الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ومن لطيف الحيل قوله : إن تزوجتك وجامعتك ، أو وأمسكتك فوق ثلاث مثلا فأنت بائن ، ولو خافت أن لا يطلقها تقول : زوجتك نفسي على أن أمري بيدي زيلعي ، وتمامه في العمادية ( أما إذا أضمر ذلك لا ) يكره ( وكان ) الرجل ( مأجورا ) لقصد الإصلاح ، وتأويل اللعن إذا شرط الأجر ذكره البزازي [ ص: 416 ] ثم هذا كله فرع صحة النكاح الأول ، حتى لو كان بلا ولي بل بعبارة المرأة ، أو بلفظ هبة ، أو بحضرة فاسقين ثم طلقها ثلاثا وأراد حلها بلا زوج [ ص: 417 ] يرفع الأمر لشافعي فيقضي به وببطلان النكاح : أي في القائم والآتي لا في المنقضي بزازية . وفيها قال الزوج الثاني كان النكاح فاسدا ، أو لم أدخل بها وكذبته فالقول لها . [ ص: 418 ] ولو قال الزوج الأول ذلك فالقول له : أي في حق نفسه ( والزوج الثاني يهدم بالدخول ) فلو لم يدخل لم يهدم اتفاقا قنية ( ما دون الثلاث أيضا ) أي كما يهدم الثلاث إجماعا لأنه إذا هدم الثلاث فما دونها أولى خلافا لمحمد ، فمن طلقت دونها وعادت إليه بعد آخر عادت بثلاث لو حرة وثنتين لو أمة . وعند محمد وباقي الأئمة بما بقي وهو الحق فتح ، وأقره المصنف كغيره . ( ولو أخبرت مطلقة الثلاث بمضي عدته وعدة الزوج الثاني ) بعد دخوله [ ص: 419 ] ( والمدة تحتمله جاز له ) أي للأول ( أن يصدقها إن غلب على ظنه صدقها ) وأقل مدة عدة عنده بحيض شهران ولأمة أربعون يوما ما لم تدع السقط كما مر .

التالي السابق


( قوله : أو وأمسكتك ) أي : أو يقول : إن تزوجتك وأمسكتك ، وهذا إذا خافت إمساكها مطلقا ، والأول إذا خافت إمساكها بعد الجماع ( قوله : ولو خافت إلخ ) الأولى ، أو تقول : زوجتك إلخ لأن الحيلتين السابقتين سببهما الخوف المذكور ط ( قوله : وتمامه في العمادية ) حيث قال : ولو قال لها تزوجتك على أن أمرك بيدك فقبلت جاز النكاح ولغا الشرط لأن الأمر إنما يصح في الملك أو مضافا إليه ولم يوجد واحد منهما بخلاف ما مر فإن الأمر صار بيدها مقارنا لصيرورتها منكوحة . ا هـ . نهر وقدمناه قبل فصل المشيئة .

والحاصل أن الشرط صحيح إذا ابتدأت المرأة لا إذا ابتدأ الرجل ولكن الفرق خفي نعم يظهر على القول بأن الزوج هو الموجب تقدم ، أو تأخر والمرأة هي القابلة كذلك تأمل ( قوله : أما إذا أضمر ذلك ) محترز قوله بشرط التحليل ( قوله : لا يكره ) بل يحل له في قولهم جميعا قهستاني عن المضمرات ( قوله : لقصد الإصلاح ) أي إذا كان قصده ذلك لا مجرد قضاء الشهوة ونحوها .

وأورد السروجي أن الثابت عادة كالثابت نصا أي فيصير شرط التحليل كأنه منصوص عليه في العقد فيكره . وأجاب في الفتح بأنه لا يلزم من قصد الزوج ذلك أن يكون معروفا بين الناس ، وإنما ذلك فيمن نصب نفسه لذلك وصار مشتهرا به ا هـ تأمل ( قوله : وتأويل اللعن إلخ ) الأولى أن يقول وقيل تأويل اللعن إلخ كما هو عبارة البزازية ولا سيما وقد ذكره بعد ما مشى عليه المصنف من التأويل المشهور عند علمائنا ليفيد أنه تأويل آخر وأنه ضعيف . قال في الفتح : وهنا قول آخر ، وهو أنه مأجور وإن شرط لقصد الإصلاح ، وتأويل اللعن عند هؤلاء إذا شرط الأجر على ذلك . ا هـ . قلت : واللعن على هذا الحمل أظهر لأنه كأخذ الأجرة على عسب التيس وهو حرام . ويقربه أنه عليه الصلاة والسلام سماه التيس المستعار .

