الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 125 ] الرابع : قال ابن أبي موسى ومن تبعه : من كثر منه السهو ، حتى صار كالوسواس فإنه يلهو عنه ; لأنه يخرج به إلى نوع مكابرة فيقضي إلى الزيادة في الصلاة مع تيقن إتمامها ونحوه فوجب اطراحه ، وكذا في الوضوء والغسل وإزالة النجاسة نحوه ] قوله ( وإن سبح به اثنان لزمه الرجوع ) يعني إذا كانا ثقتين ، هذا المذهب ، وعليه الأصحاب ، سواء قلنا : يعمل بغلبة ظنه أو لا ، وعنه يستحب الرجوع فيعمل بيقينه أو بالتحري ، وذكر في مجمع البحرين في الفاسق احتمالا يرجع إلى قوله ، إن قلنا يصح أذانه قال في الفروع : وفيه نظر ، وقيل : إن قلنا يبني على غلبة ظنه رجع ، وإلا فلا اختاره ابن عقيل ، ذكره في القاعدة التي قبل الأخيرة .

تنبيهات . الأول : ظاهر كلام المصنف وغيره من الأصحاب : أنه رجع إلى ثقتين ، ولو ظن خطأهما ، وهو صحيح جزم به المصنف ، وابن تميم ، والفائق ، وقال : نص عليه قال في الفروع : وهو ظاهر كلامهم قال : ويتوجه تخريج واحتمال من الحكم مع الريبة ، يعني أنه لا يلزمه الرجوع إذا ظن خطأهما . الثاني : مفهوم كلام المصنف : أنه لا يلزمه الرجوع إذا سبح به واحد ، وهو صحيح ، وهو المذهب ، وأطلق الإمام أحمد أنه لا يرجع لقوله ، وقيل : يرجع إلى ثقة في زيادة فقط واختار أبو محمد الجوزي : يجوز رجوعه إلى واحد يظن صدقه وجزم به في الفائق قال في الفروع : ولعل المراد ما ذكره الشيخ يعني به المصنف إن ظن صدقه عمل بظنه لا بتسبيحه .

الثالث : محل قبول الثقتين والواحد إذا قلنا يقبل إذا لم يتيقن صواب نفسه [ ص: 126 ] فإن تيقن صواب نفسه لم يرجع إلى قولهم ، ولو كثروا . هذا جادة المذهب ، وعليه جماهير الأصحاب ، وقال أبو الخطاب : يرجع إلى قولهم ، ولو تيقن صواب نفسه قال المصنف : وليس بصحيح قال في الفائق : وهو ضعيف ، وذكره الحلواني رواية كحكمه بشاهدين وتركه يقين نفسه قال في الفروع : وهذا سهو ، وهو خلاف ما جزم به الأصحاب ، إلا أن يكون المراد ما قاله القاضي بترك الإمام اليقين ، ومراده الأصل قال : كالحاكم يرجع إلى الشهود ويترك الأصل واليقين ، وهو براءة الذمم ، وكذا شهادتهما برؤية الهلال يرجع إليهما ويترك اليقين والأصل ، وهو بقاء الشهر .

الرابع : قد يقال : شمل كلام المصنف المصلي وحده ، وأنه كالإمام في تنبيهه ، وهو صحيح ، وهو المذهب فحيث قلنا : يرجع الإمام إلى المنبه : يرجع المنفرد إذا نبه قال القاضي : هو الأشبه بكلام الإمام أحمد وقدمه في الفروع ، وقيل : لا يرجع المنفرد ، وإن رجع الإمام ; لأن من في الصلاة أشد تحفظا ، وأطلقهما ابن تميم ، الخامس : قال في الفروع : ظاهر كلامهم : أن المرأة كالرجل في هذا ، وإلا لم يكن في تنبيهها فائدة ، ولما كره تنبيها بالتسبيح ونحوه ، وقد ذكره في مجمع البحرين احتمالا له وقواه ونصره ، وقال في الفروع : ويتوجه في المميز خلافه وكلامهم ظاهر فيه .

السادس : لو اختلف عليه من ينبهه سقط قولهم ، ولم يرجع إلى أحد منهم على الصحيح من المذهب ، ونقله المروذي عن الإمام أحمد واختاره ابن حامد وقدمه في الفروع ، والفائق ، [ ص: 127 ] وقيل : يعمل بقول موافقه قال في الوسيلة : هو أشبه بالمذهب وهو اختيار أبي جعفر ، وقيل : يعمل بقول مخالفه اختاره ابن حامد ، قاله ابن تميم ، [ السابع : يلزم المأمومين تنبيه الإمام إذا سها قاله المصنف وغيره فلو تركوه فالقياس فساد صلاتهم ] قوله ( فإن لم يرجع بطلت صلاته وصلاة من اتبعه عالما ) على الصحيح من المذهب : أن صلاة من اتبعه عالما تبطل ، وعليه الأصحاب ، وعنه لا تبطل ، وعنه تجب متابعته في الركعة ، لاحتمال ترك ركن قبل ذلك فلا يترك بتعين المتابعة بالشك ، وعنه يخير في متابعته ، وعنه يستحب متابعته ، وقيل : لا تبطل إلا إذا قلنا : يبني على اليقين فأما إن قلنا يبني على غلبة ظنه لم تبطل ، ذكره في الرعاية قوله ( وإن فارقه ، أو كان جاهلا لم تبطل ) يعني صلاته ، وكذا إن نسي ، وهذا المذهب ، وعليه الأصحاب ، وعنه تبطل ، وأطلق في الفائق فيما إذا جهلوا وجوب المفارقة الروايتين .

التالي السابق


الخدمات العلمية