الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      فصل في دفن الميت

                                                                                                                      وتقدم أنه فرض كفاية وقد أرشد الله قابيل إلى دفن أخيه هابيل وأبان ذلك ببعث غراب { يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه } وقال تعالى : { ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا } أي : جامعة للأحياء في ظهرها بالمساكن ، والأموات في بطنها بالقبور ، والكفت الجمع وقال تعالى { : ثم أماته فأقبره } قال ابن عباس " معناه أكرمه بدفنه " ( ويسن أن يدخل قبره من عند رجليه ) أي : رجلي القبر ( إن كان أسهل عليهم ) { لأنه صلى الله عليه وسلم سل من قبل رأسه سلا وعبد الله بن زيد أدخل الحارث قبره من قبل رجل القبر وقال هذا من السنة } رواه أحمد ولأنه ليس بموضع توجه ، بل دخول فدخول الرأس أولى كعادة الحي ، لكونه مجمع الأعضاء الشريفة .

                                                                                                                      ( وإلا ) أي : وإن لم يكن إدخاله القبر من عند رجليه أسهل أدخل ( من حيث يسهل ) دفعا للضر والمشقة ( ثم ) إن سهل كل من الأمرين فهما ( سواء ) من غير ترجيح لأحدهما على الآخر .

                                                                                                                      ( ولا توقيت في عدد من يدخله ) القبر ( من شفع أو وتر ، بل ) يكون ذلك ( بحسب الحاجة ) كسائر أموره ( ويكره أن يسجى قبر رجل ) [ ص: 132 ] لما روي عن علي أنه مر بقوم وقد دفنوا ميتا وبسطوا على قبره الثوب فجذبه وقال : إنما يصنع هذا بالنساء " ولأن كشفه أبعد من التشبه بالنساء ، مع ما فيه من اتباع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ( إلا لعذر مطر أو غيره ) فلا يكره إذن ( ويسن ) أن يسجى ( لامرأة ) لأنها عورة ولأنه لا يؤمن أن يبدو منها شيء فيراه الحاضرون وبناء أمرها على الستر والخنثى كالأنثى في ذلك احتياطا .

                                                                                                                      ( و من مات في سفينة وتعذر خروجه إلى البر ) لبعدهم عن الساحل مثلا ( ثقل بشيء ، بعد غسله وتكفينه والصلاة عليه ) ليستقر في قرار البحر نص عليه ( وألقي في البحر سلا كإدخاله القبر وإن مات في بئر أخرج ) .

                                                                                                                      وجوبا ليغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن وإن أمكن معالجة البئر بالأكسية المبلولة تدار فيها ، حتى تجتذب البخار ، ثم ينزل من يطلعه ، أو أمكن إخراجه بكلاليب ونحوها من غير مثلة وجب ذلك لتأدية فرض غسله ويمتحن زوال البخار إذا شك فيه بسراج ونحوه فإن انطفأ فهو باق وإلا فقد زال لأن العادة أن النار لا تبقى إلا فيما يعيش فيه الحيوان ( فإن تعذر ) إخراجه بالكلية أو لم يمكن إلا متقطعا ونحوه ( طمت ) البئر ( عليه ) لتصير قبرا له لأنه لا ضرورة إلى إخراجه متقطعا وهذا حيث لا حاجة إلى البئر ( ومع الحاجة إليها يخرج مطلقا ) أي : ولو متقطعا لأن مثلة الميت أخف ضررا مما يحصل بطم البئر وتعطيلها .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية