الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 440 ] وأخر الظهر : راج زوال عذره ، وإلا فله التعجيل ، وغير المعذور إن صلى الظهر مدركا لركعة : لم يجزه ، [ ص: 441 ] ولا يجمع الظهر إلا ذو عذر ، واستؤذن إمام ووجبت إن منع ، وأمنوا ، وإلا لم تجز .

التالي السابق


( وأخر ) بفتحات مثقلا ندبا ( الظهر ) معذور بعذر مبيح التخلف عن الجمعة ( راج زوال عذره ) قبل صلاتها كمحبوس ظن الخلاص ومسافر ظن القدوم ومريض ظن العافية ( وإلا ) أي ، وإن لم يرجه قبلها بأن تحقق أو ظن استمراره إلى فواتها أو شك فيه ( فله التعجيل ) للظهر على جهة الأولوية ليدرك فضيلة أول الوقت لكن عقب فراغ الجمعة .

( و ) الشخص ( غير المعذور ) الذي لزمته الجمعة ولو لم تنعقد به كمقيم في غير بلده أربعة أيام أو خارج البلد بكفرسخ من النار . ( إن صلى الظهر ) فذا أو في جماعة حال كونه ( مدركا ) بضم فسكون فكسر أي محصلا ( لركعة ) من الجمعة مع الجماعة على فرض سعيه لها تحقيقا أو ظنا ( لم تجزه ) ظهره في براءة ذمته من الواجب عليه وبعدها ظهرا أبدا إن لم تمكنه الجمعة ، وإلا لزمته ، هذا قول ابن القاسم وأشهب وعبد الملك بناء على أن الجمعة فرض يومها والظهر بدلها في الفعل فالواجب عليه الجمعة ولم يصلها وسواء أحرم بالظهر عازما على عدم صلاة الجمعة أم لا عامدا أو ساهيا ، فإن لم يكن وقت إحرام الظهر مدركا ركعة من الجمعة لو سعى لها أجزأته [ ص: 441 ] ظهره . وقال ابن نافع غير المعذور إن صلى الظهر مدركا ركعة تجزئه إذ كيف يعيدها أربعا ، وقد صلاها أربعا . ولأنه قد أتى بالأصل ، وهو الظهر . وبنى المازري المسألة على أن الجمعة فرض يومها أو بدل عن الظهر ، وأما من لم تجب عليه فتجزئه صلاة الظهر ولو كان يدرك الركعتين .

( ولا يجمع ) بفتح فسكون أي لا يصلي ( الظهر ) في جماعة من فاتته الجمعة مع الجماعة أي يكره ( إلا ذو ) أي صاحب ( عذر ) كثير الوقوع كمرض وحبس وسفر فيسن لهم الجمع ، ويندب تأخيرهم عن صلاة الجمعة ، وإخفاء جماعتهم فلا يؤذنون ولا يجمعون في مسجد له راتب لئلا يتهموا بالزهد في صلاة الجمعة فيكره الجمع لمن فاتته لعذر نادر الوقوع كخوف بيعة أمير ظالم ونسيان . وإن جمعوا فلا يعيدون . ابن رشد لأن النهي لم يرجع لأصل الصلاة بل لوصفها ، وهو الجمع فهي مجزئة بأصلها مكروهة بوصفها .

( واستؤذن ) بضم التاء وسكون الهمز ، وكسر الذال المعجمة في ابتداء إقامتها ببلد مستوف لشروطها لا جمعة فيه ( إمام ) أي سلطان أو نائبه ندبا ، فإن أذن فيها أو سكت وجبت عليهم صلاتها ( ووجبت ) صلاة الجمعة على أهل البلد المستوفين شروطها ( إن منع ) الإمام إقامتها فيه ( وأمنوا ) بفتح فكسر أي لم يخافوا من ضرره . ( وإلا ) أي ، وإن لم يأمنوا أو صلوا الجمعة مع منعه ( لم تجز ) بضم فسكون أي لم تصح ويعيدونها ظهرا ; لأن مخالفته لا تحل وما لا يحل لا يكفي فعله عن الواجب قاله [ ص: 442 ] الإمام مالك رضي الله تعالى عنه . واستظهر ابن غازي الإجزاء وضبط تجز بفتح فضم قائلا في هذا التعليل نظر لوجوده فيما إذا منع ، وأمنوا والنص وجوبها حينئذ ، ومحل هذا إن منعهم جورا . وأما إن منعهم اجتهادا لرؤيته عدم استيفائهم شروطها فلا تجزيهم ويعيدونها ظهرا أبدا .




الخدمات العلمية