الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( ومن أحرم فحصره عدو في حج أو عمرة عن الوصول إلى البيت ) أي : الحرم ( بالبلد ) متعلق بحصره ( أو الطريق ، قبل الوقوف ، أو بعده ، أو منع ) من دخول الحرم ( ظلما أو جن أو أغمي عليه ولم يكن له طريق آمن إلى الحج ) ولو بعدت ( وفات ) أي : خشي فوات ( الحج [ ص: 526 ] ذبح هديا شاة أو سبع بدنة ) أو سبع بقرة لقوله تعالى { فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي } ; ولأنه صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه حين أحصروا في الحديبية أن ينحروا ويحلوا " قال الشافعي لا خلاف بين أهل التفسير أن هذه الآية نزلت في حصر الحديبية ; ولأنه أبيح له التحلل قبل إتمام نسكه ، فوجب الهدي في صورة ما لو حصر بعد الوقوف ، كما لو أحصر قبله .

                                                                                                                      تنبيه إنما قدرت : ولو بعدت ، وأولت : فات بخشية الفوات ليوافق كلام الأصحاب إذ فوت الحج ليس شرطا لتحلل المحصر كما تدل عليه الآية والخبر ، وكلام الأصحاب ويكون محل ذبح الهدي ( في موضع حصره حلا ، كان أو حرما ) لذبحه صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالحديبية وهي من الحل وتقدم ( وينوي ) المحصر ( به ) أي : بذبح الهدي ( التحلل وجوبا ) لحديث { إنما الأعمال بالنيات } .

                                                                                                                      ( وحلق أو قصر ) وجوبا قدمه في الرعاية ، واختاره القاضي في التعليق وغيره وقدم في المحرر وشرح ابن رزين : عدم الوجوب ، وهو ظاهر الخرقي والمنتهى لعدم ذكره في الآية ; ولأنه مباح ليس بنسك خارج الحرم ; لأنه من توابع الوقوف كالرمي ( ثم حل ) من إحرامه .

                                                                                                                      ( فإن أمكن المحصر الوصول ) إلى الحرم ( من طريق أخرى ) غير التي أحصر فيها ( لم يبح له التحلل ) لقدرته على الوصول إلى الحرم ، فليس بمحصر ( ولزمه سلوكها ) ليتم نسكه ; لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ( بعدت ) الطريق ( أو قربت ، خشي الفوات ) أي : فوات الحج ( أو لم يخشه فإن لم يجد ) المحصر هديا ( صام عشرة أيام بالنية ) أي : بنية التحلل ( كمبدله ) أي : الصوم وهو ذبح الهدي فإنه يذبحه بنية التحلل كما تقدم ( ثم حل ، ولا إطعام فيه ) أي : الإحصار ، لعدم وروده .

                                                                                                                      وقال الآجري : إن عدم الهدي مكان إحصاره قومه طعاما وصام عن كل مد يوما ، وحل ، وأوجب أن لا يحل حتى يصوم إن قدر فإن صعب عليه حل ثم صام ( بل يجب مع الهدي ) على المحصر ( حلق أو تقصير ) وتقدم ما فيه .

                                                                                                                      ( ولا فرق ) فيما تقدم ( بين الحصر العام في كل الحاج وبين ) الحصر ( الخاص في شخص واحد مثل أن يحبس بغير حق أو يأخذه اللصوص ) لعموم النص ، ووجود المعنى في الكل .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية