الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإن قال : يوم أفعل كذا فعبده حر ففعله ليلا عتق ; لأن اليوم يذكر بمعنى الوقت قال الله تعالى { ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا } والرجل يقول : أنتظر يوم فلان ويذكر ، والمراد بياض النهار فقلنا : إذا قرن به ما يمتد كالصوم علم أن المراد به بياض النهار ، وإذا قرن به ما لا يمتد فالمراد به الوقت وإنما قرن بذكر اليوم هنا فعلا لا يمتد فكان بمعنى الوقت .

وإن قال : نويت النهار دون الليل دين في القضاء ; لأنه نوى حقيقة كلامه وهي حقيقة مستعملة .

وإن قال : ليلة أفعل كذا فهو على الليل خاصة ; لأن الليل ضد النهار قال الله تعالى { وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة } وكما أن النهار مختص بزمان الضياء فالليل مختص بزمان الظلمة والسواد .

وإن حلف لا يبيت في مكان كذا فأقام فيه ولم ينم حنث ; لأن البيتوتة هو المكث والقرار بالليل في مكان ولهذا يسمى الموضع الذي يكون المرء فيه بالليل مبيتا ، واللفظ لا يدل على النوم واليقظة فيحنث نام أو لم ينم ، إلا أن يعني النوم فيكون على ما نوى ; لأنه نوى التخصيص في لفظه والعرف والاستعمال يشهد له وكذلك إن أقام فيه أكثر من نصف الليل ، وإن أقام فيه أقل من نصف الليل لم يحنث ; لأن الإنسان قد يكون في بعض الليل في غير منزله ثم يرجع إلى منزله .

وإذا سئل أين بات قال : في منزلي ، ولأن الأكثر ينزل منزلة الكمال والأقل تبع للأكثر ، فإذا أقام فيه أكثر من نصف الليل فكأنه أقام فيه جميع الليل فيحنث

التالي السابق


الخدمات العلمية