الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وحد المحصن ) [ ص: 108 ] الرجل والمرأة ( الرجم ) حتى يموت إجماعا ولأنه { صلى الله عليه وسلم رجم ماعزا والغامدية } ولا يجلد مع الرجم عند جماهير العلماء ( وهو مكلف ) ، وإن طرأ تكليفه أثناء الوطء فاستدامه قيل لا معنى لاشتراط التكليف في الإحصان بعد اشتراطه في مطلق وجوب الحد ويرد بأن له معنى ، هو أن حذفه يوهم أن اشتراطه لوجوب الحد لا لتسميته محصنا فبين بتكريره أنه شرط فيهما ويلحق بالمكلف هنا أيضا السكران ( حر ) كله فمن فيه رق غير محصن لنقصه نعم إن عتق بعد التغييب فاستدام كان محصنا على الأوجه بخلاف ما لو نزع مع العتق

                                                                                                                              ( ولو ) ، هو ( ذمي ) ؛ لأنه { صلى الله عليه وسلم رجم اليهوديين } رواه الشيخان زاد أبو داود وكانا قد أحصنا فالذمة شرط لحده لما مر أن نحو الحربي لا يحد لا لإحصانه إذ لو وطئ نحو حربي في نكاح فهو محصن لصحة أنكحتهم فإذا عقدت له ذمة فزنى رجم ( غيب حشفته ) كلها أو قدرها من فاقدها بشرط كونها من ذكر أصلي عامل على ما أفتى به البغوي ويتجه أن يأتي في نحو الزائد ما مر آنفا ( بقبل في نكاح صحيح ) ولو مع نحو حيض وعدة شبهة ؛ لأن حقه بعد أن استوفى تلك اللذة الكاملة اجتنابها بخلاف من لم يستوفها أو استوفاها في دبر أو ملك أو وطء شبهة أو نكاح فاسد كما قال ( لا فاسد في الأظهر ) لحرمته لذاته فلا تحصل به صفة كمال وكما يعتبر ذلك في إحصان الواطئ يعتبر في إحصان الموطوءة

                                                                                                                              ( والأصح اشتراط التغييب حال حريته وتكليفه ) ولو مع الإكراه كما اقتضاه إطلاقهم ، وهو ظاهر خلافا لمن نظر فيه فلا إحصان لصبي أو مجنون أو قن وطئ في نكاح صحيح لأن شرطه الإصابة بأكمل الجهات ، وهو النكاح الصحيح فاشتراط حصولها من كامل أيضا ولا يرد على اشتراط التكليف حصول الإحصان مع تغييبها حال النوم ؛ لأن التكليف موجود حينئذ بالقوة ، وإن كان النائم غير مكلف بالفعل لرجوعه إليه بأدنى تنبيه ، وهو أولى من جواب الزركشي بأنه مكلف استصحابا لحاله قبل النوم إلا أن يؤول بما ذكرته وقضية المتن اشتراط ذلك حال التغييب لا الزنا فلو أحصن ذمي ثم حارب وأرق ثم زنى رجم والذي صرح به القاضي وغيره أنه لا يرجم

                                                                                                                              قال ابن الرفعة وعليه فيجب أن يقال المحصن الذي يرجم من وطئ في نكاح صحيح ، وهو حر مكلف حالة الوطء وحالة الزنا فعلم أن من وطئ ناقصا ثم زنى كاملا لا يرجم بخلاف من كمل في الحالين ، وإن تخللهما نقص كجنون ورق ( وأن الكامل الزاني بناقص ) متعلق بالكامل لا بالزاني [ ص: 109 ] كما أفاده كلامه إذ لو تعلق به لاقتضى أن الكامل الحر المكلف إذا زنى بناقص محصن ، وإن لم يوجد فيه التغييب السابق ، وهو باطل بنص كلامه فتعين تعلقه بما ذكر ولم يصب من اعترضه ، وإن كثروا ولا من غير الزاني بالباني على أنه خطئ بأن المعروف بنى على أهله لا بهم ولظهور هذا من كلامه كما قررته لم يحتج لتقديم بناقص إثر متعلقه ( محصن ) ؛ لأنه حر مكلف وطئ في نكاح صحيح فلم يؤثر نقص الموطوءة كعكسه لوجود المقصود ، وهو التغييب حال كمال المحكوم عليه بالإحصان منهما

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : الرجل والمرأة ) هذا التعميم لا يوافق قول المصنف غيب حشفته ( قوله : وإن طرأ تكليفه أثناء الوطء فاستدامه ) نعم لو أولج ظنا أنه غير بالغ فبان كونه بالغا وجب الحد في أصح الوجهين م ر ش ( قوله : ؛ لأن التكليف موجود حينئذ بالقوة إلخ ) اعلم أن [ ص: 109 ] التكليف بالقوة حاصله التجوز في الوصف به كما أن الحكم به حال النوم حاصل بالاستصحاب وحاصله التجوز في الوصف به أيضا فدعوى أولوية ما ذكره يحتاج إلى بيانها ( قوله : وإن لم يوجد فيه التغييب إلخ ) اقتضاء ذلك ممنوع لعلم اعتبار وجود ما ذكر مما تقدم فيجوز أن يكون المعنى أن الزاني بناقص محصن بمعنى أن زناه بالناقص لا يخرجه عن حكم الإحصان الذي ثبت فيحد وإن كان المزني به ناقصا فلا يشترط في تأثير إحصانه [ ص: 110 ] كمال المزني به فليتأمل مبالغته مع ذلك على المعترضين



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن وحد المحصن إلخ ) والإحصان لغة المنع وشرعا بمعنى الإسلام والبلوغ والعقل والحرية والعفة والتزويج [ ص: 108 ] ووطء المكلف الحر في نكاح صحيح ، وهو المراد هنا مغني ونهاية ( قوله : الرجل ) إلى قول المتن وهو مكلف في المغني ( قوله : الرجل والمرأة ) هذا التعميم لا يوافق قول المصنف غيب حشفته سم على أنه سيأتي وكما يعتبر ذلك في إحصان الواطئ يعتبر في إحصان الموطوءة ا هـ رشيدي أقول ويمكن أن يجاب بأن في قول المصنف ، وهو مكلف إلخ استخداما ( قول المتن ، وهو ) أي المحصن الذي يرجم ع ش ومغني ( قوله : وإن طرأ تكليفه إلخ ) تعميم لما يحصل به الإحصان الذي يترتب عليه أنه إذا زنى بعده يرجم ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : وإن طرأ تكليفه أثناء الوطء ) أي وطء زوجته وكان المناسب ذكر هذه الغاية عقب قول المصنف الآتي والأصح اشتراط التغييب حال حريته وتكليفه ا هـ رشيدي ( قوله : أثناء الوطء فاستدامه ) نعم لو أولج ظانا أنه غير بالغ فبان كونه بالغا وجب الحد في أصح الوجهين نهاية ا هـ سم وقوله وجب الحد أي الرجم إذا زنى بعد ، قوله : قيل إلخ وافقه المغني ( قوله : ويلحق ) إلى قوله على ما أفتى به في المغني إلا قوله نعم إلى المتن ( قوله : فمن فيه رق إلخ ) أي ولو مكاتبا ومبعضا ومستولدة ا هـ مغني ( قول المتن ولو ذمي ) أي أو مرتد ا هـ مغني ( قوله : لحده ) أي الذمي وكذا ضمير قوله لا لإحصانه المعطوف عليه ( قول المتن غيب حشفته ) أي ولو مع خرقة خلافا لما في المطلب أو غيبها غيره وهو نائم ا هـ مغني ( قوله : ولو مع نحو حيض ) إلى قوله وهو أولى في النهاية إلا قوله ولو مع الإكراه إلى فلا إحصان وإلى قوله إلا أن يئول في المغني إلا قوله بالقوة إلى استصحابا ( قوله : ولو مع نحو حيض إلخ ) أي ونفاس وصوم وإحرام ا هـ مغني ( قوله : اجتنابها ) خبر أن والضمير للذة عبارة المغني أن يمتنع من الحرام ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أو استوفاها ) أي مطلق اللذة ا هـ رشيدي ( قوله : لحرمته لذاته ) يتردد النظر فيما لو اختلف اعتقاد الزوجين وكان فاسدا في اعتقاد أحدهما فقط فهل يحصل التحصين بالنسبة لمعتقد الصحة الظاهر نعم والله أعلم ا هـ سيد عمر ( قوله : وكما يعتبر ذلك ) أي ما ذكر من الشروط عبارة المغني وهذه الشروط كما تعتبر في الواطئ تعتبر أيضا في الموطوءة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : خلافا لمن نظر فيه ) عبارة المغني ، وإن قال ابن الرفعة فيه نظر ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وطئ في نكاح إلخ ) أي ثم زنى ، وهو كامل ا هـ مغني ( قوله : مع تغييبها إلخ ) أي مع إدخال المرأة حشفة الرجل فيها ، وهو نائم وإدخاله فيها ، وهي نائمة ا هـ مغني ( قوله : ؛ لأن التكليف موجود حينئذ بالقوة إلخ ) اعلم أن وجود التكليف بالقوة حاصله التجوز في الوصف به كما أن الحكم به حال النوم بالاستصحاب حاصله التجوز في الوصف به أيضا فدعوى أولوية ما ذكره يحتاج إلى بيان ا هـ سم ( قوله : وقضية المتن ) إلى قوله ولظهور هذا في النهاية ( قوله : اشتراط ذلك ) أي ما ذكر من الحرية والتكليف ( قوله : قال ابن الرفعة إلخ ) معتمد ا هـ ع ش ( قوله : فعلم ) إلى المتن في المغني ( قوله : متعلق بالكامل ) فالمعنى حينئذ أن الذي صار كاملا في الإحصان بسبب ناقص كما إذا وطئ الحر المكلف أمة أو صبية أو مجنونة بنكاح صحيح ثبت الإحصان له دونها وكذلك العكس ا هـ كردي -

                                                                                                                              [ ص: 109 ] قوله : كما أفاده ) أي عدم تعلقه بالزاني ( قوله : لاقتضى أن الكامل إلخ ) اقتضاء ذلك ممنوع لعلم اعتبار وجود ما ذكر مما تقدم فيجوز أن يكون المعنى أن الزاني بناقص محصن بمعنى أن زناه بالناقص لا يخرجه عن حكم الإحصان الذي ثبت فيحد ، وإن كان المزني به ناقصا فلا يشترط في تأثير إحصانه كمال المزني به فليتأمل مبالغته مع ذلك على المعترضين ا هـ سم .

                                                                                                                              ( قوله : ولم يصب من اعترضه إلخ ) عبارة المغني تنبيه

                                                                                                                              عبارة المصنف لا يفهم المراد منها ؛ لأن قوله بناقص لا يخلو أما أن يتعلق بالزاني أو بالكامل فإن علقه بالأول فسد المعنى إذ يقتضي إلخ ، وإن علقه بالثاني يصير قوله : الزاني ضائعا فلو قال ، وأن الكامل بناقص محصن لكان أخصر وأقرب إلى المراد ومن الشراح من أجاب بأن قوله بناقص متعلق بمحذوف تقديره ، وأن الكامل الزاني إذا كان كماله بناقص محصن ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : بالباني ) أي الناكح ا هـ مغني ( قوله : بأن المعروف بنى على أهله إلخ ) كما قاله الجوهري وغيره ا هـ مغني




                                                                                                                              الخدمات العلمية