الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 262 ] وسدل يديه ، وهل يجوز القبض في النفل ، أو إن طول ؟ وهل كراهته في الفرض للاعتماد ، أو خيفة أعتقاد وجوبه ، أو إظهار خشوع ؟ [ ص: 263 ] تأويلات ، وتقديم يديه في سجوده ، وتأخيرهما عند القيام ، وعقده يمناه في تشهديه الثلاث ، مادا السبابة والإبهام ، وتحريكهما دائما

التالي السابق


( و ) ندب لكل مصل ( سدل ) أي إرسال ( يديه ) لجنبيه من حين تكبير الإحرام وكره قبضهما بفرض بأي هيئة كان .

( وهل يجوز القبض ) لكوع اليسرى بيده اليمنى واضعا لهما تحت صدره وفوق سرته ( في النفل ) طول أو لا ( أو ) يجوز ( إن طول ) المصلي فيه ويكره إن قصر تأويلان الأول ظاهر المدونة عند غير ابن رشد ، وهو المعتمد لجواز الاعتماد في النفل بلا عذر والثاني لابن رشد ( وهل كراهته ) أي القبض ( في الفرض ) التي في قول المدونة يكره وضع يمناه على يسراه في الفرض لا النفل لطول القيام ا هـ .

بأي صفة كان فالمراد به هنا مقابل السدل لا ما سبق فقط ( ل ) قصد ( الاعتماد ) أي الاستناد به وهذا تأويل عبد الوهاب والمعتمد ، فلو فعله للاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم أو لم يقصد شيئا فلا يكره . ويجوز في النفل مطلقا لجواز الاعتماد فيه بلا عذر ( أو ) كراهته فيه ( خيفة اعتقاد وجوبه ) من العوام وهذا تأويل الباجي واستبعد باقتضائه كراهة جميع المندوبات خيفه اعتقاد وجوبها وضعف باقتضائه التسوية بين الفرض والنفل في الكراهة وقد فرق الإمام رضي الله تعالى عنه بينهما في المدونة فأجازه في النفل وكرهه في الفرض .

( أو ) كراهته فيه خيفة ( إظهار الخشوع ) وليس خاشعا في الباطن قال أبو هريرة رضي الله تعالى عنه أعوذ بالله من خشوع النفاق ، قيل وما هو ، قال أن يرى الجسد خاشعا [ ص: 263 ] والقلب غير خاشع وهذا تأويل عياض وضعف باقتضائه كراهته في النفل أيضا وقد أجازه الإمام رضي الله تعالى عنه فيه في ذلك ( تأويلات ) لشارحي المدونة خمسة ، اثنان في الأولى ، وثلاثة في الثانية ، وبقي من تأويلات كراهة القبض مخالفته لعمل الصحابة والتابعين من أهل المدينة الدالة على نسخه وإن صح به الحديث .

( و ) ندب ( تقديم يديه ) في وضعهما على الأرض على وضع ركبتيه عليها ( في ) هويه ل ( سجوده وتأخيرهما ) أي اليدين في رفعهما عن الأرض عن رفع ركبتيه عنها ( عند القيام ) منه ابن رشد هذا أولى الأقوال بالصواب لما في أبي داود والنسائي من قوله صلى الله عليه وسلم { لا يبركن أحدكم كما يبرك البعير ، ولكن يضع يديه ثم ركبتيه } . ومعناه أن المصلي لا يقدم ركبتيه عند انحطاطه لسجوده كما يقدمهما البعير عند بروكه ، ولا يؤخرهما في القيام لعسره غالبا قال مالك في سماع أشهب رضي الله تعالى عنهما لا يطيق هذا إلا الشاب القليل اللحم كما يؤخرهما البعير في قيامه ، والمراد ركبتا البعير اللتان في يديه لأنه يقدمهما في بروكه ويؤخرهما في قيامه .

( و ) ندب ( عقده ) أي ضم المصلي ( يمناه ) على اللحمة التي تحت إبهامه ( في ) حال ( تشهديه ) أي تشهد القيام وتشهد السلام وأبدل من يمناه أصابعه ( الثلاث ) بدل بعض من كل مقدر الضمير الرابط له بها أي منها أي الوسطى والبنصر والخنصر وأطرافها على لحمة الإبهام حال كونه ( مادا ) أصبعه ( السبابة ) جاعلا جنبها الأعلى لجهة السماء ( و ) مادا أصبعه ( الإبهام ) بجنبها على أنملة الوسطى السفلى هذا قول الأكثر . وقيل يجعل رءوس الثلات وسط كفه ، ويمد السبابة والإبهام كما تقدم وقيل يجعلها كذلك ويجعل طرف إبهامه على أنملة الوسطى والسفلى . وحمل كلام المصنف على الأول لأنه قول الأكثر وإن احتمل الأخيرين أيضا .

( و ) ندب ( تحريكها ) أي السبابة يمينا وشمالا تحريكا ( دائما ) تت أي في تشهده [ ص: 264 ] وآخره ورسوله عبق هذا يقتضي أنه لا يحركها في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء عقبه إلى السلام ، والذي شاهدت علماء عصرنا عليه تحريكها للسلام ولو بعد فراغ الدعاء وانتظار سلام الإمام ، وهذا مقتضى التعليل بأنها مقمعة للشيطان لتذكر المصلي به ما يمنعه عن السهو في صلاته والشغل عنها ، وخصت السبابة به لاتصال عروتها بنياط القلب فإذا تحركت انزعج فتنبه لذلك وقيل يقصد بتحريكها الإشارة إلى أن الله إله واحد . ابن ناجي لو قطعت اليمنى لا يحرك اليسرى لأن شأنها البسط على الفخذ مقرونة الأصابع قاله النووي ، التادلي فيه مجال البحث إذ قد يقال إنما شأنها البسط مع وجود اليمنى لا مع فقدها .




الخدمات العلمية