الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الفصل الثاني في الوجوب عليه ، وفي ( الجواهر ) : هو الحر المسلم الموسر ، ولا زكاة على معسر ، وهو الذي لا يفضل عن قوته ذلك اليوم صاع ، ولا وجد من يسلفه إياه ، وقيل : هو الذي يجحف به في معاشه إخراجها ، وقيل : من يحل له أخذها ، واختلف فيه ، فقيل : من له أخذ الزكاة ، وقيل : الذي لا يأخذ منها في يومه ، فعلى الأول : يجوز أن يعطى مسكين واحد أكثر من صدقة إنسان واحد ، وهو المشهور ، وعلى الثاني ، فلا ، وروى مطرف عن مالك : يستحب أن يعطى المسكين ما يخرج عن نفس واحدة ، فإن أعطى زكاة نفس واحدة لمساكين عدة جاز ، وفي وجوبها على من له عبد لا يملك غيره ، وعلى من عليه دين ، خلاف ، وفي ( الكتاب ) : تجب على من يحل له أخذها ، وعلى المحتاج إن وجد أو وجد من يسلفه وإلا فلا ، ولا يقضيها بعد ذلك إلا أن يؤخرها مع القدرة ، ووافقنا ( ش ) وابن حنبل في إيجابها على الفقير ، وخصصها ( ح ) بمن يملك نصابا أو قيمته خارجا عن مسكنه وأثاثه ، لنا : عموم الحديث المتقدم ، وما في أبي داود : أنه عليه السلام ذكر زكاة الفطر وقال : ( أما غنيكم فيزكيه الله تعالى ، وأما فقيركم فيرد الله عليه أكثر مما أعطاه ) وفي حديث ابن عباس - رضي الله عنه - : ( فرض عليه السلام [ ص: 160 ] زكاة الفطر طهرة للصيام من اللغو ) وهو عام ; ولأنها لو تعلقت بالغني ، لكثرت بكثرته كسائر الزكوات ، ولما لم يكن كذلك كانت كالكفارة ، قال سند : وظاهر ( الكتاب ) : لا يسقطها الدين ، وفي ( الكتاب ) : من عنده عبد وعليه عبد من سلم لا تلزمه الزكاة عنه ، قال عبد الحق : الفرق بينها وبين الماشية في عدم إسقاط الدين إياها : أنها موكولة لأربابها فأشبهت النقدين ، ولأنه شرط في ( المدونة ) أن لا مال ، فلو وجبت عليه أمر ببيع العبد ، فيتعين ثمنه دينا عليه ، والدين أولى به ، فتسقط الزكاة بالدين وفي ( الموازية ) : لم يشترط عدم القدرة على الفطر فيبطل الوجه الثاني ، وقال عبد الوهاب : من عنده صاع لا يضره إخراجه في معيشته ، ولا يجوع عياله ، أو دين يضر به ، فعليه إخراجه ، فاعتبر الدين كزكاة النقدين ، وجه الأول : أنها أشبهت الزرع من جهة عدم اشتراط الحول ، وكذلك أيضا أشبهت المعدن ، فلو قدر على بعض الزكاة فالمذهب وجوبه ، لقوله عليه السلام : ( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ) وقاسه بعض الشافعية على بعض الكفارات في عدم الوجوب ، والفرق : أنها يجب بعضها على مالك بعض عبد ، بخلاف الكفارة فإن لم يقدر إلا مما أخذ من الزكاة يوم الفطر : قال مالك : يؤديها ، واستحبه ابن الجلاب لحدوث القدرة بعد سبب الوجوب ، قال : ويحتمل قول مالك الوجوب وليس ببعيد ; لأن وقت أدائها قائم كطهور الحائض آخر الوقت . والمشهور : الاستحباب وقاله ( ش ) ; لأن وقت الوجوب ليس بموسع كوقت طيب الثمار .

                                                                                                                سؤال : من أخر زكاة الفطر قضاها بخلاف الأضحية ، فما الفرق ؟ جوابه : أن المقصود سد الخلة ، وهو حاصل في سائر الأوقات ، والمقصود في الأضحية التضافر على إظهار الشعائر ، وقد فات ، ولأن القضاء من خواص الواجب .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية