الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولا تقبل شهادة العاقلة بفسق شهود قتل ) أو نحوه ( يحملونه ) أو بتزكية شهود الفسق لدفعهم بذلك الغرم عن أنفسهم وكذا إن لم يحملوه لفقرهم لا لكون الأقربين يفون بالواجب لأن الغني قريب في الفقير بخلاف الموت ولا نظر إلى تحمل البعيد لفقر غيره ؛ لأن الإنسان كثيرا يقرب غنى نفسه ويعرض عن أمر غيره غنى وفقرا فالتهمة المبنية على تقدير غنى نفسه أظهر من التهمة المبنية على فقر غيره الغني أما قتل لا يحملونه كبينة بإقراره أو بأنه قتل عمدا فتقبل شهادتهم بنحو فسقهم إذ لا تهمة ( ولو شهد اثنان على اثنين بقتله ) أي المدعى به ( فشهدا على الأولين بقتله ) مبادرين في المجلس أو بعده

                                                                                                                              ( فإن صدق الولي ) المدعي ( الأولين ) يعني استمر على تصديقهما حتى لو سكت جاز للحاكم الحكم بها ؛ لأن طلبه منهما الشهادة كاف في جواز الحكم بها كذا قيل ويرده ما صرحوا به في القضاء أنه لا يجوز له الحكم بما ثبت عنده إلا إن سأل المدعي فيه فالمراد سكت عن التصديق [ ص: 64 ] ( حكم بهما ) لانتفاء التهمة عنهما وتحققها في الأخيرين لأنهما صارا عدوين للأولين بشهادة الأولين عليهما أو لأنهما يدفعان بها عن أنفسهما والتعليل الأول مشكل إذ المؤثر العداوة الدنيوية وليست الشهادة منها فالذي يتجه ، هو التعليل الثاني ( أو ) صدق ( الآخرين أو ) صدق ( الجميع أو كذب الجميع بطلتا ) أي الشهادتان أما في تكذيب الكل فواضح وأما في تصديق الكل فلأن تصديق كل فريق يستلزم تكذيب الآخر لاقتضاء كل من الشهادتين أن لا قاتل غير المشهود عليهما

                                                                                                                              وأما في تصديق الآخرين فلاستلزامه تكذيب الأولين وشهادة الآخرين مردودة لما مر ولا ينافي مراجعة الولي التي أفهمها المتن وجوب تقديم الدعوى وتعيين القاتل فيها ؛ لأن تلك المبادرة لما وقعت أورثت ريبة فروجع لينظر أيستمر على تصديق الأولين فيحكم له أو لا فترد دعواه كذا قاله جمع مجيبين عن اعتراض تصوير المسألة بأن الشهادة بالقتل يشترط لسماعها تقدم الدعوى وتعيين القاتل فيها فكيف يشهدان ثم يراجع الولي وأقول إنما يتوجه هذا الاعتراض حتى يحتاج للجواب عنه بما ذكر إذا قلنا إن الحاكم يراجع الولي وجوبا أو ندبا ، وهو الأصح أما إذا قلنا بما مر إن معنى تصديقه للأولين استمراره على تصديقهما فلا اعتراض أصلا .

                                                                                                                              غاية الأمر أن تسمية ما وقع من المشهود عليهما شهادة تجوز ؛ لأن المبادرة بالشهادة تبطلها ، وأن الولي ، وإن لم يجب سؤاله لكنه قد يتعرض لما يبطل حقه وظاهر كلام بعضهم أن ندب سؤاله محله إن بادرا في مجلس الدعوى لا في مجلس بعده أي ؛ لأن مبادرتهما بمجلس الدعوى قد تقرب ظن صدقهما بخلافها بعده وبما تقرر علم أنه لا يحتاج لقول بعضهم صورة ذلك أن يوكل الولي في المطالبة بدم مورثه فإنه لا يحتاج لبيان المدعى عليه فيدعي الوكيل على اثنين به ويقيم عليهما شاهدين فيشهد المشهود عليهما على الأولين ويصدق الوكيل الكل أو البعض أي الآخرين فينعزل فيدعي الولي على الأولين فيشهد عليهما المدعى عليهما فلا يقبلان للتهمة وظاهر قوله بطلتا بقاء حقه في الدعوى لكن عبارة الجمهور بطل حقه

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : وكذا إن لم يحملوه لفقرهم لا لكون الأقربين إلخ ) بقي ما لو كان الأبعدون أغنياء والأقربون فقراء فهل ترد شهادة الأبعدين لأنهم المتحملون [ ص: 64 ] باعتبار وقت الشهادة أو لا لاحتمال غنى الأقربين بعده وقضية عبارة المصنف الأول



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              . ( قوله : أو نحوه ) أي كقطع طرف خطأ أو شبه عمد ا هـ مغني ويحتمل أن الضمير للفسق ( قوله : وكذا إن لم يحملوه لفقرهم ) أي لا تقبل ا هـ ع ش ( قوله : بخلاف الموت ) أي موت القريب .

