الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 408 ] وقطعه : دخول وطنه ، أو مكان زوجة دخل بها فقط ، وإن بريح غالبة . ونية دخوله وليس بينه وبينه المسافة . [ ص: 409 ]

ونية إقامة أربعة أيام صحاح ، ولو بخلاله إلا العسكر بدار الحرب [ ص: 410 ] أو العلم بها عادة لا الإقامة ، وإن تأخر سفره ، وإن نواها بصلاة : شفع ولم تجز حضرية ولا سفرية ، وبعدها أعاد في الوقت .

التالي السابق


( وقطعه ) أيضا ( دخول وطنه ) المار هو عليه بأن كان مقيما بمحل غير وطنه وسافر منه إلى بلد آخر ووطنه في أثناء الطريق فلما مر عليه دخله فيتم به ولو لم ينو إقامة أربعة أيام ، فليس هذا مكررا مع قوله وقطعه دخول بلده ( أو ) دخول ( مكان ) أي بلد ( زوجة ) أو سرية ( دخل بها فقط ) أي لا مكان قرابة كأم ، وأب ولا مكان زوجة لم يدخل بها ; لأنه في حكم الوطن ومظنة الإقامة القاطعة . وفهم من قوله دخول أن المرور على الوطن أو مكان الزوجة بلا دخول لا يقطعه . قال في التوضيح إنما يمنع المرور بشرط دخوله أو نية دخوله لا إن اجتاز .

وقد نص ابن الحاجب وابن عرفة على إلحاق السرية بالزوجة إن دخل وطنه أو مكان زوجته مختارا بل ( وإن ) كان دخوله ( بريح غالبة ، و ) قطعه أيضا ( نية دخوله ) وطنه أو مكان زوجته الذي في أثناء طريقه ( وليس بينه ) أي البلد الذي سافر منه ( وبينه ) أي المحل المنوي دخوله ( المسافة ) أي أربعة برد كمقيم بمكة المشرفة ووطنه أو مكان زوجته الجعرانة سافر منها للمدينة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام ، ونوى حين خروجه أن يدخل الجعرانة فيتم بين مكة والجعرانة ; لأنه أقل من المسافة . وإن لم ينو إقامة أربعة أيام بالجعرانة ، وإذا خرج من الجعرانة اعتبر المسافة الباقية لمنتهى سفره . فإن كانت أربعة برد قصر ، وإلا فلا ومفهوم ليس بينه وبينه المسافة أنه إن كان بينهما المسافة يقصر فيما بينهما ثم يعتبر الباقي أيضا . [ ص: 409 ]

وقولنا حين خروجه احترازا مما إذا طرأت نية الدخول أثناء سفره فيستمر على القصر ولو كان بين محل النية والمحل المنوي دخوله أقل منها على المعتمد .

( و ) قطعه أيضا ( نية إقامة أربعة صحاح ) مشتملة على عشرين صلاة فمن دخل فجر السبت ناويا الإقامة إلى غروب الثلاثاء والخروج قبل مغيب الشفق لم ينقطع قصره ; لأنه ، وإن تمت الأيام الأربعة لم يجب عليه عشرون صلاة . ومن دخل قبل عصره ولم يصل الظهر ناويا السفر بعد صبح الأربعاء يقصر . ; لأنه وإن وجب عليه عشرون صلاة ليس معه إلا ثلاثة أيام صحاح واعتبر سحنون العشرين فقط هذا إذا كانت نية الإقامة في ابتداء سفره أو في آخره بل ( ولو ) حدثت ( بخلاله ) أي أثناء سفره .

وأشار ب ولو إلى ما رجحه ابن يونس من أن نية إقامة المدة المذكورة لا تقطع القصر إلا إذا كانت في انتهاء السفر أو ابتدائه . وأما إذا كانت في خلاله فلا تقطعه فله القصر إذا خلل سفره بإقامات لم ينوها في ابتداء سفره فكلما سافر قصر ولو دون المسافة والأولى ونزول بمكان نوى إقامة أربعة أيام صحاح به ولو بخلاله ; لأن ظاهره أنه بمجرد النية ينتهي قصره إذا لم يكن بين محلها ومحل الإقامة المسافة وليس كذلك . وإذا سافر من المحل الذي نوى الإقامة به فلا يقصر حتى يصل لمحل القصر بالنسبة لمن كان مقيما به وسافر على أقوى الطريقتين لا بمجرد العزم على السفر . أما لو نوى الإقامة بمحل ورجع عن نيتها قبلها فإنه يقصر بمجرد ذلك .

( إلا العسكر ) ينوي الإقامة أربعة أيام فأكثر ( بدار الحرب ) أي المحل الذي يخاف فيه العدو ، سواء كانت دار كفار أو مسلمين فلا ينقطع قصره . وأما الأسير بدار الحرب فيتم ما دام مقيما بها فإن هرب للجيش فيقصر بمجرد انفصاله من البيت الذي كان فيه ، ولا يشترط مجاوزة بناء البلد ولا بساتينها ; لأنه صار من الجيش . وإن هرب لغير الجيش قصر إن عدى البساتين أو البناء على ما مر . ومفهوم بدار الحرب أن العسكر المقيم بدار الإسلام أي المحل الذي لا يخاف فيه العدو يتم . [ ص: 410 ]

( أو ) أي ، وقطعه أيضا ( العلم بها ) أي إقامة الأيام الأربعة في محل ( عادة ) فيتم ، وإن لم ينوها كما علم من أن عادة الحجاج إذا دخلوا مكة والمدينة المنورة بأنوار ساكنها صلى الله عليه وسلم يقيمون بها أربعة أيام فأكثر فيتمون سواء نووا الإقامة بها أم لا ، واحترز بالعلم عن الشك فيها فلا يقطع القصر ( لا ) يقطع القصر ( الإقامة ) المجردة عن نيتها والعلم بها عادة كإقامته لحاجة يظن قضاءها قبل تمام الأيام الأربعة ، فيقصر فيها إن لم يتأخر سفره بل ( وإن تأخر ) بفتحات مثقلا أي بعد وتراخى ( سفره ) بطول إقامته فهو كقول الباجي .

ولو كثرت إقامته وفي نسخة بياء الجر ، وكسر الخاء المعجمة أي ولو كانت الإقامة المجردة في آخر سفره وفيها نظر ، لقول ابن عرفة ولا يقصر في الإقامة التي في آخر سفره إلا أن يعلم الرجوع قبل الأربعة الحط . أو يظن ولو تخلف بعد ذلك لا مع الاحتمال .

وسئل ابن سراج عن مسافر يقيم في بلد ولا يدري كم يجلس فيه فهل يبقى على قصره أم لا ، فأجاب إن كان البلد في أثناء سفره قصد مدة إقامته ، وإن كان في منتهاه أتم فما في هذه النسخة تبعا لابن الحاجب غير مسلم ( وإن نواها ) أي الإقامة القاطعة للقصر ( بصلاة ) أي فيها أحرم بها مقصورة قطعها إن لم يعقد ركعة منها ، وإن عقد ركعة منها ( شفع ) ها بأخرى ندبا وسلم .

( ولم تجز ) بضم فسكون إن أتمها ( حضرية ) لعدم نيته ( ولا سفرية ) لانقطاع قصره بنية الإقامة ، ومثل نيتها إدخاله وهو في الصلاة السفرية وطنه أو مكان زوجته بغلبة ريح ( و ) إن نواها ( بعد ) تمام ( ها ) أي الصلاة ( أعاد ) ها تامة ندبا ( في الوقت ) المختار ; لأن نيته بحسب العادة لا بد لها من تردد قبلها في الإقامة ، فإذا جزم بها بعد الصلاة فلعله كان مترددا فيها حال صلاته فاحتيط له بالإعادة .




الخدمات العلمية