الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الفصل الخامس : في هزله ، قال صاحب البيان : المشهور أن هزل النكاح كجده ، وقاله الأئمة لما في الترمذي ، قال عليه السلام : ( ثلاث هزلهن جد : الطلاق ، والنكاح ، والرجعة ) ، وفي الموطأ موقوفا على سعيد بن المسيب ، وعوض الرجعة : العتاق ، وروي عن مالك أن هزله هزل لقوله عليه السلام : ( الأعمال بالنية ، وإنما لامرئ ما نوى ) .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال صاحب البيان : إذا خطب المرأة فقال الولي : تزوجت فلانا ، وقال بعد ذلك : أردت الدفع ، قال ابن القاسم : إن حلف فلان ثبت نكاحه إن قامت بينة على إقراره ، وأما بقول الأب الخاطب فالقول قول الأب مع يمينه ، وقال أصبغ : النكاح لفلان طلب بنكاح سابق أو بهذا القول ; لأن [ ص: 404 ] النكاح لا لعب فيه ، وقال محمد : لا يلزم بهذا ولا بدعوى متقدمة ، قال : وهو أشبه الأقوال .

                                                                                                                قاعدة : لله تعالى أحكام في الظاهر على يد الحاكم لا تثبت في الباطن على ألسنة المفتين ، كالأقضية المستندة إلى الأقارير ، والبينات الكاذبة ، وكل حكم في الباطن فهو حكم الله تعالى في الظاهر إذا ثبت ، وقد يثبت في القضاء ما لا يثبت في الفتوى ، فمعنى قول العلماء هزل هذه الثلاثة جد ليس معناه ما دلت القرائن فيه على اللعب ، بل المستعمل للفظ له ثلاث حالات تارة يستعمله فيما وضع له فهذا يلزم في القضاء والفتوى ، وتارة يستعمله في غير ما وضع له مجازا ، فهذا لا يلزم في الفتوى ويلزم في القضاء ، إلا أن يدل دليل على إرادته المجاز ، وتارة يطلق اللفظ ولا يستعمله في شيء ، فهذا هو الهزل لا يلزم في الفتوى على المشهور ، وإن دل دليل على ذلك في القضاء لا يلزم ، وإلا لزم بناء على الظاهر ، فتأمل هذا المكان فتحقيقه عزيز ، وإنما جعل الشرع الهزل في هذا الباب كالجد احتياطا له لشرفه ، وعظيم ما يترتب عليه .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية