الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
باب النفقة

( قال : ) رضي الله عنه اعلم بأن نفقة الغير تجب بأسباب منها الزوجية ، ومنها الملك ، ومنها النسب ، وهذا الباب لبيان نفقة الزوجات . والأصل فيه قوله تعالى { وعلى المولود له رزقهن [ ص: 181 ] وكسوتهن بالمعروف } وقال الله تعالى : { وبما أنفقوا من أموالهم } وقال الله تعالى : { أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم } معناه : أسكنوهن من حيث سكنتم وأنفقوا عليهن من وجدكم ، وقال : صلى الله عليه وسلم { أوصيكم بالنساء خيرا ; فإنهن عندكم عوان ، اتخذتموهن بأمانة الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، وإن لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا ، وأن لا يأذن في بيوتكم لأحد تكرهونه ، فإذا فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ، وإن لهن عليكم نفقتهن ، وكسوتهن بالمعروف } وقال صلى الله عليه وسلم لهند : { خذي من مال أبي سفيان رضي الله عنه ما يكفيك وولدك بالمعروف } ، ولأنها محبوسة لحق الزوج ومفرغة نفسها له فتستوجب الكفاية عليه في مال ، كالعامل على الصدقات لما فرغ نفسه لعمل المساكين استوجب كفايته في مالهم ، والقاضي لما فرغ نفسه لعمله للمسلمين استوجب الكفاية في مالهم . إذا عرفنا هذا فنقول طريق إيصال النفقة إليها شيئان التمكين أو التمليك ، حتى إذا كان الرجل صاحب مائدة وطعام كثير ، تتمكن هي من تناول مقدار كفايتها ، فليس لها أن تطالب الزوج بفرض النفقة ، فإن لم يكن بهذه الصفة فخاصمته في النفقة ، فرض لها عليه من النفقة كل شهر ما يكفيها بالمعروف ; لأن النفقة مشروعة للكفاية . فإنما يفرض بمقدار ما يعلم أنه تقع به الكفاية . ويعتبر المعروف في ذلك ، وهو فوق التقتير ودون الإسراف ; لأنه مأمور بالنظر من الجانبين وذلك في المعروف ، وكذلك يفرض لها من الكسوة ما يصلح لها للشتاء والصيف فإن بقاء النفس بهما وكما لا تبقى النفس بدون المأكول عادة لا تبقى بدون الملبوس عادة والحاجة إلى ذلك تختلف باختلاف الأوقات والأمكنة فيعتبر المعروف في ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية