الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( وتنعقد الجماعة ) في شدة الخوف [ ص: 19 ] ( نصا وتجب ) أي الجماعة في شدة الخوف كغيرها ( لكن يعتبر إمكان المتابعة ) فإن لم يمكن لم تجب الجماعة ولا تنعقد .

                                                                                                                      ( ولا يضر تأخر الإمام ) عن المأموم في شدة الخوف لدعاء الحاجة إليه ( ولا ) يضر ( كر ) على العدو ( ولا فر ) من العدو ( ونحوه ) من الأعمال ، كالضرب والطعن ( لمصلحة ) تدعو إليه بخلاف ما لا يتعلق بالقتال كالكلام ، فمتى صاح فبان حرفان بطلت لعدم الحاجة إلى الكلام إذ السكون أهيب في نفوس الأقران ( ولا ) يضر ( تلويث سلاحه بدم ) .

                                                                                                                      ولو كان كثيرا ( ولا يزول الخوف إلا بانهزام الكل ) أي جيش العدو كله لأن انهزام بعضه قد يكون مكيدة ( ولا يلزمهم افتتاحها ) أي الصلاة ( إلى القبلة ولو أمكنهم ) ذلك كبقية أجزاء الصلاة .

                                                                                                                      ( ولا ) يلزمهم ( السجود على ) ظهر ( الدابة ) لما تقدم ( وكذا من هرب من عدو هربا مباحا ) كخوف قتل أو أسر محرم ، ويكون الكفار أكثر من مثلي المسلمين ( أو ) هرب ( من سيل أو سبع ) وهو الحيوان المعروف بضم الباء وسكونها وقد يطلق على كل حيوان مفترس كما هنا ( ونحوه ، كنار أو غريم ظالم ) فله أن يصلي كما تقدم لوجود الخوف .

                                                                                                                      فإن كان الهرب محرما لم يصل صلاة خوف لأنها رخصة فلا تناط بمعصية ( أو خاف على نفسه أو أهله أو ماله ) من شيء مما سبق إن ترك الصلاة على هيأتها في شدة الخوف فإن له أن يصلي صلاة شدة الخوف ، لدخول ذلك كله في عموم قوله تعالى { فإن خفتم } ( أو ذب ) أي دفع ( عنه ) أي عما ذكر من نفسه أو ماله أو أهله ( أو ) ذب ( عن غيره ) أي له أن يصلي صلاة الخائف من أجل درء الصائل على نفسه أو أهله أو ماله أو نفس غيره لأن قتال الصائل على ذلك إما واجب أو مباح وكلاهما مبيح للصلاة على هذه الهيئة ( أو طلب عدو يخاف فوته ) روي عن شرحبيل بن حسنة وقاله الأوزاعي لقول عبد الله بن أنيس { بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى خالد بن سفيان الهذلي وقال : اذهب فاقتله ، فرأيته وقد حضرت صلاة العصر ، فقلت إني لأخاف أن يكون بيني وبينه ما يؤخر الصلاة فانطلقت وأنا أصلي أومئ نحوه إيماء } رواه أبو داود وظاهر حاله أنه أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم أو كان قد علم جوازه ، فإنه لا يظن به أنه فعل ذلك مخطئا ولأن فوات الكفار عظيم فأبيحت صلاة الخوف عند فوته كالحالة الأخرى .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية