الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال : ) ولو زوج الأب أو الوصي أمة الصبي من عبده لا يجوز ذلك أيضا نص عليه في المأذون ، وعند أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه يجوز ; لأنه لا ضرر فيه على الصبي ، فإن المهر لا يجب بهذا العقد ، ونفقتهما عليه بعد النكاح كما كانا قبله ، وفيه منفعة للصبي من حيث النسل فيجوز ذلك من الأب والوصي كإنزاء الفحل من مال الصبي على أتانه ، ووجه ظاهر الرواية أن في هذا تعييبا لهما ; لأن النكاح عيب في العبيد والإماء جميعا ، ومنفعة النسل موهوبة والمنفعة الموهوبة لا تكون جائزة للضرر المتحقق ، فلهذا لا يصح هذا العقد منهما ، وأما العبد المأذون أو المضارب أو الشريك شركة عنان إذا زوج واحد منهما الأمة لم يجز ذلك في قول أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله تعالى - وفي قول أبي يوسف رحمه الله تعالى يجوز ; لأنه عقد اكتساب المال وهؤلاء يملكون ذلك ، ولأن المستوفى بالوطء في الحقيقة منفعة ، ولهذا سمى الله تعالى المهر أجرا ، وهؤلاء يملكون الإجارة فكذلك يملكون التزويج وأبو حنيفة ومحمد - رحمهما الله تعالى - قالا : المأذون إنما كان منفك الحجر عنه في التجارة ، والتزويج ليس من جملة التجارة ، فإن التجار لا يعتادون اكتساب المال بتزويج الإماء ، والدليل عليه أن المرأة لو زوجت نفسها من رجل بعبد ونوت التجارة عند العقد لا يصير العبد به للتجارة ، ولو كان النكاح من التجارة لصار العبد به للتجارة ، فإن نية التجارة متى اقترنت بعمل التجارة يصير للتجارة وإذا لم يكن النكاح من التجارة ، فلا يملكه هؤلاء كالكتابة وبه فارق الأربعة التي تقدمت ، فإن أولئك يملكون الكتابة فعرفنا أن تصرفهم غير مقصور على التجارة ، وهؤلاء الثلاثة لا يملكون الكتابة فعرفنا أن تصرفهم مقصور على التجارة ، ولا شك أن هؤلاء الثلاثة لا يزوجون العبد ; لأن تزويج العبد ليس من الاكتساب ، ولا من التجارة .

التالي السابق


الخدمات العلمية