الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال : ) ولا يجوز للعبد أن يتزوج بغير إذن مولاه عندنا ، وعلى قول مالك رحمه الله تعالى يجوز ; لأن الرق لم يؤثر في مالكية النكاح فيستبد العبد به كالطلاق ، وأصحابنا - رحمهم الله تعالى - استدلوا بظاهر قوله تعالى : { ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء } والنكاح شيء ، فلا يملكه العبد بنفسه ، ومذهبنا مروي عن عمر رضي الله تعالى عنه قال : أيما عبد تزوج بغير إذن مولاه فهو عاهر والمعنى فيه أن في النكاح تعييبه ، وفيه شغل ماليته بالمهر والنفقة وماليته ملك مولاه ، فلا يملك شغل ذلك بتصرفه بغير إذن المولى ، يوضحه أنه لو باع رقبته أو رهنه بمال لم يجز ، وإن كان منفعة ذلك ترجع إلى المولى ، فإذا تزوج ولا منفعة في عقده للمولى أولى أن لا يجوز ، وكذلك المدبر وابن أم الولد والمكاتب لا يتزوج أحد من هؤلاء بغير إذن المولى ; لأن الرق الموجب للحجر فيهم ، فإن أذن المولى لهم في ذلك جاز العقد ، فإن المولى لو باشر تزويجهم جاز فكذلك إذا أذن لهم فيه ، إلا أن في المكاتب يحتاج إلى رضاه إذا باشره المولى ، فإن أذن له المولى فباشره المكاتب يجوز أيضا ، وهذا بخلاف تزويج الأمة ، فإن المكاتب يزوج أمته بغير رضا المولى ; لأن أمته غير مملوكة للمولى وتزويجها من عقود الاكتساب فيملكه المكاتب ، فأما تزويجه لنفسه ليس من عقود الاكتساب ورقبته مملوكة ، وعلى هذا لو أن المكاتبة زوجت أمتها جاز ذلك ، ولو تزوجت بنفسها لم يجز إلا بإذن المولى لقيام ملك المولى في رقبتها .

التالي السابق


الخدمات العلمية