الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولو استولد جارية أحد أبويه ) أو جده ( أو امرأته وقال ظننت حلها لي فلا حد ) للشبهة ( ولا نسب ) إلا أن يصدقه فيهما ( وإن ملكه يوما عتق عليه ) وإن ملك أمه لا تصير أم ولده لعدم ثبوت النسب ، كذا ذكره [ ص: 701 ] المصنف تبعا للزيلعي ، لكنه نقل هنا وفي نكاح الرقيق عن الدرر والخانية أنه لو ملكها بعد تكذيبه يوما ثبت النسب لبقاء الإقرار فتدبر .

نعم في الخانية : زنى بأمة فولدت فملكها لم تصر أم ولده ، وإن ملك الولد عتق .

وفي الأشباه : لو ملك أخته لأمه من الزنا عتقت ولو أخته لأبيه لا .

التالي السابق


( قوله ولا نسب ) أي لتمحضه زنا كما عللوا به في كتاب الحدود ( قوله إلا أن يصدقه فيهما ) مخالف لإطلاقهم في كتاب الحدود عدم ثبوت النسب وإن ادعاه ، وتعليلهم بتمحض زنا يدل عليه فلا محل لهذا الاستثناء هنا ولم نجده لغيره ، نعم محله في المسألة السابقة وضمير فيهما يعود إلى الإحلال والولد ( قوله عتق عليه ) أي ولم يثبت نسبه كما في الكافي فعلة العتق هنا الجزئية لا النسب كما يأتي لكن توقف عتقه على ملكه خاص بما إذا كانت الجارية لامرأته ، بخلاف أبيه أو أمه لما في القنية : وطئ جارية أبيه فولدت منه سواء ادعى شبهة أو لا لم يجز بيع الولد لأنه ولد ولده فيعتق عليه وإن لم يثبت النسب ا هـ أي يعتق على الأب للجزئية ( قوله لعدم ثبوت النسب ) لأن أمومية الولد فرع ثبوت النسب كما قدمناه . قال في الكافي : وقوله ظننتها تحل لي لم يكن شبهة في ذلك ا هـ أي في ثبوت النسب ، وإنما هو شبهة في سقوط الحد ، بخلاف ما مر من دعوى الإحلال فإنها شبهة فيهما كما مر .

والحاصل أن الوطء في دعوى الإحلال وطء شبهة ، وبه يثبت النسب فثبت أمومية الولد ، بخلاف الوطء مع ظن الحل فإنه زنا محض وإن سقط فيه الحد . وإذا كان ظن الحل غير معتبر في ثبوت النسب وتمحض الفعل معه زنا لا تثبت أمومية الولد إذا ملك الأم وإن كان أقر بالولد لأن الزنا لا يثبت فيه النسب وأمومية الولد فرع ثبوته .

[ ص: 701 ] وفي الفتح عن الإيضاح : أمة جاءت بولد فادعاه أجنبي لا يثبت نسبه صدقه المولى أو كذبه ، فإن ملكه المدعي عتق ولا تصير أمه أم ولد ا هـ أي لأن عتقه للجزئية لا لثبوت النسب ، ولذا قال عتق ولم يقل ثبت نسبه ، وبهذا سقط ما أورد على تعليل الشارح أنه لما ادعى الولد فقد أقر له بالنسب ولأمه بأمومية الولد ، فإذا ملك الأم زال المانع وهو كونها ملك الغير فينبغي أن تصير أم ولد وإن لم يثبت نسب الولد . ا هـ . لأنه إذا لم يثبت النسب لا تصير أم ولد فافهم .

فإن قلت : قد تصير أم ولد مع عدم ثبوت النسب فيما لو زوج أمته من عبده ثم ولدت فادعاه .

قلت : إنما صارت أم ولد للمولى لإقراره بأن الولد علق منه قبل التزويج بوطء حلال ، لكن لم يثبت منه لوجود الفراش الصحيح فقد تعلق به حق الغير وهو الزوج ، ولولاه لثبت من المولى فلم يثبت منه هنا لعارض والزنا لا يثبت منه الولد على كل حال ، هذا ما ظهر لي ( قوله لكنه نقل ) أي المصنف ، وقوله ثبت النسب أي فتصير أم ولده ضرورة ثبوت النسب مع زوال المانع وهو ملك الغير ، فينافي قوله لا تصير أم ولده لعدم ثبوت نسبه . والجواب أن ما نقله المصنف عن الدرر والخانية ليس في هذه المسألة وهي قوله ظننت حلها لي بل في مسألة دعوى الإحلال . ونقل ح عبارتهما بتمامها ، وقد علمت الفرق بين المسألتين ، وأن ظن الحل شبهة في سقوط الحد لا في ثبوت النسب ، بخلاف دعوى الإحلال فإنها شبهة فيهما ، فالاستدراك في غير محله فافهم ( قوله نعم في الخانية إلخ ) يعني أن هذا الإشكال فيه لأن الزنا لا يثبت فيه النسب فلا تصير أم ولد وإن ملكها ، لكن قد علمت أن الوطء في مسألة ظن الحل زنا أيضا ( قوله لم تصر أم ولده ) أي فله بيعها ط ( قوله وإن ملك الولد عتق ) لأنه جزؤه حقيقة ( قوله ولو أخته لأبيه لا ) والفرق أن الأخ ينسب إلى أخته لأبيه بواسطة الأب ونسبة الأب منقطعة فلا تثبت الأخوة ، أما بالنسبة إلى الأم فلا تنقطع فتكون الأخوة ثابتة من جهتها فيعتق بالملك كما في شروح الهداية ، ولذا لو مات يرثه أخوه لأمه دون أخيه لأبيه .




الخدمات العلمية