الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( دل أهل الحرب على عورة ) أي خلل ( للمسلمين ) كضعف ( أو فتن مسلما عن دينه ) أو دعاه لكفر ( أو طعن في الإسلام أو القرآن أو ذكر ) جهرا الله تعالى أو ( رسول الله ) أو القرآن أو نبيا ( بسوء ) مما لا يتدينون به أو قتل مسلما عمدا ( أو قذفه ) ( فالأصح أنه إن شرط انتقاض العهد بها انتقض ) بمخالفته الشرط ( وإلا ) بأن لم يشترط ذلك ، ومثله ما لو شك هل شرط أو لا في الأوجه ( فلا ) ينتقض لانتفاء إخلالها بمقصود العقد وهذا هو المعتمد ، وإن صحح في أصل الروضة عدم النقض مطلقا وسواء انتقض أم لا نقيم عليه موجب فعله من حد أو تعزير ، فلو رجم وقلنا بانتقاضه صار [ ص: 105 ] ماله فيئا ، أما ما يتدين به كزعمهم أن القرآن ليس من عند الله أو أن الله ثالث ثلاثة فلا نقض به مطلقا قطعا ( ومن انتقض عهده بقتال جاز ) بل وجب ( دفعه به وقتاله ) ولا يبلغ المأمن لعظم خيانته ومن ثم جاز قتله وإن أمكن دفعه بغيره كما يظهر من كلامهم ، ويتجه أيضا أن محله في كامل ففي غيره يدفع بالأخف لأنه إذا اندفع به كان مالا للمسلمين ، ففي عدم المبادرة إلى قتله مصلحة لهم فلا يفوت عليهم ( أو بغيره ) أي القتال ( لم يجب إبلاغه مأمنه في الأظهر بل يختار الإمام فيه ) إن لم يطلب تجديد عقد الذمة وإلا وجبت إجابته ( قتلا ورقا ) الواو هنا وبعد بمعنى أو وآثرها لأنها أجود في التقسيم عند غير واحد من المحققين ( ومنا وفداء ) لأنه حربي أبطل أمانه ، وبه فارق من دخل بأمان نحو الصبي ظنه أمانا ، ولا ينافي هذا قولهما في الهدنة من دخل دارنا بأمان أو هدنة لا يقاتل وإن انتقض عهده بل يبلغ المأمن مع أن حق الذمي آكد لأن جناية الذمي أفحش لمخالطته لنا خلطة ألحقته بأهل الدار فغلظ عليه أكثر ( فإن ) ( أسلم ) من انتقض عهده ( قبل الاختيار ) ( امتنع الرق ) والقتل والفداء ، بخلاف الأسير لأنه لم يحصل في يد الإمام بالقهر وله أمان متقدم فخف أمره .

                                                                                                                            والحاصل أنه يتعين المن ( وإذا بطل أمان رجال ) حصل بجزية أو غيرها ( لم يبطل أمان ) ذراريهم من نحو ( نسائهم والصبيان في الأصح ) لانتفاء جناية منهم ناقضة أمانهم ، وإنما تبعوا في العقد دون النقض تغليبا للعصمة فيهما ، والثاني يبطل تبعا لهم كما تبعوهم في الأمان ورد بما مر ، ولو طلبوا دار الحرب أجيب النساء دون الصبيان إذ لا اختيار لهم ( وإذا اختار ذمي نبذ العهد واللحوق بدار الحرب بلغ المأمن ) وهو المحل الذي يأمن فيه على نفسه وماله من أقرب بلادهم لعدم ظهور جناية منه .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : فالأصح أنه إلخ ) لا يقال : هذا مناف لما تقدم من أنهم لو أسمعوا المسلمين شركا أو أظهروا الخمر أو نحو ذلك مما تقدم لم ينتقض عهدهم وإن شرط عليهم الانتقاض .

                                                                                                                            لأنا نقول : ما تقدم فيما يتدينون به أو يقرون على أصله كشرب الخمر وما هنا فيما لا يتدينون به ويحصل منه أذى لنا كما يشير إليه قوله الآتي : أما ما يتدين به كزعمهم أن القرآن ليس من عند الله أو أن الله ثالث ثلاثة فلا نقض به إلخ ( قوله : إن شرط انتقاض العهد ) وينبغي أن يأتي هذا التفصيل فيما لو ضرب المسلم ( قوله : انتقض ) أي فيترتب عليه أحكام الحربيين حتى لو عفت ورثة المسلم الذي قتله عمدا عنه قتل للحرابة ويجوز إغراء الكلاب على جيفته ( قوله : وهذا هو المعتمد ) أي التفصيل ( قوله : من حد أو تعزير ) ومنه قتله بالمسلم إذا قتله عمدا كما هو ظاهر ( قوله : وقلنا بانتقاضه ) مرجوح [ ص: 105 ] قوله فلا يفوت عليهم ) أي فلو خالف وقتله ابتداء لم يضمنه ( قوله : وإلا وجبت إجابته ) ظاهره وإن تكرر منه ذلك ، وينبغي أن محله حيث لم تدل قرينة على أن سؤاله نفيه فقط .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            كتاب الهدنة ( قوله : لمخالطته لنا ) جرى على الغالب ( قوله : بلغ المأمن ) قال البندنيجي وغيره : والمراد به أقرب بلاد الحرب من دارنا .

                                                                                                                            قال الأذرعي : هذا في النصراني ظاهر ، وأما اليهودي فلا مأمن له نعلمه بالقرب من ديار الإسلام بل ديار الحرب كلهم نصارى فيما أحسب وهم أشد عليهم منا ، فيجوز أن يقال لليهودي اختر لنفسك مأمنا واللحوق بأي ديار الحرب شئت .




                                                                                                                            الخدمات العلمية