[ ص: 416 ] وأورد على التأويل الأول أنه مع اشتراط التحليل مكروه تحريما ، وفاعل الحرام لا يستوجب اللعن ففاعل المكروه أولى .

مطلب في حكم لعن العصاة

أقول : حقيقة اللعن المشهورة هي الطرد عن الرحمة ، وهي لا تكون إلا لكافر ، ولذا لم تجز على معين لم يعلم موته على الكفر بدليل وإن كان فاسقا متهورا كيزيد على المعتمد ، بخلاف نحو إبليس وأبي جهل فيجوز وبخلاف غير المعين كالظالمين والكاذبين فيجوز أيضا لأن المراد جنس الظالمين وفيهم من يموت كافرا ، فيكون اللعن لبيان أن هذا الوصف وصف الكافرين للتنفير عنه والتحذير منه لا لقصد اللعن على كل فرد من هذا الجنس لأن لعن الواحد المعين كهذا الظالم لا يجوز فكيف كل فرد من أفراد الظالمين ، وإذا كان المراد الجنس لما قلنا من التنفير والتحذير لا يلزم أن تكون تلك المعصية حراما من الكبائر ، خلافا لمن أناط اللعن بالكبائر فإنه ورد اللعن في غيرها كلعن المصورين ، ومن أم قوما وهم له كارهون ، ومن سل سخيمته : أي تغوط على الطريق والمرأة السلتاء أي التي لا تخضب يدها والمرهاء أي التي لا تكتحل ، والمرأة إذا خرجت من دارها بغير إذن زوجها ، وناكح اليد ، وزائرات القبور ، ومن جلس وسط الحلقة وغير ذلك ، ومنه ما هنا ، هذا ما ظهر لي ، لكن يشكل على منع لعن المعين مشروعية اللعان وفيه لعن معين ، نعم يجاب بأنه معلق على تقدير كونه كاذبا لكنه لا يخرج عن لعن معين تأمل . ثم رأيت في لعان القهستاني قال : اللعن في الأصل الطرد . وشرعا في حق الكفار الإبعاد من رحمة الله تعالى وفي حق المؤمنين الإسقاط عن درجة الأبرار . ا هـ .

وفي لعان البحر : فإن قلت : هل يشرع لعن الكاذب المعين . قلت : قال في غاية البيان من باب العدة : وعن ابن مسعود أنه قال : من شاء باهلته ، والمباهلة : الملاعنة ، وكانوا يقولون إذا اختلفوا في شيء بهلة الله على الكاذب منا ، قالوا : هي مشروعة في زماننا أيضا ا هـ . وعن هذا قيل إن المراد باللعن في مثل ذلك الطرد عن منازل الأبرار لا عن رحمة العزيز الغفار . وقيل : إن الأشبه أن حقيقة اللعن هنا ليست بمقصودة بل المقصود إظهار خساسة المحلل بالمباشرة والمحلل له بالعود إليها بعد مضاجعة غيره ، وعزاه القهستاني في الكشف ثم قال : وفيه كلام فتأمل ا هـ ولعل وجهه أنه لو كان كذلك لا يلزم كونه مكروها تحريما ( قوله : ثم هذا كله ) أي كل ما مر من لزوم التحليل بالشروط المارة وكراهة التصريح بالشرط ( قوله : فرع صحة النكاح ) كذا عبر في النهر ، والمراد صحته باتفاق الأئمة لا صحته عندنا بقرينة ما بعده فافهم ، وقد مر أنه لو كان فاسدا ، أو موقوفا لا يلزم التحليل بل تحل بدونه وإن كره ، وهل تقبل دعواه الفساد عندنا لإسقاط التحليل ؟ لم أره الآن ، نعم يأتي آخر الباب أنه لو ادعى بعد الثلاث أنه طلقها واحدة قبل وانقضت عدتها لا يصدقان وستأتي هذه المسألة في العدة وتأتي هناك حادثة الفتوى في ذلك فراجعها ( قوله : أو بحضرة فاسقين ) أي تحقق فسقهما وإلا فظاهر العدالة يكفي عند الشافعي فافهم .

[ ص: 417 ] مطلب في حيلة إسقاط التحليل بحكم شافعي بفساد النكاح الأول .

( قوله : يرفع الأمر لشافعي إلخ ) أقول : الذي عليه العمل عند الشافعية هو ما حرره ابن حجر في التحفة من أن الحاكم لا يحكم بفسخ النكاح بالنسبة لسقوط التحليل ، وذلك أنه ذكر أن الزوجين لو توافقا ، أو أقاما بينة بفساد النكاح لم يلتفت لذلك بالنسبة لسقوط التحليل لأنه حق الله تعالى ، نعم يجوز لهما العمل به باطنا ، لكن إذا علم بهما الحاكم فرق بينهما ثم قال في موضع آخر : وحينئذ فمن نكح مختلفا فيه ، فإن قلدا القائل بصحته ، أو حكم بها من يراها ثم طلق ثلاثا تعين التحليل وليس له تقليد من يرى بطلانه لأنه تلفيق للتقليد في مسألة واحدة وهو ممتنع قطعا وإن انتفى التقليد والحكم لم يحتج لمحلل ، نعم يتعين أنه لو ادعى بعد الثلاث عدم التقليد لم يقبل منه لأنه يريد بذلك رفع التحليل الذي لزمه باعتبار ظاهر فعله .

وأيضا ففعل المكلف يصان عن الإلغاء لا سيما إن وقع منه ما يصرح بالاعتداد به كالتطليق ثلاثا هنا . ا هـ . والذي تحرر من كلاميه أن الزوج إن علم بفساد النكاح فإن قلد القائل بصحته ، أو حكم بها حاكم يراها لا يسقط التحليل وإلا سقط وله تجديد العقد بعد الثلاث ديانة ، وإذا علم به الحاكم فرق بينهما ، ولو ادعى عدم التقليد لم يصدقه الحاكم . وإذا علمت ذلك علمت أنه لا فائدة في قول الشارح تبعا لغيره يرفع الأمر لشافعي إذ لا يحكم الشافعي بسقوط التحليل ولا يقبل ما يسقطه ، لكن قال ابن قاسم في حاشية التحفة : إن له تقليد شافعي والعقد بلا محلل لأن هذه قضية أخرى فلا تلفيق ما لم يحكم بصحة التقليد الأول حاكم . ا هـ .

قلت : لكن هذا في الديانة ، لما علمت من أن الحاكم يفرق بينهما إذا علم به لأن التحليل حق الله تعالى ، نعم صرح شيخ الإسلام زكريا في شرح منهجه بأن الزوجين لو اختلفا في المسمى ومهر المثل وأقيمت بينة على فساده يثبت مهر المثل ويسقط التحليل تبعا ا هـ لكن استظهر ابن حجر عدم سقوطه ، والله أعلم . فإن قلت : يمكن الحكم به عندنا على قول محمد باشتراط الولي . قلت : لا يمكن في زماننا لأنه خلاف المعتمد في المذهب ، والقضاة مأمورون بالحكم بأصح الأقوال ، على أنه نقل في التتارخانية أن شيخ الإسلام سئل هل يصح القضاء به فقال لا أدري ، فإن محمدا وإن شرط الولي ، لكنه قال : لو طلقها ثم أراد أن يتزوجها فإني أكره له ذلك ا هـ أي فإن لفظ " أكره " قد يستعمل من المجتهد في الحرام ( قوله : فيقضي به ) أي بحلها الأول ، وقوله : وببطلان النكاح عطف سبب على مسبب فإن قضاءه ببطلان النكاح الأول سبب لحلها بلا زوج آخر ا هـ وإنما ذكر القضاء لتصير الحادثة الخلافية كالمجمع عليها ط وقدمنا في باب التعليق ما ينبغي استذكاره هنا ولا نعيده لقرب العهد به ( قوله : أي في القائم والآتي لا في المنقضي ) عبارة البزازية على ما في النهر : وبه لا يظهر أن الوطء في النكاح الأول كان حراما ، وأن في الأولاد خبثا ; لأن القضاء اللاحق كدليل النسخ يعمل في القائم والآتي لا في المنقضي ا هـ أي لأن ما مضى كان مبنيا على اعتقاد الحل تقليدا لمذهب صحيح . وإنما العمل بخلافه بعد الحكم الملزوم ، كما لو نسخ حكم إلى آخر لا يلزم منه بطلان ما مضى ، ومثله ما لو تغير رأي المجتهد ، وكذا لو توضأ حنفي ولم ينو وصلى به الظهر ثم صار شافعيا بعد دخول وقت العصر يلزمه إعادة الوضوء بالنية دون ما صلاه به ( قوله : فالقول لها ) كذا في البحر . وعبارة البزازية : ادعت أن الثاني جامعها وأنكر الجماع حلت للأول وعلى القلب لا ا هـ ومثله في الفتاوى [ ص: 418 ] الهندية عن الخلاصة ، ويخالف قوله " وعلى القلب " ما في الفتح والبحر : ولو قالت دخل بي الثاني ، والثاني منكر فالمعتبر قولها وكذا في العكس ا هـ فتأمل ( قوله : فالقول له ) أي في حق الفرقة كأنه طلقها لا في حقها حتى يجب لها نصف المسمى ، أو كماله إن دخل بها بحر .

مطلب مسألة الهدم

( قوله : والزوج الثاني ) أي نكاحه نهر ( قوله : ما دون الثلاث ) أي يهدم ما وقع من الطلقة ، أو الطلقتين فيجعلهما كأن لم يكونا ، وما قيل إن المراد أنه يهدم ما بقي من الملك الأول فهو من سوء التصور كما نبه عليه الهندي ، أفاده في النهر ( قوله : أي كما يهدم الثلاث ) تفسير لقوله أيضا ( قوله : لأنه إلخ ) جواب عما قاله محمد من أن قوله تعالى { حتى تنكح زوجا غيره } - جعل غاية لانتهاء الغليظة فيهدمها . والجواب أنه إذا هدمها يهدم ما دونها بالأولى فهو مما ثبت بدلالة النص ، وتمام مباحث ذلك في كتب الأصول ، وقولهما مروي عن ابن عمر وابن عباس ، وقول محمد مروي عن عمر وعلي وأبي بن كعب وعمران بن الحصين كما في الفتح .

( قوله : وهو الحق ) ليس هذا في عبارة الفتح بل ذكره في التحرير وتبعه في النهر . وعبارة الفتح بعدما أطال في الكلام من الجانبين : فظهر أن القول ما قاله محمد وباقي الأئمة الثلاثة ، ولقد صدق قول صاحب الأسرار ، ومسألة يخالف فيها كبار الصحابة يعوز فقهها ويصعب الخروج منها ( قوله : وأقره المصنف كغيره ) أي كصاحب البحر والنهر والمقدسي والشرنبلالي والرملي والحموي وكذا شارح التحرير المحقق ابن أمير حاج ، لكن المتون على قول الإمام ، وأشار في متن الملتقى إلى ترجيحه ، ونقل ترجيحه العلامة قاسم عن جماعة من أصحاب الترجيح ، ولم يعرج على ما قاله شيخه في الفتح وكذا لم يعرج عليه في مواهب الرحمن من أنه كثيرا ما يتبع صاحب الفتح في ترجيحه .

( قوله : بمضي عدته ) أي الزوج الأول أسند العدة إليه لأنه سببها نهر وإلا فالعدة للطلاق ( قوله : وعدة الزوج الثاني ) ليس المراد أنها قالت : مضت عدتي من الثاني فقط بل قالت تزوجت ودخل بي الزوج وطلقني وانقضت عدتي كما ذكره في الهداية لأن قولها مضت عدتي لا يفيد ما ذكر لوجوبها بالخلوة وبمجردها لا تحل ، ومن ثم قال في النهاية : إنما ذكر في الهداية إخبارها مبسوطا لأنها لو قالت : حللت لك فتزوجها ثم قالت : لم يكن الثاني دخل بي ، إن كانت عالمة بشرائط الحل لم تصدق وإلا تصدق ، وفيما ذكرته مبسوطا لا تصدق في كل حال . [ ص: 419 ] وعن السرخسي : لا يحل له أن يتزوجها حتى يستفسرها لاختلاف الناس في حلها بمجرد العقد .

