الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي ، رضي الله عنه : " وإن نابها شيء في صلاتها صفقت ، وإنما التسبيح للرجال والتصفيق للنساء كما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم "

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح

                                                                                                                                            قد ذكرنا أن من سنة الرجال إذا نابه نائب في صلاته أن يسبح إماما كان ، أو مأموما ، ومن سنة المرأة أن تصفق ولا تسبح

                                                                                                                                            وقال مالك : التسبيح لها سنة

                                                                                                                                            وروي عن أبي حنيفة من وجه ضعيف : أن تصفيق المرأة يبطل صلاتها ، والدليل عليه ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم لما مرض أمر أبا بكر رضوان الله عليه ، فصلى بالناس فتقدم أبو بكر رضوان الله عليه ثم وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفسه خفة فخرج مسندا بين العباس بن عبد المطلب وأسامة بن زيد ، رضي الله عنهما ، فلما رآه المسلمون صفقوا إلى أبي بكر ، رضي الله عنه ، ليعلموه بمجيء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال : " من نابه شيء في صلاته فليسبح ، فإنما التسبيح للرجال ، والتصفيق للنساء فبطل بهذا الحديث قول مالك حيث جعل سنة النساء التسبيح دون التصفيق ، وسقط قول أبي حنيفة حيث أبطل صلاتهن بالتصفيق

                                                                                                                                            فأما صفة التصفيق ، فقد اختلف فيه أصحابنا على وجهين :

                                                                                                                                            [ ص: 164 ] أحدهما : وهو ظاهر مذهب الشافعي : أنها تصفق كيف شاءت إما بباطن الكف على ظاهر الأخرى ، أو بباطن الكف على باطن الأخرى ، أو بظاهر الكف على ظاهر الأخرى ، كل ذلك سواء لتناول الاسم له

                                                                                                                                            والوجه الثاني : وهو قول أبي سعيد الإصطخري : أنها تصفق بباطن الكف على ظاهر الأخرى ، أو بظاهر الكف على باطن الأخرى ، وأما بباطن إحديهما على باطن الأخرى فلا يجوز لمضاهاته تصفيق اللعب واللهو ، فإن خالفت المرأة فسبحت ، أو خالف الرجل فصفق فصلاتهما مجزئة ، ولا سجود للسهو

                                                                                                                                            وقال بعض أصحابنا : تسبيح المرأة جائز وتصفيق الرجل عامدا يبطل صلاته ، وساهيا لا يبطلها ، ولكن إن تطاول سجد للسهو كالعمل الكثير ، وإن لم يتطاول فلا سهو عليه ، وهذا غير صحيح ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبطل صلاة من صفق خلف أبي بكر ، رضي الله عنه ، ولا أمرهم بالإعادة ولا سجود السهو ، وإنما أمرهم بالسنة وندبهم إلى الأفضل

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية