الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        ( ومن أدرك الوقوف بعرفة ما بين زوال الشمس من يومها إلى طلوع الفجر من يوم النحر فقد أدرك الحج ) فأول وقت الوقوف بعد الزوال عندنا لما روي { أن النبي عليه الصلاة والسلام وقف بعد الزوال }وهذا بيان أول الوقت . وقال عليه الصلاة والسلام { من أدرك عرفة بليل فقد أدرك الحج ، ومن فاته عرفة بليل فقد فاته الحج }وهذا بيان [ ص: 187 ] آخر الوقت . ومالك رحمه الله إن كان يقول إن أول وقته بعد طلوع الفجر أو بعد طلوع الشمس فهو محجوج عليه بما روينا ( ثم إذا وقف بعد الزوال وأفاض من ساعته أجزأه ) عندنا لأنه عليه الصلاة والسلام ذكره بكلمة " أو " فإنه قال : { الحج عرفة ، فمن وقف بعرفة ساعة من ليل أو نهار فقد تم حجه }) وهي كلمة التخيير . وقال مالك رحمه الله : لا يجزئه إلا أن يقف في اليوم وجزء من الليل ولكن الحجة عليه ما رويناه ( ومن اجتاز بعرفات نائما أو مغمى عليه أو لا يعلم أنها عرفات جاز عن الوقوف ) لأن ما هو الركن قد وجب وهو الوقوف ، [ ص: 188 ] ولا يمتنع ذلك بالإغماء والنوم كركن الصوم ، بخلاف الصلاة لأنها لا تبقى مع الإغماء ، والجهل يخل بالنية ، وهي ليست بشرط لكل ركن

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        فصل

                                                                                                        الحديث الثاني والثمانون : روي { أنه عليه السلام وقف بعرفة بعد الزوال } ، قلت : [ ص: 186 ] تقدم في حديث جابر الطويل : { ثم أذن ، ثم أقام ، فصلى الظهر ، ثم أقام فصلى العصر ، ولم يصل بينهما شيئا ، ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الموقف } ، الحديث بطوله .

                                                                                                        الحديث الثالث والثمانون : قال عليه الصلاة والسلام : { من أدرك عرفة بليل ، فقد أدرك الحج ، ومن فاته عرفة بليل فقد فاته الحج } ، قلت : أخرج أصحاب السنن الأربعة عن سفيان الثوري عن بكير بن عطاء عن عبد الرحمن بن يعمر الديلي { أن ناسا من أهل نجد أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بعرفة ، فسألوه فأمر مناديا ، فنادى : الحج عرفة ، فمن جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك الحج أيام منى ثلاثة ، { فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه } }انتهى .

                                                                                                        ورواه أحمد في مسنده " ، وابن حبان في " صحيحه " في النوع الحادي عشر ، من القسم الثالث ، والحاكم في " المستدرك " ، وقال : حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه ، ورواه أحمد ، والبزار ، وأبو داود الطيالسي في " مسانيدهم " ، قال ابن عبد البر : عبد الرحمن بن يعمر لم يرو عنه غير هذا الحديث ، قال المنذري في " حواشيه " : بل روى له الترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه حديث النهي عن المزفت ، وذكره البغوي في " الصحابة " ، وأن له هذين الحديثين .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه الدارقطني عن رحمة بن مصعب عن ابن أبي ليلى عن عطاء ، ونافع عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من وقف بعرفة بليل فقد أدرك الحج ، ومن فاته عرفة بليل فقد فاته الحج ، فليحل بعمرة ، وعليه الحج من قابل }انتهى .

                                                                                                        قال [ ص: 187 ] الدارقطني : رحمة بن مصعب ضعيف ، ولم يأت به غيره انتهى .

                                                                                                        وكذلك رواه ابن عدي في " الكامل " ، وأعله بمحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، وضعفه عن جماعة من غير توثيق .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه البيهقي في " سننه " ، والطبراني في " معجمه " عن عمرو بن قيس عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من أفاض من عرفات قبل الصبح تم حجه ، ومن فاته فقد فاته الحج }انتهى . ووجدته في " الحلية " لأبي نعيم عن عمر بن ذر عن عطاء به ، وقال : غريب من حديث عمر بن ذر ، تفرد به عنه عبيد بن عقيل ، ذكره في " ترجمة عمر بن ذر " .

                                                                                                        { حديث آخر } مرسل : رواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا حفص بن غياث عن ابن أبي ليلى ، وابن جريج عن عطاء أن النبي عليه السلام ، قال : { من أدرك الوقوف بعرفة بليل قبل طلوع الفجر فقد أدرك الحج ، ومن فاته الوقوف بليل فقد فاته الحج }انتهى .

                                                                                                        وهذا مرسل ضعيف ، فإن فيه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، وهو ضعيف ، لم يثبته ابن عدي .

                                                                                                        الحديث الرابع والثمانون : قال عليه السلام : { الحج عرفة ، فمن وقف بعرفة ساعة من ليل أو نهار فقد تم حجه } ، قلت : فيه حديث عروة بن المضرس : { من شهد صلاتنا هذه ، ووقف معنا حتى ندفع فقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه } ، انتهى .

                                                                                                        ورواه الأربعة ، وابن حبان ، والحاكم ، وحديث عبد الرحمن بن يعمر تقدما .




                                                                                                        الخدمات العلمية