                                                                                                                              ( قوله : كبينة بإقراره ) أي كشهادة العاقلة بفسق بينة إقراره بالقتل العمد ا هـ مغني ( قوله : إذ لا تهمة ) أي إذ لا تحمل فيه ( قول المتن ولو شهد اثنان إلخ ) عبارة المغني واعلم أنه يشترط في الشهادة السلامة من التكاذب وحينئذ لو شهد إلخ ( قول المتن بقتله ) أي شخص ا هـ مغني ( قوله : أي المدعى به ) تفسير لقتله ( قوله على الأولين ) أو على غيرهما مغني وأسنى ( قوله : ؛ لأن طلبه ) أي المدعي ا هـ ع ش ( قوله : إن سأله ) أي الحاكم ( قوله : فيه ) أي الحكم وعبارة المغني ؛ لأن دعواه القتل على المشهود عليهما وطلبه الشهادة كاف إلخ ( قوله : فالمراد سكت عن التصديق ) أي مراد القيل بسكوت الولي سكوته عن - [ ص: 64 ] التصديق لا سكوته عن طلب الحكم فلا ينافي ما صرحوا به في القضاء وحينئذ فقوله ؛ لأن طلبه منهما الشهادة كاف أي عن التصديق ثانيا رشيدي وع ش ( قول المتن حكم بهما ) ولا يختص هذا الحكم بما ذكره بل متى ادعى على أحد ثم قال غيره مبادرة بل أنا الذي فعلته جاء فيه ما ذكر من التفصيل ا هـ ع ش ( قوله : أو ؛ لأنهما يدفعان إلخ ) عطف على قوله لأنهما صارا إلخ ( قوله : منها ) أي من العداوة الدنيوية ا هـ ع ش ( قوله : فالذي يتجه ، هو التعليل الثاني ) ولذا اقتصر عليه المغني ( قوله : أي الشهادتان ) إلى قوله كذا قاله جمع في المغني ( قوله : لما مر ) أي من التعليل ( قوله : مراجعة الولي ) أي مراجعة الحاكم للولي ( قوله : ؛ لأن تلك المبادرة إلخ ) علة لعدم المنافاة ( قوله : أورثت ريبة ) أي للحاكم وقوله فروجع أي فيراجع الولي ويسأله احتياطا ا هـ مغني ( قوله : لينظر ) أي الحاكم أيستمر أي الولي ( قوله : أو لا ) أي أو يعود إلى تصديق الأخيرين أو الجميع أو يكذب الجميع ا هـ مغني ( قوله : وهو الأصح ) أي الندب ( قوله : تجوز إلخ ) خبر أن ( قوله : وأن الولي إلخ ) عطف على قوله أن تسمية إلخ ( قوله : سؤاله ) من إضافة المصدر إلى مفعوله ( قوله : إن بادرا ) أي المشهود عليهما ( قوله : وبما تقرر ) أي من الجوابين عن استشكال تصوير مسألة المتن ( قوله : صورة ذلك ) إلى قوله وظاهر إلخ مقول البعض والمشار إليه ما أفهمه المتن من مراجعة الولي ( قوله : فإنه لا يحتاج إلخ ) أي الولي ( قوله : على الأولين ) أي الشاهدين الأولين في دعوى الوكيل ( قوله : المدعى عليهما ) أي المشهود عليهما في دعوى الوكيل ( قوله : فينعزل ) أي الوكيل بسبب من أسباب العزل المارة في الوكالة وهو عطف على قوله أن يوكل إلخ ( قوله : وظاهر قوله ) إلى قوله أو قال أحدهما قتل في النهاية وإلى الكتاب في المغني ( قوله : لكن عبارة الجمهور إلخ ) معتمد وقوله بطل حقه أي فليس له أن يدعي مرة أخرى ويقيم البينة ا هـ ع ش




                                                                                                                              الخدمات العلمية