الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( أو ) حلف ( لا يزوج أو لا يطلق أو لا يعتق أو لا يضرب فوكل من فعله ) ( لا يحنث ) لأن حلفه على فعل نفسه ولم يوجد سواء في ذلك أكان لائقا بالحالف فعله بنفسه ويحسنه أو لا وسواء أكان حاضرا فعل الوكيل أم لا ، وإنما جعلوا إعطاء وكيلها بحضرتها .

                                                                                                                            بإعطائها كما مر في الخلع في إن أعطيتني لأنه حينئذ يسمى إعطاء ، وأوجبوا التسوية بين الموكل وخصمه في المجلس بين يدي القاضي ، ولم ينظروا للوكيل لكسر قلب الخصم بتمييز خصمه حقيقة وهو الموكل عليه ( إلا أن يريد أن لا يفعل هو ولا غيره ) فيحنث بالتوكيل في كل ما ذكر لأن المجاز المرجوح يصير قويا بالنية والجمع بين الحقيقة والمجاز .

                                                                                                                            قاله الشافعي وغيره وإن استبعده أكثر الأصوليين ، ولو حلف لا يبيع ولا يوكل لم يحنث ببيع وكيله قبل الحلف لأنه بعده لم يوكل ولم يباشر ، وأخذ منه البلقيني أنه لو حلف لا تخرج زوجته إلا بإذنه وكان أذن لها قبل الحلف في الخروج إلى موضع معين فخرجت إليه بعد اليمين لم يحنث ، وفي ذلك نظر ، والأقرب الحنث ( أو لا ينكح ) ولا نية له ( حنث بعقد وكيله له ) لأن الوكيل في النكاح سفير محض ولهذا يتعين إضافة القبول له كما مر ، ولو حلفت مجبرة لا تتزوج لم تحنث بتزويج المجبر لها بخلاف ما لو زوجت الثيب بإذنها [ ص: 216 ] لوليها .

                                                                                                                            قاله البلقيني .

                                                                                                                            وما أفتى به من عدم حنث من حلف لا يراجع فوكل من راجع له مفرع على رأيه أنه لا يحنث بتزويج الوكيل له من حلف لا يتزوج وهو مردود ، والقول بذلك لأنهم اغتفروا فيها لكونها استدامة ما لا يغتفر في الابتداء ليس بشيء ( لا بقبوله ) هو ( لغيره ) لما مر أنه سفير محض فلم يصدق عليه أنه نكح ، نعم لو نوى أنه لا يفعل ذلك لنفسه ولا لغيره حنث كما علم مما مر ، أما لو نوى بما ذكر الوطء لم يحنث بعقد وكيله لما مر من أن المجاز يتقوى بالنية ( أو لا يبيع ) .

                                                                                                                            ( أو لا يؤجر مثلا ) ( مال زيد ) أو لزيد مالا خلافا للبلقيني في الفرق بينهما ومن ثم تعين في لا تدخل لي دارا أن لي حالا من دارا قدم عليها لكونها نكرة وليس متعلقا بتدخل لأن ذلك هو المتبادر من هذه العبارة فيحنث بدخول دار الحالف وإن كان فيها ودخل لغيره لا دار غيره وإن دخل له ( فباعه بإذنه ) أو إذن نحو ولي أو حاكم أو بظفر مع علمه بكونه مال زيد .

                                                                                                                            والحاصل أن يبيعه بيعا صحيحا ( حنث ) لصدق الاسم ( وإلا ) بأن باعه بيعا باطلا ( فلا ) حنث لما مر من أن العقد عند الإطلاق مختص بالصحيح وكذا العبادات إلا الحج ( أو لا ) يتبرع وأطلق شمل كل تبرع من نحو صدقة وعتق ووقف وإبراء لا نحو زكاة أو لا ( يهب له ) أي لزيد ( فأوجب له ) العقد ( فلم يقبل لم يحنث ) لعدم تمام الهبة ويجري هذا في كل عقد يحتاج لإيجاب وقبول ( وكذا إن قبل ولم يقبض في الأصح ) لا يحنث لأن مقصود الهبة نقل الملك ولم يوجد ، والثاني يحنث لأن الهبة قد حصلت والمتخلف الملك .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : وهو الموكل عليه ) متعلق بتمييز ( قوله ) : ( فيحنث بالتوكيل ) أي بفعل الوكيل الناشئ عن التوكيل ( قوله : لأنه بعده ) أي الحلف ( قوله : لم تحنث بتزويج المجبر ) ظاهره وإن أذنت له وقد يتوقف فيه لوجود الإذن فالأقرب الحنث بإذنها المذكور ( قوله بخلاف ما لو زوجت الثيب ) أي أو البكر بأن زوجها غير الأب والجد بإذنها فيحنث [ ص: 216 ] قوله : وهو مردود ) أي فيحنث بمراجعة الوكيل ( قوله : والقول بذلك ) وقائله حج ( قوله لم يحنث ) أي ويقبل منه ذلك ظاهرا ( قوله فيحنث بدخول دار الحالف ) أي ومثل ذلك ما لو قال لا أدخل لك دارا .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : لأنه حينئذ يسمى إعطاء ) هل يجري ذلك هنا كذا قاله ابن قاسم مع أنه مر قبله النص على أنه ليس كفعله ( قوله : عليه ) متعلق بتمييز ( قوله المرجوح ) لعله صفة كاشفة إذ هو مرجوح بالنسبة للحقيقة لأصالتها ( قوله : وفي ذلك نظر ) أي في الحكم بدليل قوله والأقرب الحنث ، وعبارة التحفة صريحة في أن النظر في أصل الأخذ أيضا ووجه النظر فيه ظاهر ( قوله : لم يحنث بتزويج المجبر لها ) أي بالإجبار كما هو ظاهر ، بخلاف ما إذا أذنت ، وقد يقال هلا انتفى الحنث عن المرأة مطلقا بتزويج الولي نظير ما مر فيما لو حلف لا يحلق رأسه بل أولى لأن الحقيقة متعذرة أصلا ، والقول بحنثها إنما يناسب مذهب أبي حنيفة أنه إذا تعذرت الحقيقة وجب الرجوع إلى المجاز فليتأمل [ ص: 216 ] قوله ومن ثم تعين في لا تدخل لي دارا إلخ ) خالف في هذا فتاويه فجعل لي متعلقا بتدخل عكس ما هنا وما هنا موافق لما أفتى به والده ( قوله : قدم عليها لكونها نكرة ) يعني لما أريد إعرابه حالا قدم لأجل تنكير صاحبه بعد أن كان وصفا في حال تأخيره ( قوله : بأن باعه بيعا باطلا ) هو تفسير مراد




                                                                                                                            الخدمات العلمية