الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( والإيلاج في محل البكارة يحلها والموت عنها لا ) كما في القنية . واستشكله المصنف ، وفي النهر : وكأنه ضعيف لما في التبيين : يشترط أن يكون الإيلاج موجبا للغسل وهو التقاء الختانين بلا حائل يمنع الحرارة ، وكونه عن قوة نفسه فلا يحلها من لا يقدر عليه إلا بمساعدة اليد [ ص: 414 ] إلا إذا انتعش وعمل ولو في حيض ونفاس وإحرام ; وإن كان حراما ; وإن لم ينزل لأن الشرط الذوق لا الشبع قلت : وفي المجتبى : الصواب حلها بدخول الحشفة مطلقا ، لكن في شرح المشارق لابن مالك : لو وطئها وهي نائمة لا يحلها للأول لعدم ذوق العسيلة ، وينبغي أن يكون الوطء في حالة الإغماء كذلك . ( وكره ) التزوج للثاني ( تحريما ) لحديث { لعن المحلل والمحلل له } ( بشرط التحليل ) كتزوجتك على أن أحللك [ ص: 415 ] ( وإن حلت للأول ) لصحة النكاح وبطلان الشرط فلا يجبر على الطلاق كما حققه الكمال ، خلافا لما زعمه البزازي : .

التالي السابق


( قوله : والموت عنها لا ) أي لو مات عنها قبل الوطء لا يحلها للأول وإن كان الموت كالدخول في إيجاب العدة وتقرير المهر المسمى لأن الشرط هنا الوطء ( قوله : واستشكله المصنف ) الضمير يرجع إلى الإحلال المفهوم من قول المصنف يحلها ، وأصل الإشكال لصاحب البحر ، فإنه قال بعد ذكر هذا الفرع مع أنه نقل في المحيط من كتاب الطهارة أنه لو أتى امرأة وهي عذراء لا غسل عليه ما لم ينزل لأن العذرة مانعة من مواراة [ ص: 414 ] الحشفة ا هـ أي ولا يحلها الوطء الموجب للغسل ط وأجاب الرحمتي والسائحاني بحمل ما في القنية على ما إذا أزال البكارة بقرينة الإيلاج فإنه لا يكون بدونه . وفيه أن عبارة القنية هكذا إذا أولج إلى مكان البكارة ، وحمل " إلى " على معنى " في " بعيد . ثم لا يخفى أن ما ينفرد به صاحب القنية لا يعتمد عليه ، كيف وهو مخالف لما في المشاهير كقول الهداية والشرط الإيلاج ، وقول الفتح بقيد كونه عن قوة نفسه وإن كان ملفوفا بخرقة إذا كان يجد حرارة المحل إلخ ما يأتي عن التبيين وكذا ما مر عن البزازية ومسألة المفضاة وبعد اعتراف المصنف بإشكاله ما كان ينبغي له جعله متنا ( قوله : إلا إذا انتعش وعمل ) هذا لم يذكره في التبيين ، نعم ذكره في الفتح والنهر . والظاهر أن الاستثناء منقطع لأن الانتعاش الانتهاض ، والمراد به وبالعمل أن يكون له نوع انتشار يحصل به إيلاج كي لا يكون بمنزلة إدخال خرقة في المحل فإنه ربما لا يحصل به التقاء الختانين ، ولذا قال بعد ذلك في الفتح : بخلاف من في آلته فتور وأولجها فيها حتى التقى الختانان فإنها تحل به ( قوله : ولو في حيض إلخ ) الأولى حذف هذه الجملة من هنا وذكرها عند قول المصنف حتى يطأها غيره ( قوله : مطلقا ) أي سواء كان الإيلاج بمساعدة اليد أو لا .

