الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          2099 - مسألة : جارية أذهبت عذرة أخرى ، أو رجل فعل ذلك بجماع ، أو غيره ؟ قال أبو محمد : نا عبد الله بن ربيع نا عبد الله بن محمد بن عثمان نا أحمد بن خالد نا علي بن عبد العزيز نا الحجاج بن المنهال نا حماد بن سلمة أنا جعفر بن أبي وحشية عن الشعبي : أن جواري من أهل حمص كن يتزاورن ، ويتهادين ، فأرن ، وأشرن ، فلعبن الأخرقة فركبت واحدة على الأخرى ، ونخستها الثالثة ، فوقعت : فذهبت عذرتها ، فسأل عبد الملك بن مروان قبيصة بن ذؤيب ، وفضالة بن عبيد عن ذلك ؟ فقالا جميعا : الدية ثلاثة أثلاث ، وتبقى حصتها ، لأنها أعانت على نفسها ؟ فكتب إلى العراق : فسأل عبد الله بن معقل بن مقرن عن ذلك ؟ فقال : برين من نطفها إلا من نخستها - وقال الشعبي مثل قول عبد الله - وقال الشعبي : لها العقر .

                                                                                                                                                                                          وبه - إلى حماد بن داود عن عبد الله بن قيس أن ثلاث جوار قالت إحداهن : أنا الزوج ، وقالت الأخرى : أنا الزوجة ، وقالت الأخرى : أنا الأب ، فنخست التي قالت : أنا الزوج التي قالت : أنا الزوجة ، فذهبت عذرتها ، فقضى عبد الملك بن مروان ، بالدية عليهن - وقال الشعبي : لها العقر .

                                                                                                                                                                                          وبه - إلى حماد نا حميد عن بكر بن عبد الله : أن جاريتين دخلتا الحمام فدفعت إحداهما الأخرى ، فذهبت عذرتها ؟ فقال شريح : لها عقرها .

                                                                                                                                                                                          وبه - إلى حماد نا داود بن أبي هند عن عمرو بن شعيب : أن رجلا استكره جارية فافتضها ؟ فقال عمر بن الخطاب هي جائفة ، فقضى لها عمر بثلث الدية .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : هاتان مسألتان : في إحداهما - قول فضالة بن عبيد - وهو صاحب من قضاة الصحابة - رضي الله عنهم - لا يعرف له في ذلك مخالف منهم .

                                                                                                                                                                                          والأخرى - فيها قول عمر بن الخطاب ، ولا يعرف له في ذلك مخالف من الصحابة أيضا .

                                                                                                                                                                                          وجميع الحاضرين المخالفين من المالكيين ، والحنفيين ، والشافعيين : [ ص: 178 ] مخالفون لهما في ذلك ، وهم يعظمون خلاف الصاحب إذا وافق تقليدهم ، ولا يبالون به إذا خالف تقليدهم ؟ قال علي : أما المرأة تذهب عذرة المرأة بنخسة ، أو نحو ذلك فإنه عدوان يقتص منها بمثل ذلك إن كانت بكرا ، فإن كانت ثيبا فقد عدمت ما يقتص منها فيه ، فليس إلا الأدب ؟ برهان ذلك - : قول الله تعالى { فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم } ، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم { من رأى منكم منكرا فليغيره بيده إن استطاع } .

                                                                                                                                                                                          فصح وجوب القود فيما قدر عليه ، وصح الأدب باليد إنكارا وتغييرا للمنكر فيما عجز عن القود فيه - وبالله تعالى التوفيق . ولا غرامة في ذلك أصلا ، لأن الأموال محظورة ، فلا تحل غرامة بغير نص ولا إجماع .

                                                                                                                                                                                          وكذلك لا مدخل للعقر هاهنا ، لأن العقر هو المهر ، والمهر إنما هو في النكاح لا فيما عداه - وبالله لقد علم الله تعالى أن هذه المسألة ستقع وتكون .

                                                                                                                                                                                          ونحن نقسم بالله : لو أراد الله تعالى أن تكون في ذلك غرامة لبينها ، ولما أغفلها ، فإذ لم يفعل تعالى ذلك فما أراد أن يجعل فيها غرما أصلا - ولا حجة في قول أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية