الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال ( ولا يتطوع بعد طلوع الفجر إلا بركعتي الفجر إلى أن تطلع الشمس وترتفع )

واعلم بأن الأوقات التي تكره فيها الصلاة خمسة ثلاثة منها لا يصلى فيها جنس الصلوات عند طلوع الشمس إلى أن [ ص: 151 ] تبيض وعند غروبها إلا عصر يومه فإنه يؤديها عند الغروب والأصل فيه حديث { عقبة بن عامر رضي الله تعالى عنه قال ثلاث ساعات نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصلي فيهن وأن نقبر فيهن موتانا عند طلوع الشمس حتى ترتفع وعند زوالها حتى تزول وحين تضيف للغروب حتى تغرب } .

وفي حديث الصنابحي { أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة عند طلوع الشمس وقال إنها تطلع بين قرني الشيطان كأن الشيطان يزينها في عين من يعبدونها حتى يسجدوا لها فإن ارتفعت فارقها فإذا كان عند قيام الظهيرة قارنها فإذا مالت فارقها فإذا دنت للغروب قارنها فإذا غربت فارقها فلا تصلوها في هذه الأوقات } ، وفي حديث { عمر بن عنبسة قال قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم هل من الليل والنهار ساعة لا يصلى فيها فقال إذا صليت المغرب فالصلاة مشهودة مقبولة إلى أن تصلي الفجر ثم أمسك حتى تطلع الشمس ثم الصلاة مشهودة مقبولة إلى وقت الزوال ثم أمسك فإنها ساعة تسعر فيها جهنم ثم الصلاة مشهودة مقبولة إلى أن تصلي العصر ثم أمسك حتى تغرب الشمس } والأمكنة في هذا النهي سواء عندنا لعموم الآثار . وقال الشافعي لا بأس بالصلاة في هذه الأوقات بمكة لحديث روي { إلا بمكة } ولم تثبت هذه الزيادة عندنا ; لأنها شاذة فلا تعارض المشاهير ، وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه قال : لا بأس بالصلاة في هذه الأوقات وقت الزوال يوم الجمعة وقد روي شاذا إلا يوم الجمعة به أخذ أبو يوسف وقال للناس بلوى في تحية المسجد عند الزوال يوم الجمعة فالآثار التي روينا توجب الكراهة في الكل ، ثم كل وقت ينهى فيه عن عبادة لا يختلف الحال فيه بين الجمعة وغيرها وبين مكة وغيرها كالنهي عن الصوم في يوم العيد وفي هذه الأوقات الثلاثة لا تؤدى الفرائض عندنا . وقال الشافعي : النهي عن أداء النوافل ، فأما الفرائض فلا بأس بأدائها في هذه الأوقات لقوله صلى الله عليه وسلم { من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها فإن ذلك وقتها } .

( ولنا ) حديث { ليلة التعريس فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما نزل آخر الليل قال من يكلؤنا الليلة فقال بلال أنا فناموا فما أيقظهم إلا حر الشمس وفي رواية انتبهوا وقد بدا حاجب الشمس فقال عليه الصلاة والسلام لبلال أين ما وعدتنا قال ذهب بنفسي الذي ذهب بنفوسكم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرواحنا بيد الله تعالى وأمرهم فانتقلوا عن ذلك الوادي ثم نزلوا فأوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أذن بلال فصلى ركعتي الفجر ثم قام فصلى بهم [ ص: 152 ] قضاء } وإنما انتقل من ذلك الوادي ; لأنه تشاءم والأصح أنه أراد أن ترتفع الشمس فلو جاز الفجر المكتوبة في حال طلوع الشمس لما أخر بعد الانتباه والآثار المروية في النهي عامة في جنس الصلوات وبها يثبت تخصيص هذه الأوقات من الحديث الذي رواه الخصم .

قال ( ولا يصلى في هذه الأوقات على الجنازة أيضا ) لقوله { وأن نقبر فيهن موتانا } فليس المراد به الدفن ; لأن ذلك جائز بالاتفاق ولكنه كناية عن الصلاة على الجنازة أيضا .

قال ( ولا يسجد فيهن للتلاوة أيضا ) ; لأن الكراهة للتحرز عن التشبه بمن يعبد الشمس والتشبه يحصل بالسجود ، والنهي عن الصلاة على الجنازة وعن سجدة التلاوة في هذه الأوقات مروي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما ولو أدى سقط عنه ; لأن الوجوب في هذا الوقت والنهي ليس لمعنى في عين السجود والصلاة فلا يمنع الجواز

التالي السابق


الخدمات العلمية