الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      3380 حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع حبل الحبلة حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا يحيى عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه و قال وحبل الحبلة أن تنتج الناقة بطنها ثم تحمل التي نتجت [ ص: 183 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 183 ] ( عن بيع حبل الحبلة ) : الحبل بفتح الحاء المهملة والباء ، وغلط عياض من سكن الباء ، وهو مصدر حبلت تحبل ، والحبلة بفتحهما أيضا جمع حابل مثل ظلمة وظالم ، والهاء فيه للمبالغة ، وقيل : هو مصدر سمى به الحيوان ، كذا في النيل ويأتي تفسير بيع حبل الحبلة في الباب من المؤلف ، والحديث أخرجه البخاري والنسائي . ( قال وحبل الحبلة ) : قال الزرقاني في شرح الموطأ ، وهذا التفسير من قول ابن عمر كما جزم به ابن عبد البر وغيره لما في مسلم من طريق عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال " كان أهل الجاهلية يتبايعون لحم الجزور إلى حبل الحبلة وحبل الحبلة أن تنتج الناقة ثم تحمل التي نتجت فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم " انتهى . ( أن تنتج ) : بضم أوله وفتح ثالثه مبنيا للمفعول من الأفعال التي لم تسمع إلا كذلك نحو جن ( الناقة ) : بالرفع بإسناد تنتج إليها ( بطنها ) : أي ما في بطنها والمعنى تلد ولدها ( ثم تحمل التي نتجت ) : ووقع في رواية للبخاري بعد الحديث المرفوع " وكان بيعا يتبايعه أهل الجاهلية كان الرجل يبتاع الجزور إلى أن تنتج الناقة ثم تنتج التي في بطنها " .

                                                                      قال القسطلاني : وصفته كما قاله الشافعي ومالك وغيرهما : أن يقول البائع بعتك هذه السلعة بثمن مؤجل إلى أن تنتج هذه الناقة ثم تنتج التي في بطنها ، لأن الأجل فيه مجهول ، وقيل هو بيع ولد ولد الناقة في الحال ؛ بأن يقول : إذا نتجت هذه الناقة ثم نتجت التي في بطنها فقد بعتك ولدها لأنه بيع ما ليس بمملوك ولا معلوم ولا مقدور على تسليمه فيدخل في بيع الغرر ، وهذا الثاني تفسير أهل اللغة وهو أقرب لفظا وبه قال أحمد ، والأول أقوى لأنه تفسير الراوي وهو ابن عمر وهو أعرف وليس مخالفا للظاهر فإن ذلك هو الذي كان في الجاهلية والنهي وارد عليه .

                                                                      قال النووي : ومذهب الشافعي ومحققي الأصوليين أن تفسير الراوي مقدم إذا لم يخالف الظاهر ومحصل الخلاف كما قاله ابن التين : هل المراد البيع إلى أجل أو بيع الجنين [ ص: 184 ] وعلى الأول هل المراد بالأجل ولادة الأم أو ولادة ولدها ، وعلى الثاني هل المراد بيع الجنين الأول أو بيع جنين الجنين فصارت أربعة أقوال انتهى . والحديث أخرجه مسلم .




                                                                      الخدمات العلمية