الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      3410 حدثنا أيوب بن محمد الرقي حدثنا عمر بن أيوب حدثنا جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران عن مقسم عن ابن عباس قال افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر واشترط أن له الأرض وكل صفراء وبيضاء قال أهل خيبر نحن أعلم بالأرض منكم فأعطناها على أن لكم نصف الثمرة ولنا نصف فزعم أنه أعطاهم على ذلك فلما كان حين يصرم النخل بعث إليهم عبد الله بن رواحة فحزر عليهم النخل وهو الذي يسميه أهل المدينة الخرص فقال في ذه كذا وكذا قالوا أكثرت علينا يا ابن رواحة فقال فأنا ألي حزر النخل وأعطيكم نصف الذي قلت قالوا هذا الحق وبه تقوم السماء والأرض قد رضينا أن نأخذه بالذي قلت حدثنا علي بن سهل الرملي حدثنا زيد بن أبي الزرقاء عن جعفر بن برقان بإسناده ومعناه قال فحزر وقال عند قوله وكل صفراء وبيضاء يعني الذهب والفضة له حدثنا محمد بن سليمان الأنباري حدثنا كثير يعني ابن هشام عن جعفر بن برقان حدثنا ميمون عن مقسم أن النبي صلى الله عليه وسلم حين افتتح خيبر فذكر نحو حديث زيد قال فحزر النخل وقال فأنا ألي جذاذ النخل وأعطيكم نصف الذي قلت [ ص: 215 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 215 ] ( أخبرنا جعفر بن برقان ) : بضم الموحدة وسكون الراء ( أن له ) أي للنبي صلى الله عليه وسلم ( وكل صفراء ) : أي الذهب ( وبيضاء ) : أي الفضة ( يصرم النخل ) : أي يقطع ثمرها ويجد ، والصرام قطع الثمرة واجتناؤها ( عبد الله بن رواحة ) : بفتح الراء ( فحزر عليهم النخل ) : بتقديم الزاي على الراء ، والحزر هو الخرص والتقدير ( فقال ) : أي ابن رواحة ( في ذه ) : أي في هذه النخلات ( ألي ) : بصيغة المتكلم من الولاية ( قالوا ) : أي أهل خيبر ( هذا الحق وبه تقوم السماء والأرض ) : أي بهذا الحق والعدل قامت السماوات فوق الرءوس بغير عمد ، والأرض استقرت على الماء تحت الأقدام .

                                                                      وفيه الدليل على العمل بخبر الواحد ، إذ لو لم يجب به الحكم ما بعث صلى الله عليه وسلم ابن رواحة وحده .

                                                                      وفي الموطأ " فجمعوا حليا من حلي نسائهم فقالوا هذا لك وخفف عنا وتجاوز في القسمة ، فقال : يا معشر اليهود والله إنكم لمن أبغض خلق الله إلي وما ذاك بحاملي أن أحيف عليكم . أما الذي عرضتم من الرشوة فإنها سحت وإنا لا نأكلها ، قالوا : بهذا قامت السماوات والأرض .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه ابن ماجه .

                                                                      [ ص: 216 ] ( قال فحزر ) : أي من غير ذكر النخل ( يعني الذهب والفضة ) : أي يريد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله صفراء وبيضاء : الذهب والفضة ( له ) : أي للنبي صلى الله عليه وسلم . ( فأنا ألي ) : بصيغة المتكلم ( جذاذ النخل ) : بكسر الجيم وفتحها وبذالين معجمتين أي قطع ثمرها وصرامه .

                                                                      قلت : وهذه الأحاديث هي عمدة من أجاز المزارعة والمخابرة لتقرير النبي صلى الله عليه وسلم لذلك واستمراره على عهد أبي بكر إلى أن أجلاهم عمر ، وفيها دلالة على جواز المساقاة في النخل والكرم وجميع الشجر الذي من شأنه أن يثمر بجزء معلوم يجعل للعامل من الثمرة ، وبه قال الجمهور .

                                                                      وقال أبو حنيفة وزفر : لا يجوز بحال لأنها إجارة بثمرة معدومة أو مجهولة . وأجاب من جوزه بأنه عقد على عمل في المال ببعض نمائه فهو كالمضاربة ، لأن المضارب يعمل في المال بجزء من نمائه وهو معدوم ومجهول ، وقد صح عقد الإجارة مع أن المنافع معدومة فكذلك هاهنا وأيضا فالقياس في إبطال نص أو إجماع مردود . واستدل من أجازه في جميع الثمر بأن في بعض طرق رواية البخاري " بشطر ما يخرج منها من نخل وشجر " وفي بعض روايته : على أن لهم الشطر من كل زرع ونخل وشجر .

                                                                      واستدل بقوله " على شطر ما يخرج منها " لجوازه المساقاة بجزء معلوم لا مجهول .

                                                                      واستدل به على جواز إخراج البذر من العامل أو المالك لعدم تقييده في الحديث بشيء من ذلك . وفيه دليل على جواز دفع النخل مساقاة والأرض مزارعة من غير ذكر سنين معلومة ، فيكون للمالك أن يخرج العامل متى شاء كذا في فتح الباري .




                                                                      الخدمات العلمية