الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رحمه الله تعالى : " وركع أبو بكرة وحده وخاف أن تفوته الركعة ، وذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يأمره بالإعادة " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال إذا اصطف الناس خلف إمامهم في الصلاة ، ثم جاء رجل يريد الدخول معهم ، فالمختار له أن يقف في صفهم ، ويجذب إليه فيقفان جميعا خلفه ، فإن أبى ووقف وحده منفردا فقد أساء وصلاته مجزئة ، وبه قال أبو حنيفة ، وفقهاء الأمصار ، وقال إبراهيم النخعي ، والحسن بن صالح ، وأحمد ، وإسحاق : لا تصح صلاته إذا انفرد تعلقا برواية أبي سالم بن أبي الجعد [ ص: 341 ] عن وابصة بن معبد أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فأبصر رجلا صلى خلف الصف ، فأمره بإعادة الصلاة وبرواية عبد الرحمن بن علي بن شيبان ، عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ، فلما انصرف أبصر رجلا يصلي خلف الناس ، فوقف عليه فلما فرغ قال : " أعد صلاتك ، فإنه لا صلاة لفذ خلف الصف .

                                                                                                                                            والدلالة على صحة ما ذكرناه رواية الحسن ، عن أبي بكرة أنه دخل المسجد وهو يلهث فلما فرغ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الذي ركع خلف الصف وحده ؟ فقلت : أنا ، قال : " زادك الله حرصا ، ولا تعد فلو كان انفراده قادحا في صلاته لأمره بالإعادة .

                                                                                                                                            فإن قيل فقد نهاه ، وقال : لا تعد ، قلنا : في معنى نهيه ثلاثة أجوبة :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه نهاه عن السعي واللهث ، وذلك ممنوع منه لنهيه صلى الله عليه وسلم ، فإن فعل لم يعد ، ولأن كل من صحت صلاته خلف الصف مع غيره صحت صلاته منفردا كالمرأة خلف الرجال .

                                                                                                                                            فأما حديث عبد الرحمن بن علي فدلالة عليهم ، لأنه وقف عليه حتى فرغ من صلاته ، ولو كانت باطلة لأمره بالإعادة قبل إتمامها ، وأما قوله صلى الله عليه وسلم فإنه لا صلاة لمنفرد خلف الصف فغير كاملة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية