الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال : ) ولو وجدته مجبوبا خيرها القاضي في الحال ; لأن التأجيل في العنين لرجاء الوصول ، وذلك في المجبوب لا يوجد فالمقطوع من الآلة لا ينبت فلهذا فرق بينهما في الحال ، وإن كان قد خلا بها فلها المهر كاملا في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ولها نصف المهر في قولهما ; لأن التيقن بعدم الوصول إليها موجود هنا ، وعذر الجب في الزوج أبين من عذر المرض ، فإذا كان مرضه يمنع صحة الخلوة فكونه مجبوبا أولى ، بخلاف العنين ، فإن ذلك باطن لا يتوقف على حقيقته ، وهذا ظاهر يشاهد فيجب اعتباره في الحكم وأبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول هي أتت بالتسليم المستحق عليها بالعقد وحقها في البدل يتقرر بذلك ، وهذا لأن العقد ما انعقد لاستحقاق المجامعة به ، فإنه لا كون له ، وإنما انعقد لما وراء ذلك وقد أتت به فيتقرر حقها ثم يجب عليها العدة ، أما عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا يشكل ; لأنه قد تقرر جميع المهر ، وأما عندهما تجب العدة استحسانا وأشار في كتاب الطلاق إلا أنه لا تجب العدة عندهما ، وإنما اختلف الجواب لاختلاف الموضوع ، فحيث قال : لا تجب العدة أراد في مجبوب قد جف ماؤه فيكون هذا [ ص: 104 ] بمنزلة الصبي لا تعتبر خلوته في إيجاب العدة ، وحيث قال : تجب العدة أراد في مجبوب له ماء يسحق فينزل فتجب العدة احتياطا ، وإن لم يكن دخل بها أو خلا بها فلها نصف المهر ولا عدة عليها ، ثم بعد ما فرق القاضي بينهما في الموضع الذي وجبت عليها العدة إذا جاءت بولد إلى سنتين يثبت النسب منه ، ولا تبطل تلك الفرقة ; لأن ثبوت النسب باعتبار الإنزال بالسحق ، وذلك غير مبطل حقها ، بخلاف العنين إذا فرق القاضي بينهما وهو يدعي الوصول إليها ثم جاءت بولد لأقل من سنتين يثبت النسب ويبطل التفريق ; لأنا حين حكمنا بثبوت النسب فقد حكمنا بوصوله إليها ، وكذلك لو شهد شاهدان بعد التفريق على إقرارها بالوصول إليها قبل التفريق بطل تفريق القاضي بينهما ، كما لو عرف القاضي إقرارها في ذلك الوقت ، بخلاف ما إذا أقرت بعد التفريق أنه كان وصل إليها ، فإن قولها في إبطال التفريق ورفع الطلاق الواقع غير مقبول لكونها متهمة في ذلك ، والخصي بمنزلة العنين ; لأن رجاء الوصول في حقه موجود لبقاء الآلة ، ولو تزوجت واحدا من هؤلاء وهي تعلم بحاله ، فلا خيار لها فيه لأنها صارت راضية به حين أقدمت على العقد مع علمها بحاله ، ولو رضيت به بعد العقد بأن قالت : رضيت سقط خيارها فكذلك إذا كانت عالمة به ، ولا فرق في قولها رضيت بالمقام معه بين أن يكون عند السلطان أو غيره ; لأنه إسقاط لحقها .

التالي السابق


الخدمات العلمية