الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإن ) ( حلف ، فقال ) ( إن شاء الله ) ( لم يحنث ، فعل أو ترك إذا كان متصلا باليمين ) . يعني بذلك في اليمين المكفرة ، كاليمين بالله والنذر والظهار . ونحوه لا غير . وهذا المذهب . قال الزركشي : هذا المذهب المعروف . ويحتمله كلام الخرقي . وجزم به في المحرر ، والوجيز . وقدمه في الشرح ، والفروع ، والنظم ، وأصول ابن مفلح .

[ ص: 26 ] وقال : عند الأئمة الأربعة . وقال : ويشترط الاتصال لفظا أو حكما ، كانقطاعه بتنفس أو سعال ونحوه . وعنه : لا يحنث إذا قال ( إن شاء الله ) مع فصل يسير . ولم يتكلم . وجزم به في عيون المسائل . وهو ظاهر كلام الخرقي . وعنه : لا يحنث إذا استثنى في المجلس . وهو في الإرشاد عند بعض أصحابنا . قال في المبهج : ولو تكلم . قال في الرعاية الصغرى ، والحاوي الصغير : ومن حلف قائلا ( إن شاء الله ) قصدا ، فخالف : لم يحنث . وإن قالها في المجلس : فروايتان . وقال في الرعاية الكبرى : ومن حلف بيمين . وقال معها ( إن شاء الله ) مع قصده له في الأصح ، ولم يفصل بينهما بكلام آخر ، أو سكوت يمكنه الكلام فيه ، فخالف : لم يحنث . وإن قالها في المجلس : فروايتان . وعنه : يقبل إلحاقه بها قبل طول الفصل . انتهى . فائدتان

إحداهما : قال في الفروع : وكلام الأصحاب يقتضي : أن رده إلى يمينه لم ينفعه لوقوعها وتبين مشيئة الله . واحتج به الموقع في ( أنت طالق إن شاء الله ) . قال أبو يعلى الصغير في اليمين بالله ومشيئة الله تحقيق مذهبنا : أنه يقف على إيجاد فعل أو تركه . فالمشيئة متعلقة على الفعل . فإذا وجد تبينا أنه شاءه وإلا فلا . وفي الطلاق : المشيئة انطبقت على اللفظ بحكمه الموضوع له وهو الوقوع . الثانية : يعتبر نطقه بالاستثناء . إلا من خائف . نص عليه الإمام أحمد رحمه الله .

[ ص: 27 ] ولم يقل في المستوعب : خائف .

تنبيه : ظاهر كلام المصنف : أنه لا يعتبر قصد الاستثناء . وهو ظاهر كلام الخرقي ، وصاحب المحرر ، وجماعة . وهو أحد الوجهين . ذكره ابن البنا . وبناه على أن لغو اليمين عندنا صحيح . وهو ما كان على الماضي . وإن لم يقصده . واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله . ولو أراد تحقيقا لإرادته ونحوه ، لعموم المشيئة . والوجه الثاني : يعتبر قصد الاستثناء . اختاره القاضي . وجزم به في البلغة ، والوجيز ، والنظم . وصححه في الرعاية الكبرى . وتقدم لفظه في الرعاية الصغرى ، والحاوي الصغير . قال الزركشي : واشترط القاضي وأبو البركات وغيرهما ، مع فصل الاتصال : أن ينوي الاستثناء قبل تمام المستثنى منه . وظاهر بحث أبي محمد : أن المشترط قصد الاستثناء فقط . حتى لو نوى عند تمام يمينه : صح استثناؤه . قال : وفيه نظر . وأطلقهما في الفروع . وذكر في الترغيب وجها : اعتبار قصد الاستثناء أول الكلام . فائدتان

إحداهما : مثل ذلك في الحكم : لو حلف وقال ( إن أراد الله ) وقصد بالإرادة المشيئة . لا إن أراد محبته . ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله .

الثانية : لو شك في الاستثناء : فالأصل عدمه مطلقا . على الصحيح من المذهب .

[ ص: 28 ] وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله : الأصل عدمه ممن عادته الاستثناء . واحتج بالمستحاضة ، تعمل بالعادة والتمييز . ولم تجلس أقل الحيض . والأصل وجوب العبادة .

التالي السابق


الخدمات العلمية