الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ويفرقه ) أي السوط من حيث العدد ( على الأعضاء ) وجوبا كما قاله الأذرعي لئلا يعظم الألم بالموالاة في محل واحد ، ومن ثم لا يرفع عضده حتى يرى بياض إبطه كما لا يضعه وضعا غير مؤلم ( إلا المقاتل ) كثغرة نحر وفرج ; لأن القصد زجره لا إهلاكه ( والوجه ) فيحرم ضربهما كما بحثه أيضا ، فإن ضربه على مقتل فمات ففي ضمانه وجهان كالوجهين فيما لو جلده في حر أو برد مفرطين قاله الدارمي ، ومقتضاه نفي الضمان ( قيل والرأس ) لشرفه ، ولأنه مقتل ويخاف منه العمى ، والأصح عدم المنع ; لأنه مستور بالشعر غالبا فلا يخاف تشويهه بضربه بخلاف الوجه ، ومقتضاه أنه لو لم يكن عليه شعر لقرع أو حلق رأس اجتنبه قطعا ، وما نقل عن أبي بكر من أمره الجلاد بضربه وتعليله بأن فيه شيطانا ضعيف ومعارض بما مر عن علي ، ومحل الخلاف حيث لم يترتب عليه محذور تيمم بقول طبيب ثقة وإلا حرم جزما لعدم توقف الحد عليه [ ص: 18 ] ( ولا تشد يده ) بل تترك ليتقي بها ومتى وضعها على محل ضرب ضربه على غيره ، إذ وضعها عليه دال على شدة تألمه بضربه ، ولا يلطم وجهه ، ويتجه حرمته إن تأذى به ، وإلا كره بل يحد الرجل قائما والمرأة جالسة ( ولا تجرد ثيابه ) حيث لم تمنع وصول ألم الضرب ، ويظهر كراهة ذلك بخلاف نحو جبة محشوة بل يتجه وجوب نزعها إن منعت وصول الألم المقصود ، وتؤمر امرأة أو محرم بشد ثياب المرأة عليها كي لا تنكشف ويتجه وجوبه ، ولا يتولى الجلد إلا رجل ، واستحسن الماوردي ما أحدثه ولاة العراق من ضربها في نحو غرارة من شعر زيادة في سترها ، وأن ذا الهيئة يضرب في الخلاء .

                                                                                                                            والخنثى كالأنثى ، نعم يتجه أن لا يتولى نحو شد ثيابه إلا نحو محرم ( ويوالي الضرب ) عليه ( بحيث يحصل ) له ( زجر وتنكيل ) بأن يضربه في كل مرة ما يحصل به إيلام له ، وقع ثم يضرب الثانية قبل انقطاع ألم الأولى ، فإن اختل شرط من ذلك حرم كما لا يخفى ولم يعتد به .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ومن ثم لا يرفع عضده ) أي فلو رفعه أثم وأجزأه ، وإن ضرب به على وجه لا يؤلم لم يعتد به ( قوله : ومقتضاه نفي الضمان ) معتمد ( قوله : وتعليله بأن فيه ) أي الرأس ( قوله وإلا حرم ) أي وأجزأ وإذا مات منه لا ضمان [ ص: 18 ] قوله : ضربه على غيره ) أي وجوبا ( قوله ولا يلطم وجهه ) عبارة حج : ولا يلقي على وجهه وهي المرادة من هذه العبارة ; لأن امتناع الضرب على الوجه قد مر ( قوله : ويظهر كراهة ذلك ) ينبغي حرمته إن كان على وجه مزر كعظيم أريد الاقتصار من ثيابه على ما يزري كقميص لا يليق به أو إزار فقط ا هـ سم على حج ( قوله : وتؤمر امرأة ) أي وجوبا فيما يظهر : أي حيث ترتب نظر محرم على التكشف فيما يظهر ا هـ سم على حج ( قوله ويتجه وجوبه ) أي وجوب الشد ( قوله : ولا يتولى الجلد ) ينبغي أن ذلك سنة ( قوله : إلا نحو محرم ) أي فإن لم يوجد المحرم تولاه كل من الفريقين كما في غسله إذا مات ولا محرم له ، وعلى هذا التفصيل يحمل كلام الشارح ( قوله : قبل انقطاع ألم الأولى ) ظاهره سواء رضي أو لا .

                                                                                                                            قال شيخنا الزيادي : وبحث الأذرعي حرمته مطلقا بغير رضا المحدود لما فيه من زيادة الفضيحة مع مخالفته للمأثور ، وهو محتمل ، ويحتمل خلافه ; لأنه إذا جاز له الزيادة على الأربعين تعزيرا فهذا أولى ا هـ حج .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : ومعارض بما مر عن علي ) تبع في هذا ابن حجر لكن ذاك ذكر عقب قول المصنف ما نصه فيحرم ضربهما لأمر علي كرم الله وجهه بالأول ونهيه عن الأخيرين والرأس ا هـ فصح له هذا الكلام ، بخلاف الشارح فإنه لم يقدم ما ذكر هناك [ ص: 18 ] قوله : ولا يلطم على وجهه ) عبارة الروض وشرحه ولا يمد على الأرض انتهت فاقتضت منع مده على الأرض على ظهره مثلا وهو الذي يقتضيه قول الشارح الآتي بل يجلد الرجل قائما إلخ ( قوله : بأن يضربه في كل مرة إلخ ) أي فيكفي هذا في الموالاة وليس المراد أن هذا حقيقة الموالاة الواجبة حتى يمتنع خلافها كما لا يخفى ( قوله : فإن اختل شرط من ذلك ) أي من الإيلام ومن كونه له وقع ومن الموالاة




                                                                                                                            الخدمات العلمية