الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثالثة : أنه قد ثبت بالدلائل أن معارف المكلفين تصير ضرورية عند القرب من الموت ، وعند معاينة الأهوال والشدائد ، فهؤلاء الذين أماتهم الله ثم أحياهم ، لا يخلو إما أن يقال : إنهم عاينوا الأهوال والأحوال التي معها صارت معارفهم ضرورية ، وإما ما شاهدوا شيئا من تلك الأهوال بل الله تعالى أماتهم بغتة ، كالنوم الحادث من غير مشاهدة الأهوال البتة ، فإن كان الحق هو الأول ، فعندما أحياهم يمتنع أن يقال : إنهم نسوا تلك الأهوال ونسوا ما عرفوا به ربهم بضرورة العقل ؛ لأن الأحوال العظيمة لا يجوز نسيانها مع كمال العقل ، فكان يجب أن تبقى تلك المعارف الضرورية معهم بعد الإحياء ، وبقاء تلك المعارف الضرورية يمنع من صحة التكليف ، كما أنه لا يبقى التكليف في الآخرة ، وإما أن يقال : إنهم بقوا بعد الإحياء غير مكلفين ، وليس في الآية ما يمنع منه ، أو يقال : إن الله تعالى حين أماتهم ما أراهم شيئا من الآيات العظيمة التي تصير معارفهم عندها ضرورية ، وما كان ذلك الموت كموت سائر المكلفين الذين يعاينون الأهوال عند القرب من الموت ، والله أعلم بحقائق الأمور .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الرابعة : قال قتادة : إنما أحياهم ليستوفوا بقية آجالهم ، وهذا القول فيه كلام كثير وبحث طويل .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية