الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأن زرع بأرض خراجية أي عليها مال معلوم لبيت المال لوقفها على مصالح المسلمين لفتحها عنوة كأرض مصر والشام والعراق أو لمصالحة أهلها عليه وإن بأرض خراجية ألف وستمائة رطل : مائة وثمانية وعشرون درهما مكيا ، كل : خمسون وخمسا حبة ، من مطلق [ ص: 28 ] الشعير ، من حب وتمر فقط ، منقى ، مقدر الجفاف ما ، وإن لم يجف نصف عشره : كزيت ما له زيت ، [ ص: 29 ] وثمن غير ذي الزيت ، وما لا يجف ، وفول أخضر [ ص: 30 ] إن سقي بآلة وإلا فالعشر ولو اشتري السيح أو أنفق عليه

التالي السابق


بل ( وإن ) زرع ( بأرض خراجية ) أي عليها مال معلوم لبيت المال لوقفها على مصالح المسلمين لفتحها عنوة كأرض مصر والشام والعراق أو لمصالحة أهلها عليه فلا يسقط الخراج الزكاة ابن يونس ; لأنه كراء الأرض الحط الخراج نوعان ما وضع على أرض العنوة وما صالح به الكفار على أرضهم فاشتراها مسلم وتحمل بالخراج بعد شرائه فالنصاب ثلثمائة صاع والصاع أربعة أمداد فهو ألف ومائتا مد والمد ملء اليدين المتوسطتين لا مقبوضتين ولا مبسوطتين ووزنه رطل وثلث بالبغدادي .

فالنصاب ( ألف وستمائة رطل ) بغدادي والرطل ( مائة وثمانية وعشرون درهما مكيا ، كل ) أي : كل درهم ( خمسون ) حبة و ( خمسا ) مثنى خمس سقطت نونه لإضافته إلى ( حبة من مطلق ) عن التقييد بامتلاء أو ضمور وإضافته من إضافة ما كان صفة فلا يقال مطلق الشعير صادق بالمتوسط والضامر أو الممتلئ فالأولى من الشعير المطلق أي : وسط [ ص: 28 ] الشعير ) فتجمع حبات مد من الشعير المتوسط وتكال ويجعل مكيالها مدا تكال به سائر الحبوب والثمار فلا يقال يلزم على التحديد بألف وستمائة رطل اختلاف مقدار النصاب من الحبوب والثمار لاختلافها في الثقل .

وبين خمسة الأوسق فقال ( من حب ) أي : القمح والشعير والسلت والذرة والدخن والأرز والعلس والفول والحمص واللوبيا والعدس والجلبان والبسيلة والترمس والسمسم والزيتون والقرطم وحب الفجل الأحمر ( وتمر ) بفتح المثناة وسكون الميم وألحق به الزبيب فهذه عشرون نوعا هي التي تجب الزكاة فيها ( فقط ) فلا يجب في لوز وجوز وبندق وفستق وتين وبزر كتان وحلبة وسلجم ونحوها حال كون المقدار المذكور ( منقى ) بضم الميم وفتح النون والقاف مثقلا أي : مصفى من قشره الذي لا يخزن به كقشر الفول والحمص والعدس الأعلى ، وأما الذي يخزن به كقشرها الأسفل فلا يشترط تنقيته منه حال كونه ( مقدر ) بضم الميم وفتح القاف والدال المهملة مشددة أي : مفروض ( الجفاف ) بالحزر وغلبة الظن إذا أخذ الحب فريكا قبل يبسه من فول وحمص وشعير وقمح وغيرها وبلح وعنب بعد طيبه وقبل يبسه بأن يحزر مقداره رطبا ويابسا إن كان إن ترك يجف بل ( وإن ) كان إذا ترك ( لم يجف ) كالفول المسقاوي وبلح مصر وعنبها وزيتونها ومبتدأ في خمسة أوسق ( نصف عشر ) حب ( هـ ) إن كان شأنه الجفاف سواء ترك حتى جف أم لا .

وشبه في إخراج نصف العشر فقال ( ك ) نصف عشر ( زيت ما له زيت ) من زيتون وسمسم وقرطم وحب فجل أحمر إن كان حب كل نصابا وإن قل زيته فإن أخرج من حبه أجزأ في غير الزيتون ، وأما الزيتون فيتعين الإخراج من زيته إن كان له زيت سواء عصره أو أكله أو باعه ولا يجزئ الإخراج من حبه ولا من ثمنه أن يبيع ولا من قيمته إن أكل [ ص: 29 ] إن أمكن معرفة قدر زيته ولو بالتحري وإلا أخرج نصف عشر قيمته إن أكل أو أهدى ، وثمنه أن يبيع ( و ) نصف عشر ( ثمن غير ذي الزيت ) من جنس ما له زيت كزيتون مصر أن يبيع وإلا أخرج نصف عشر قيمته يوم طيبه .

( و ) نصف عشر ثمن ( ما لا يجف ) كعنب مصر ورطبها إن بيع وإلا فنصف عشر قيمته فلو أخرج زبيبا أو تمرا فلا يجزئ وكذا يقال فيما لا زيت له من جنس ما له زيت فيتعين الإخراج من ثمنه إن بيع ومن قيمته إن أكل أو أهدى فإن أخرج عنه حبا أو زيتا فلا يجزئ هذا مذهب المدونة قاله المواق ابن عرفة ما لا يتزبب محمد يخرج من ثمنه أو قيمته إن أكله لا زبيبا ، وروى علي وابن نافع من ثمنه إلا أن يجد زبيبا فيلزم شراؤه ابن حبيب من ثمنه وإن أخرج عنه عنبا أجزأه وكذا الزيتون الذي لا زيت له والرطب الذي لا يتتمر إن أخرج من حبه أجزأه ا هـ .

، وأما ما يجف فيتعين الإخراج من جنسه ولو أكله أو باعه رطبا ما لم يعجز عن تحريه بعد بيعه وإلا أخرج من ثمنه هذا مذهب المدونة ( و ) نصف عشر ثمن أو قيمة ( فول أخضر ) وحمص كذلك مما شأنه عدم اليبس كالمسقاوي الذي يسقى بالسواقي إن بيع أو أكل أو أهدي وإن شاء أخرج عنه حبا يابسا بعد حزره فإن كان شأنه اليبس وأخذ أخضر تعين الإخراج من حبه بعد تقدير جفافه قاله الإمام مالك رضي الله عنه في العتبية واقتصر عليه الخرشي وقواه البناني .

ورجح الرماصي جواز الإخراج من ثمنه أو قيمته وهو قول الإمام مالك " رضي الله عنه " في كتاب ابن المواز فتحصل أن الفول الأخضر سواء كان شأنه اليبس أم لا يجوز الإخراج من ثمنه أو قيمته ومن حبه إلا أن الإخراج من الحب ملحوظ ابتداء فيما يبس والثمن فيما لا ييبس البناني ، ظاهر النقل جريان الخلاف فيهما ففي العتبية عن مالك " رضي الله عنه " أن الفول إذا أكل أو بيع أخضر تعين الإخراج من حبه ابن رشد هذا كما قال ; لأن الزكاة قد وجبت فيه بإفراكه فبيعه أخضر كبيع ثمن النخل أو الكرم المزهي .

ثم قال ولمالك " رضي الله عنه " في كتاب ابن المواز في الفول والحمص أنه أدى من ثمنه فلا [ ص: 30 ] بأس ولم يقله في النخل والكرم فتصديره بالأول وتوجيهه يفيد اعتماده ولذا صدر به ابن عرفة فقال مالك " رضي الله عنه " ما أكل من قطنية خضراء أو بيع أن بلغ خرصه يابسا نصابا زكاه بحب يابس وروى محمد ومن ثمنه ومحل زكاة الحب والتمر بنصف عشره ( إن ) بكسر فسكون ( سقي ) بضم فكسر أي : الحب أو التمر ( بآلة ) كسانية وغرب ( وإلا ) أي : وإن لم يسق بآلة بأن كان بغيرها كنيل وسيح وعين ومطر ( فالعشر ) زكاته إن لم يشتر الماء ولم يتفق عليه بل ( ولو اشترى السيح ) أي ماء المطر ممن اجتمع في أرضه . ( أو أنفق عليه ) في إجرائه من أرض مباحة إلى أرضه فيزكي بالعشر لقلة الثمن

والمنفق غالبا وأشار بولو إلى القول بزكاته بنصف عشره إن اشترى السيح أو أنفق عليه ابن عرفة والواجب عشر ما شرب دون كلفة مؤنة كالسيح والمطر وما شرب بعروقه ونصفه إن شرب بها كغرب أو دالية وما اشترى شربه في وجوب عشره أو نصفه قولا ابن حبيب مع ابن بشير عن المشهور وعبد الملك بن الحسن وخرج عليه الصقلي نصف عشر الكروم البعل المشق عملها اللخمي فيما اشترى أصل مائة العشر ; لأن السقي منه غلة وفيما سقي بواد أجري إليه بنفقة نصف عشر أول عام وعشر فيما بعده ابن بشير ظاهر النص العشر مطلقا .




الخدمات العلمية