الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 446 ] وكره ترك طهر فيهما ، والعمل يومها وبيع : كعبد بسوق وقتها وتنقل إمام قبلها ، أو جالس عند الأذان وحضور شابة ، وسفر بعد الفجر ، وجاز قبله ، وحرم بالزوال . [ ص: 447 ] ككلام في خطبتيه بقيامه ، وبينهما ، ولو لغير سامع ، إلا أن يلغو على المختار ، [ ص: 448 ] وكسلام ، ورده ونهي لاغ ، وحصبه أو إشارة له وابتداء صلاة بخروجه ، وإن لداخل . ولا يقطع إن دخل .

[ ص: 446 ]

التالي السابق


[ ص: 446 ] وكره ) بضم فكسر للخطيب ( ترك طهر ) أصغر أو أكبر ( فيهما ) أي الخطبتين فليست الطهارة شرطا في صحتهما على المشهور ، نعم هي شرط كمال ، وإن حرم عليه المكث في المسجد إن كان جنبا ( و ) كره ترك ( العمل ) أي الخياطة أو الحياكة مثلا ( يومها ) أي الجمعة إن قصد به تعظيم اليوم كسبت اليهود ، وأحد النصارى ، فإن كان للراحة جاز ، وإن كان للتجرد للعبادة ندب ( و ) كره ( بيع كعبد ) مسافر ممن لا تلزمه الجمعة من إضافة المصدر لفاعله ، ومفعوله محذوف أي شيئا والكاف اسم بمعنى مثل أي تعامله مع مثله ( بسوق وقتها ) أي الجمعة من ابتداء الجلسة الأولى إلى السلام ، ومفهوم كعبد حرمة بيع من تلزمه وقتها مطلقا ، ومفهوم بسوق جواز بيع كعبد بغيرها ومفهوم وقتها كذلك .

( و ) كره ( تنفل إمام قبلها ) أي الجمعة حيث دخل لرقي المنبر ، فإن دخل قبل وقته أو لانتظار الجماعة ندبت له التحية ( أو ) تنفل ( جالس ) في المسجد يقتدى به ( عند الأذان ) الأول ومفهوم جالس جوازه لداخل للتنقل قبله ، ومفهوم يقتدى به أن من لا يقتدى به لا يكره تنفله عنده ومفهوم عند الأذان جوازه قبله والتنفل عند أذان غير الجمعة كذلك ، وكذا بعدها إلى انصراف الناس أو دخول وقت انصرافهم إن لم ينصرفوا أو دخوله بعد الخروج منه .

( و ) كره ( حضور شابة ) غير مخشية الفتنة الجمعة لكثرة زحامها ويحرم لمخشيتها ويجوز لعجوز لا أرب فيها ويكره لمن فيها أرب ( و ) كره لمن تلزمه ( سفر بعد ) طلوع ( الفجر ) يومها هذا هو المشهور وروى علي بن زياد وابن وهب عن الإمام مالك رضي الله تعالى عنه إباحته لعدم خطابه بها ، وحجة المشهور تفويته مشهد الخير ( وجاز ) السفر ( قبله ) أي الفجر ( وحرم ) سفر من تلزمه ( بالزوال ) إلا أن يعلم إدراكها ببلد بطريقه [ ص: 447 ] أو يخشى على نفسه أو ماله بذهاب رفقته وسفره وحده ابن رشد يكره السفر يوم العيد قبل طلوع الشمس ، ويحرم بطلوعها وبناء الحط على أنها فرض عين ولكن المعتمد كراهته عدوي .

وشبه في الحرمة فقال ( ككلام ) من غير الخطيب ومجيبه ( في ) حال ( خطبتيه ) لا حال جلوسه قبلهما حال كونهما ( بقيامه ) أي الخطيب ( و ) في حال جلوسه ( بينهما ) أي الخطبتين والترضي على الصحابة والدعاء للسلطان ملحقان بالخطبة فيحرم الكلام حالهما قرره العدوي لسامعهما بل ( ولو لغير سامع ) لبعد أو صمم إن كان بالجامع أو رحبته لا خارجهما ولو سمع ، ومثل الكلام الأكل والشرب وتحريك ما له صوت كورق وثوب جديد وسبحة قاله عبق . البناني فيه نظر الراجح حرمة الكلام وقت الخطبة سواء كان في المسجد أو رحبته أو خارجا عنهما بأن كان بالطريق المتصلة به سواء سمع الخطبة أو لم يسمعها لقول ابن عرفة الأكثر على أن الصمت واجب على غير السامع ولو بغير مسجد .

وفي المدونة ومن أتى والإمام يخطب فإنه يجب عليه الإنصات في الموضع الذي يجوز له أن يصلي فيه الجمعة ا هـ . وقال الأخوان لا يجب حتى يدخل المسجد . وقيل إذا دخل رحاب المسجد ( إلا ) بكسر الهمز وشد اللام حرف استثناء ( أن ) بفتح الهمز وسكون النون حرف مصدري ناصب ( يلغو ) بفتح المثناة وسكون اللام وضم الغين المعجمة أي يتكلم الخطيب بكلام لاغ ساقط خارج عن نظام الخطبة كسب من لا يجوز سبه ، ومدح من لا يجوز مدحه ، وقراءة كتاب غير متعلق بالخطبة ، وكلام لا يعني فلا يحرم من غيره ( على ) القول ( المختار ) للخمي من الخلاف ، وهو قول مالك وعبد الملك وابن حبيب رضي الله تعالى عنهم ، وصوبه اللخمي . ومقابله لمالك رضي الله تعالى عنه أيضا لا ينبغي الكلام حال لغو الإمام . [ ص: 448 ]

وعطف على المشبه في الحرمة مشبها آخر فيها فقال ( وك ) ابتداء ( سلام ) فيحرم حال الخطبتين ( ورده ) أي السلام فيحرم حالهما ولو بإشارة ، ونقل ابن هارون عن مالك رضي الله تعالى عنه جواز رده بالإشارة ، وأنكره في التوضيح ، واعترضه مصطفى بنقل أبي الحسن جوازه بها عن اللخمي . البناني لم أجد في نسختين من أبي الحسن ما نقله عنه مصطفى . ( ونهي ) شخص ( لاغ ) فيحرم من غير الخطيب بأن يقول له اسكت لحديث { إذا قلت لصاحبك والإمام يخطب يوم الجمعة أنصت فقد لغوت } رواه الشيخان في صحيحهما ، لكن لم يرد أنه صلى الله عليه وسلم أمر أن يقال بين يديه قبل الخطبة ولم يفعل في زمنه صلى الله عليه وسلم ولا في زمن أحد من خلفائه الراشدين رضي الله تعالى عنهم ، وإنما هي بدعة ابتدعها أهل الشام وتبعهم الناس ، ويدل لها { قوله صلى الله عليه وسلم لجرير في حجة الوداع بمنى يوم النحر استنصت الناس ثم خطبهم صلى الله عليه وسلم } ( وحصبه ) أي رمي اللاغي بالحصباء زجرا له فيحرم ( وإشارة له ) أي اللاغي بأن يسكت فتحرم .

( وابتداء صلاة ) نافلة فتحرم ( ب ) مجرد ( خروجه ) أي الإمام للخطبة على جالس في المسجد قبل خروجه ويقطع مطلقا بل ( وإن ل ) شخص ( داخل ) المسجد حال خروج الإمام للخطبة أو بعده ويقطع إن أحرم بها عامدا ، ولو عقد ركعة لا إن أحرم بها ناسيا أو جاهلا فلا يقطع ولو لم يعقد ركعة ، وقال السيوري يجوز النفل للداخل حينئذ كمذهب الشافعي رضي الله تعالى عنه لحديث سليك الغطفاني ، وفيه { أنه صلى الله عليه وسلم قال له لما جلس إذا جاء أحدكم للجمعة والإمام يخطب فليصل ركعتين خفيفتين ثم يجلس } . وتأوله ابن العربي بأنه كان فقيرا ودخل يطلب شيئا فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة ليتفطن الناس له فيتصدقون عليه على أنه لم يصحبه عمل فهو منسوخ .

( ولا يقطع ) المتنفل ( إن دخل ) الخطيب للخطبة ، وهو متلبس بها ، ولو علم دخوله [ ص: 449 ] عليه قبل تمامها أو لم يعقد ركعة .




الخدمات العلمية