الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وولي المجنونة ) والمجنون ولو عارضا ( في النكاح ) أما التصرف في المال فللأب اتفاقا ( ابنها ) وإن سفل ( دون أبيها ) كما مر ، والأولى أن يأمر الأب به ليصح اتفاقا ( ولو أقر ولي صغير أو صغيرة أو ) أقر ( وكيل رجل أو امرأة أو مولى لعبد النكاح لم ينفذ ) لأنه إقرار على الغير بخلاف مولى الأمة حيث ينفذ إجماعا لأن منافع بعضها ملكه ( إلا أن يشهد الشهود على النكاح ) بأن ينصب القاضي خصما عن الصغير ، حتى ينكر فتقام البينة عليه ( أو يدرك الصغير أو الصغيرة فيصدقه ) أي الولي المقر ( أو يصدق الموكل أو العبد ) عند أبي حنيفة وقالا : يصدق في ذلك [ ص: 84 ] وهذه المسألة مخرجة من قولهم من ملك الإنشاء ملك الإقرار به ولها نظائر

التالي السابق


( قوله وولي المجنونة والمجنون ) أي جنونا مطبقا وهو شهر كما مر ، وتقدم أيضا أن المعتوه كذلك ( قوله ولو عارضا ) أي ولو كان جنونهما عارضا بعد البلوغ خلافا لزفر ( قوله اتفاقا ) أي بخلاف الولاية في النكاح ، ففيها خلاف محمد ، فهي عنده للأب أيضا وعندهما للابن ( قوله دون أبيها ) أي أو جدها والمراد أنه إذا اجتمع المجنونة أبوها أو جدها مع ابنها ، فالولاية للابن عندهما دون الأب أو الجد كما في الفتح وكذا الباقي العصبات تزويجها على الترتيب المار فيهم كما قدمناه عن الفتح ( وقوله ولو أقر إلخ ) قال الحاكم الشهيد في الكافي الجامع لكتب ظاهر الرواية وإذا أقر الأب أو غيره من الأولياء على الصغير أو الصغيرة بالنكاح أمس لم يصدق على ذلك إلا بشهود أو تصديق منهما بعد الإدراك في قول أبي حنيفة ، وكذلك إقرار المولى على عبده ، وأما إقراره على أمته بمثل ذلك فجائز مقبول وقال أبو يوسف ومحمد : الإقرار من هؤلاء في جميع ذلك جائز وكذلك إقرار الوكيل على موكله على هذا الاختلاف ا هـ .

ونقل في الفتح عن المصفى عن أستاذه الشيخ حميد الدين : أن الخلاف فيما إذا أقر الولي في صغرهما ، وإليه أشار في المبسوط وغيره قال : وهو الصحيح ، وقيل فيما إذا بلغا وأنكرا فأقر الولي ، أما لو أقر في صغرهما يصح اتفاقا واستظهره في الفتح وقد علمت أن الأول ظاهر الرواية وأنه الصحيح ( قوله بخلاف مولى الأمة ) أي إذا ادعى رجل نكاحها فأقر له مولاها يقضي به بلا بينة ، وتصديق درر أي لو عتقت لا يحتاج إلى تصديقها ، ومقتضى تعليل الشارح أنه لا يصح إقراره عليها بعد العتق ( قوله بأن ينصب القاضي إلخ ) أي لأن الأب مقر ، والصغير لا يصح إنكاره ولا بد في الدعوى عن خصم فينصب عنه خصما حتى ينكر فتقام عليه البينة ، فيثبت النكاح على الصغير أفاده في الفتح ( قوله أي الولي المقر ) بالنصب تفسيرا للضمير المنصوب ( قوله أو يصدق ) بالنصب عطفا على يدرك ، وقوله الموكل أو العبد مرفوعان على الفاعلية والمفعول محذوف أي يصدق الموكل الوكيل أو العبد المولى ( قوله وقالا يصدق في ذلك ) أي يصدق المقر في جميع فروع هذه المسألة السابقة مثل إقرار المولى على أمته كما سمعت التصريح به في عبارة الكافي ومثله في البدائع فافهم .

( قوله وهذه المسألة ) أي مسألة عدم قبول الإقرار من ولي الصغير أو الصغيرة ، ومن الوكيل ومولى العبد مخرجة أي مستثناة على قول الإمام من قاعدة من ملك إنشاء عقد ملك الإقرار به كالمولى إذا أقر بالفيء في مدة الإيلاء وزوج المعتدة إذا قال في العدة راجعتك ، وهو وجه قولهما [ ص: 84 ] بالقبول هنا كما في إقراره بتزويج أمته ، ووجه قول الإمام حديث : " { لا نكاح إلا بشهود } " وأنه إقرار على الغير فيما لا يملكه ، وتمامه في البدائع وعلى ما استظهره في الفتح في مسألة الصغيرين فهي داخلة في مفهوم القاعدة ، على قول الإمام لأنه لا يملك الإنشاء حال بلوغهما فلا يملك الإقرار ، وعلى قولهما تكون خارجة عن القاعدة ( قوله ملك الإقرار به ) الأولى حذف به لعدم مرجع الضمير وإن علم من المقام لأن المعنى من ملك إنشاء شيء ملك الإقرار به ط ( قوله ولها نظائر ) كإقرار الوصي بالاستدانة على اليتيم لا يصح ، وإن ملك إنشاء الاستدانة بحر عن المبسوط ، وكما لو وكله بعتق عبد بعينه فقال الوكيل : أعتقته أمس وقد وكله قبل الأمس لا يصدق بلا بينة ، وتمامه في حواشي الأشباه للحموي من الإقرار




الخدمات العلمية