وعبارة المجتبى : وقيل إيلاج الشيخ الفاني بيده يحلها ، وقيل إذا لم تنتشر آلته فأدخله بيده ، أو بيدها أو كان الذكر أشل لا يحلها بالإيلاج ، والصواب حلها لأنه متعلق بدخول الحشفة ا هـ وأقره في الشرنبلالية ، وهو خلاف ما مشى عليه الزيلعي وابن الهمام وصاحب النهر كما مر . وفيه أن الحل معلق بذوق العسيلة كما علمت فتأمل ( قوله : لكن في شرح المشارق إلخ ) فيه أن هذا الكتاب ليس موضوعا لنقل المذهب ، وإطلاق المتون والشروح يرده ، وذوق العسيلة للنائمة موجود حكما ألا ترى أن النائم إذا وجد البلل يجب عليه الغسل وكذا المغمى عليه مع أن خروج المني لا يوجبه إلا مع وجود اللذة ، وما ذاك إلا لوجودها حكما لأنه ربما حصلت وذهل عنها بثقل النوم والإغماء ، وقد تقدم أن المجنون يحلها ، والجنون فوق الإغماء والنوم رحمتي .

قلت : ورأيت في معراج الدراية : ووطء النائمة والمغمى عليه يحل عندنا وفي أحد قولي الشافعي ا هـ هكذا رأيته في نسخة سقيمة فلتراجع نسخة أخرى . ثم لا يخفى أن نومه وإغماءه كنومها وإغمائها ، لكن إذا قلنا إن إيلاج الشيخ الفاني لا يحلها ما لم ينتعش ويعمل يلزم أن يكون مثله النائم والمغمى عليه وكذا في جانبها ، نعم على تصويب المجتبى من الاكتفاء بدخول الحشفة يظهر الإحلال في الكل فتأمل ( قوله : وكره التزوج للثاني ) كذا في البحر : لكن في القهستاني : وكره للأول والثاني ، وعزاه محشي مسكين إلى الحموي عن الظهيرية ، وينبغي أن يزاد المرأة بل هي أولى من الأول في الكراهة لأن العقد بشرط التحليل إنما جرى بينها وبين الثاني ، والأول ساع في ذلك ومتسبب والمباشر أولى من المتسبب ولفظ الحديث يشمل الكل ، فإن المحلل له يصدق على المرأة أيضا ( قوله : لحديث { لعن المحلل والمحلل له } ) بإضافة " حديث " إلى " لعن " ، فهو حكاية للمعنى ، وإلا فلفظ الحديث كما في الفتح " { لعن الله المحلل والمحلل له } " وهو كذلك في بعض النسخ ( قوله : بشرط التحليل ) تأويل للحديث بحمل [ ص: 415 ] اللعن على ذلك ، ويأتي تمام الكلام عليه ( قوله : وإن حلت للأول إلخ ) هذا قول الإمام ، وعن أبي يوسف أنه يفسد النكاح لأنه في معنى المؤقت لا يحلها . وعن محمد يصح ولا يحلها لأنه استعجل ما أخره الشرع كما في قتل المورث هداية ( قوله : خلافا لما زعمه البزازي ) حيث قال : زوجت المطلقة نفسها من الثاني بشرط أن يجامعها ويطلقها لتحل للأول . قال الإمام : النكاح والشرط جائزان حتى إذا أبى الثاني طلاقها أجبره القاضي على ذلك وحلت للأول ا هـ وهو مأخوذ من روضة الزندوستي . قال في النهر : قال الإمام ظهير الدين : هذا البيان لم يوجد في غيره من الكتب كذا في العناية وفي فتح القدير ، هذا مما لم يعرف في ظاهر الرواية ، ولا ينبغي أن يعول عليه ولا يحكم به لأنه مع كونه ضعيف الثبوت تنبو عنه قواعد المذهب لأنه لا شك أنه شرط في النكاح لا يقتضيه العقد وهو مما لا يبطل بالشروط الفاسدة ، بل يبطل الشرط ويصح ، فيجب بطلان هذا وأن لا يجبر على الطلاق . ا هـ .




الخدمات العلمية