وعن الإمام الفضلي : لو قالت تزوجني فإني تزوجت غيرك وانقضت عدتي ثم قالت ما تزوجت صدقت إلا أن تكون أقرت بدخول الثاني . ا هـ . لأنها غير متناقضة بحمل قولها تزوجت على العقد ، وقولها ما تزوجت معناه ما دخل بي ، فإذا أقرت بالدخول ثبت تناقضها كما أفاده في الفتح ويأتي تمامه ( قوله : له أن يصدقها ) لأنه إما من المعاملات لكون البضع متقوما عند الدخول ، أو الديانات لتعلق الحل به ، وقول الواحد مقبول فيهما درر ( قوله : إن غلب على ظنه صدقها ) أشار به إلى أن عدالتها ليست شرطا ولهذا قال في البدائع وكافي الحاكم وغيرهما : لا بأس أن يصدقها إن كانت ثقة عنده ووقع في قلبه صدقها . ا هـ . وكذا لو قالت منكوحة رجل لآخر : طلقني زوجي وانقضت عدتي جاز تصديقها إذا وقع في ظنه ، عدلة كانت أم لا ، ولو قالت : نكاحي الأول فاسد لا ; ولو عدلة كذا في البزازية بحر ( قوله : وأقل مدة عدة عنده ) أي عند الإمام ، وهذا بيان لقوله والمدة تحتمله فلا احتمال فيما دون ذلك ( قوله : بحيض ) متعلق بقوله " عدة " ، وهذا أولى مما قيل : أي بسبب كون المرأة حائضا فافهم ، واحترز به عن العدة بالأشهر في حق ذوات الأشهر فإن عدتها ليس لها أقل وأكثر بل هي ثلاثة أشهر لو حرة ونصفها لو أمة ( قوله : شهران ) أي ستون يوما عنده لأنه يجعله مطلقا في أول الطهر حذرا من وقوع الطلاق في طهر وطئ فيه فيحتاج إلى ثلاثة أطهار بخمسمائة وأربعين ، وثلاث حيض بخمسة عشر ; حملا للطهر على أقله والحيض على وسطه لأن اجتماع أقلهما في مدة واحدة نادر ، وهذا على تخريج محمد لقول الإمام : أما على تخريج الحسن فيجعله مطلقا في آخر الطهر حذرا من تطويل العدة عليها فيحتاج إلى طهرين بثلاثين ، وثلاث حيض بثلاثين حملا للطهر على أقله والحيض على أكثره ليعتد ، ولا تحتاج إلى مثلها في عدة الزوج الثاني وزيادة طهر على تخريج الحسن فتصدق في مائة وخمسة وثلاثين يوما وعلى تخريج محمد في مائة وعشرين يوما ا هـ أفاده ح .

قلت : والمراد بزيادة الطهر هو الطهر الذي تزوجها فيه الثاني وطلقها في آخره ، لكن يلزم على هذا التخريج وقوع الطلاق في طهر وطئها فيه إذ لا بد من دخوله بها تأمل ، وهذا يؤيد تخريج محمد ( قوله : ولأمة أربعون ) عطف على محذوف ، كأنه قال لحرة شهران ولأمة أربعون يوما : أي على تخريج محمد طهران بثلاثين ، وحيضتان بعشرة وعلى تخريج الحسن خمسة وثلاثون يوما طهر بخمسة عشر وحيضتان بعشرين ، فتصدق بثمانين يوما على تخريج محمد وخمسة وثمانين يوما على تخريج الحسن ، وتمام التفصيل وحكاية الخلاف في التبيين ح ( قوله : ما لم تدع السقط ) أي من الزوج الأول لأنه يمكن إسقاطها في يوم الطلاق فتنقضي عدتها به ، أما ادعاؤه من الثاني فلا بد من أنه يمضي عليه زمن يمكن أن يستبين فيه بعض خلقه رحمتي قلت : وكذا لو ادعته من الأول لا بد أن يكون بينه وبين عقد الأول مدة أربعة أشهر ( قوله : كما مر ) أي في أول الباب حلبي .




الخدمات العلمية