الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      وللمستحاضة أربعة أحوال أحدها أن تكون معتادة فقط ، وقد ذكرها بقوله ( وإن استحيضت معتادة رجعت ، إلى عادتها ) لتعمل بها لما يأتي [ ص: 208 ] الحال الثاني أن تكون معتادة مميزة وأشار إليها بقوله : ( وإن كانت مميزة ) بعض دمها أسود أو ثخين أو منتن فتقدم العادة على التمييز ، سواء ( اتفق تمييزها وعادتها ) بأن تكون عادتها أربعة مثلا من أول الشهر ، وكان دم هذه الأربعة أسود ، ودم باقي الشهر أحمر ( أو اختلفا ) أي : العادة ، والتمييز ، وسواء كان الاختلاف ( بمداخلة ) بأن تكون عادتها ستة أيام ، من أول العشر الأوسط من الشهر ، فترى في أول العشر أربعة أسود وباقي الشهر أحمر فتجلس الستة كلها من أول العشر ( أو مباينة ) بأن تكون عادتها من أول الشهر فترى الدم الصالح للحيض في آخره فتجلس عادتها .

                                                                                                                      ثم تغتسل بعدها ، وتتوضأ لوقت كل صلاة وتصلي ، لقوله صلى الله عليه وسلم { دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها ، ثم اغتسلي وصلي } متفق عليه ولأن العادة أقوى لأنها لا تبطل دلالتها بخلاف اللون إذ زاد على أكثر الحيض بطلت دلالته والعادة ضربان : متفقة ، بأن تكون أياما متساوية ، كسبعة من كل شهر فإذا استحيضت جلستها ومختلفة ، وهي قسمان : مرتبة ، بأن ترى في شهر ثلاثة وفي الثاني أربعة وفي الثالث خمسة ثم تعود إلى مثل ذلك فهذه إذا استحيضت في شهر وعرفت نوبته عملت عليه ، وإن نسيت نوبته جلست الأقل وهو ثلاثة ثم تغتسل وتصلي بقية الشهر وإن علمت أنه غير الأول وشكت هل هو الثاني أو الثالث جلست أربعة لأنها اليقين .

                                                                                                                      ثم تجلس في الشهرين الآخرين ثلاثة ثلاثة وفي الرابع أربعة ثم تعود إلى الثلاثة كذلك أبدا ويكفيها غسل واحد عند انقضاء المدة التي جلستها ، كالناسية وصحح في المغني والشرح أنه يجب عليها الغسل أيضا عند مضي أكثر عادتها ، وغير المرتبة ، كأن تحيض في شهر ثلاثة .

                                                                                                                      وفي الثاني خمسة وفي الثالث أربعة فإن أمكن ضبطه بحيث لا يختلف هو فالحكم فيه كالذي قبله وإن لم يمكن ضبطه جلست الأقل في كل شهر واغتسلت عقبه ( ونقص العادة لا يحتاج إلى تكرار ) لأنه رجوع إلى الأصل وهو العدم .

                                                                                                                      ( فلو نقصت عادتها ثم استحيضت بعده ) أي : بعد النقص ( فإن كانت عادتها عشرة ) أيام ( فرأت ) الدم ( سبعة ثم استحيضت في الشهر الآخر جلست السبعة ) لأنها التي استقرت عليها عادتها [ ص: 209 ] الحال الثالث أن يكون لها عادة وتمييز وتنسى العادة ، وقد ذكرها بقوله : ( وإن نسيت العادة عملت بالتمييز الصالح ) لأن يكون حيضا وتقدم ، لما روى أبو داود والنسائي من حديث فاطمة بنت أبي حبيش { إذا كان دم الحيض فإنه أسود يعرف فأمسكي عن الصلاة فإذا كان الآخر فتوضئي فإنما هو عرق } ولأنها مستحاضة ولا تعلم لها عادة تلزمها العمل بالتمييز كالمبتدأة .

                                                                                                                      ( ولو تنقل ) التمييز بأن كانت تراه تارة في أول الشهر وتارة في وسطه وتارة في آخره ( من غير تكرار ) أي : تعمل بالتمييز ولو لم يتكرر كما تقدم في المبتدأة لعموم الخبر ( فإن لم يكن لها تمييز ) بأن كان الدم على نسق واحد ( أو كان ) لها تمييز ( و ) لكنه ( ليس بصالح ) بأن نقص عن يوم وليلة ، أو جاوز خمسة عشر ( فهي المتحيرة ) لأنها قد تحيرت ، في حيضها بجهل العادة وعدم التمييز وهذا هو الحال الرابع ولا ( تفتقر استحاضتها إلى تكرار ) بخلاف المبتدأة ( أيضا ) أي : كما أن تمييزها لا يفتقر إلى تكرار كما تقدم .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية