركا بها ( حضر القاضي فلان بن فلان الفلاني ، قاضي عبد الله الإمام على كذا ) إن كان مستقلا . ( وإن كان نائبا كتب : خليفة القاضي فلان قاضي عبد الله الإمام في مجلس حكمه وقضائه ، بموضع كذا ) إذا ثبت الحق باعتراف المدعى عليه ، لم يحتج أن يكتب : في مجلس حكمه وقضائه ; لأن الاعتراف يصح منه في مجلس الحكم وغيره . وإن كتب أنه شهد على إقراره شاهدان ، كان آكد . ذكره في " الشرح " و " الرعاية " . وإن ثبت ببينة احتاج أن يذكر مجلس حكمه وقضائه ; لأن البينة لا تسمع إلا في مجلس الحكم . وليس في المحضر ثبوت الحق ، سواء ثبت بالاعتراف أو بالبينة ، وإنما هو شرح ثبوت الحق عند الحاكم . ( مدع ذكر أنه فلان بن فلان وأحضر معه مدعى عليه ذكر أنه فلان بن فلان ) يرفع في نسبهما حتى يتميزا ، ويذكر حليتهما ; لأن الاعتماد عليها ، فربما استعار النسب . هذا إذا جهلهما الحاكم ، فإن كان يعرفهما بأسمائهما ونسبهما ، قال : فلان بن فلان الفلاني ، وأحضر معه فلان بن فلان الفلاني . وإن أخل بذكر حليتهما جاز ; لأن ذكر نسبهما إذا رفع فيه أغنى عن ذكر الحلية . [ ص: 116 ] وفي " الرعاية " : ذكر حليتهما أولى . ( فادعى عليه كذا ، فأقر له أو فأنكر ، فقال القاضي للمدعي : ألك بينة ؛ فقال : نعم . فأحضرها ، وسأله إسماعها ، ففعل أو فأنكر ، ولم تقم له بينة ، وسأل إحلافه ، فأحلفه . وإن نكل عن اليمين ذكر ذلك ، وأنه حكم عليه بنكوله ، وإن رد اليمين فحلفه حكى ذلك ، وسأله أن يكتب له محضرا بما جرى ، فأجابه إليه في يوم كذا من شهر كذا من سنة كذا ، ويعلم ) على رأس المحضر . ( في الإقرار ) والإنكار . ( والإحلاف جرى الأمر على ذلك ) لأن ذلك أمر جرى ، فالعلامة فيه بما ذكر تحقيق للقضية ، وإخبار عنها . ويذكر مع ذلك في رأس المحضر : الحمد لله وحده ، ونحو ذلك . ذكره في " الرعاية " ، وهو ظاهر ما ذكره في " الشرح " . ( وفي البينة شهد عندي بذلك ) لأنه الواقع ، ويكون في آخر المحضر . وفي " الشرح " : يكتب علامته مع ذلك في رأس المحضر ، وإن اقتصر جاز . وهو قول في " الرعاية " . ( وأما السجل ) : هو بكسر السين والجيم ، الكتاب الكبير . ( فهو لإنفاذ ما ثبت عنده ، والحكم به ) هذا بيان لمعناه . ( وصفته أن يكتب : هذا ما أشهد عليه القاضي فلان بن فلان ، ويذكر ما تقدم ) في أول المحضر . ( من حضره من الشهود أشهدهم أنه ثبت عنده بشهادة فلان وفلان ، وقد عرفهما بما رأى معه قبول شهادتهما بمحضر من خصمين ، ويذكرهما إن كانا معروفين ، وإلا قال : مدع ومدعى عليه ، جاز حضورهما وسماع الدعوى من أحدهما على الآخر ، معرفة فلان بن فلان ) معرفة : مرفوعا ، فاعل ثبت عنده . ( ويذكر المشهود عليه ) لأنه أصل . ( وإقراره ) بالرفع ، معطوف على ( معرفة ) ، والتقدير : ثبت عنده معرفة فلان [ ص: 117 ] بن فلان ، وإقراره . ويجوز نصبه عطفا على ( المشهود ) ، أي : ويذكر المشهود عليه وإقراره طوعا ( في صحة منه وسلامة وجواز أمر ) حتى يخرج المكره ، ونحوه ( بجميع ما سمي ووصف به في كتاب نسخته كذا . وينسخ الكتاب المثبت أو المحضر جميعه حرفا بحرف ، فإذا فرغ منه قال : وإن القاضي أمضاه وحكم به على ما هو الواجب عليه في مثله بعد أن سأله ذلك ، وإلا شهد به الخصم المدعي ، ويذكر اسمه ونسبه ، ولم يدفعه الخصم الحاضر معه بحجة ، وجعل كل ذي حجة على حجته ، وأشهد القاضي فلان على إنفاذه وحكمه وإمضائه ، من حضره من الشهود في مجلس حكمه في اليوم المؤرخ في أعلاه ، وأمر بكتب هذا السجل نسختين متساويتين ) لأنهما اللسان ، تقوم إحداهما مقام الأخرى . ( ويجلد نسخة منهما بديوان الحكم ، وتدفع الأخرى إلى من كتبها له . وكل واحدة منهما حجة ووثيقة فيما أنفذه منهما ) لتضمنهما ذلك . ( وهذا يذكر ليخرج من الخلاف ) في القضاء على الغائب . ( ولو قال : إنه ثبت عنده بشهادة فلان وفلان ما في كتاب نسخته كذا . ولم يذكر بمحضر من الخصمين ، ساغ ذلك لجواز الحكم على الغائب ) عندنا . قال الشيخ تقي الدين : الثبوت المجرد لا يفتقر إلى حضورهما ، بل إلى دعواهما . وهذا ينبني على أن الشهادة هل تفتقر إلى الخصمين ؛ فأما التزكية فلا . ( وما يجمع عنده من المحاضر والسجلات في كل أسبوع أو شهر ) زاد في " الرعاية " : أو سنة . ( على قلتها وكثرتها ، يضم بعضها إلى بعض ) لأن إفراد كل واحد يشق . ( ويكتب عليها : محاضر وقت كذا ، من سنة كذا ) لتتميز وليمكن إخراجها عند الحاجة إليها . [ ص: 118 ]

                                                                                                                          قال في " الكافي " : فإن تولى ذلك بنفسه ، وإلا وكل أمينه . وذكر في " الرعاية " : أنه يكتب مع ذلك أسماء أصحابها ويختم عليها . فإن أحضر خصمه وادعى عليه فأنكر وذكر القاضي أنه حكم عليه ، أو أنه ثبت عنده ولم يحكم به ألزمه بالحق بسؤال خصمه . وإن لم يجزم بذلك ، فلا في الأشهر . وإن نسي الواقعة ، فشهد عنده عدلان أنه حكم بها ، أو ثبت عنده ، لزمه ثبوتها والحكم بها بسؤال المدعي في الأظهر .




                                                                                                                          الخدمات العلمية