الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

وكتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى صاحب اليمامة هوذة بن علي ، وأرسل به مع سليط بن عمرو العامري : ( بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى هوذة بن علي ، سلام على من اتبع الهدى ، واعلم أن ديني سيظهر إلى منتهى الخف والحافر ، فأسلم تسلم ، وأجعل لك ما تحت يديك ) فلما قدم عليه سليط بكتاب [ ص: 608 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم مختوما أنزله وحياه واقترأ عليه الكتاب ، فرد ردا دون رد ، وكتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم : ما أحسن ما تدعو إليه وأجمله ، والعرب تهاب مكاني ، فاجعل إلي بعض الأمر أتبعك ، وأجاز سليطا بجائزة ، وكساه أثوابا من نسج هجر ، فقدم بذلك كله على النبي صلى الله عليه وسلم ، فأخبره وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم كتابه فقال : ( لو سألني سيابة من الأرض ما فعلت باد وباد ما في يديه ) .

فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفتح ، جاءه جبريل عليه السلام : بأن هوذة قد مات ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أما إن اليمامة سيخرج بها كذاب يتنبأ يقتل بعدي " فقال قائل : يا رسول الله من يقتله ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنت وأصحابك ) فكان كذلك .

وذكر الواقدي أن أركون دمشق عظيم من عظماء النصارى كان عند هوذة فسأله عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : جاءني كتابه يدعوني إلى الإسلام ، فلم أجبه ، قال الأركون : لم لا تجيبه ؟ قال : ضننت بديني وأنا ملك قومي ، وإن تبعته لم أملك ، قال : بلى والله لئن تبعته ليملكنك ، فإن الخيرة لك في اتباعه وإنه للنبي العربي الذي بشر به عيسى ابن مريم ، وإنه لمكتوب عندنا في الإنجيل محمد رسول الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية