الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ويكره ) تحريما ( استقبال القبلة بالفرج ) ولو ( في الخلاء ) بالمد : بيت التغوط ، وكذا استدبارها ( في الأصح كما كره ) لبالغ ( إمساك صبي ) ليبول ( نحوها ، و ) كما كره ( مد رجليه في نوم أو غيره إليها ) أي عمدا لأنه إساءة أدب قاله منلا ناكير ( أو إلى مصحف أو شيء من الكتب الشرعية إلا أن يكون على موضع مرتفع عن [ ص: 656 ] المحاذاة ) فلا يكره قاله الكمال ( و ) كما كره ( غلق باب المسجد ) إلا لخوف على متاعه به يفتى .

التالي السابق


مطلب في أحكام المسجد

( قوله : ويكره إلخ ) لما فرغ من بيان الكراهة في الصلاة شرع في بيانها خارجها مما هو من توابعها بحر ( قوله تحريما ) لما أخرجه الستة عنه صلى الله عليه وسلم " { إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ولكن شرقوا أو غربوا } " ولهذا كان الأصح من الروايتين كراهة الاستدبار كالاستقبال بحر ( قوله استقبال القبلة بالفرج ) يعم قبل الرجل والمرأة . والظاهر أن المراد بالقبلة جهتها كما في الصلاة ، وهو ظاهر الحديث المار وأن التقييد بالفرج يفيد ما صرح به الشافعية أنه لو استقبلها بصدره وحول ذكره عنها لم يكره ، بخلاف عكسه كما قدمناه في باب الاستنجاء وتقدم هناك أن المكروه الاستقبال أو الاستدبار لأجل بول أو غائط ، فلو للاستنجاء لم يكره : أي تحريما .

وفي النهاية : ولو غفل عن ذلك وجلس يقضي حاجته ثم وجد نفسه كذلك فلا بأس ، لكن إن أمكنه الانحراف ينحرف فإنه عد ذلك من موجبات الرحمة ، فإن لم يفعل فلا بأس . ا هـ وكأنه سقط الوجوب عند الإمكان لسقوطه ابتداء بالنسيان ولخشية التلوث وتقدم هناك أيضا كراهة استقبال الشمس والقمر أي لأنهما من الآيات الباهرات ، ولما معهما من الملائكة كما في السراج وقدمنا أن الظاهر أن الكراهة فيه تنزيهية ما لم يرد نهي خاص وأن المراد استقبال عينهما لا جهتهما ولا ضوئهما وتقدم تمام ذلك كله هناك فراجعه ( قوله كما كره لبالغ ) الظاهر منه التحريم ط ( قوله إمساك صبي ليبول نحوها ) أي جهتها لأنه يحرم على البالغ أن يفعل بالصغير ما يحرم على الصغير فعله إذا بلغ ، ولذا يحرم على أبيه أن يلبسه حريرا أو حليا لو كان ذكرا أو يسقيه خمرا ونحو ذلك ( قوله مد رجليه ) أو رجل واحدة ومثل البالغ الصبي في الحكم المذكور ط ( قوله أي عمدا ) أي من غير عذر أما بالعذر أو السهو فلا ط .

( قوله لأنه إساءة أدب ) أفاد أن الكراهة تنزيهية ط ، لكن قدمنا عن الرحمتي في باب الاستنجاء أنه سيأتي أنه بمد الرجل إليها ترد شهادته . قال : وهذا يقتضي التحريم فليحرر ( قوله إلا أن يكون ) ما ذكر من المصحف والكتب ; أما القبلة فهي إلى عنان السماء ( قوله مرتفع ) ظاهره ولو كان الارتفاع قليلا ط قلت : أي بما تنتفي به المحاذاة عرفا ، ويختلف ذلك في القرب والبعد ، فإنه في البعد لا تنتفي بالارتفاع القليل والظاهر أنه مع البعد الكثير لا كراهة مطلقا تأمل ( قوله غلق باب المسجد ) الأفصح إغلاق ، لما في القاموس : [ ص: 656 ] غلق الباب يغلقه لغية رديئة في أغلقه . ا هـ . قال في البحر : وإنما كره لأنه يشبه المنع مع الصلاة ، قال تعالى - { ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه } - ومن هنا يعلم جهل بعض مدرسي زماننا من منعهم من يدرس في مسجد تقرر في تدريسه ، وتمامه فيه .

( قوله إلا لخوف على متاعه ) هذا أولى من التقييد بزماننا لأن المدار على خوف الضرر ، فإن ثبت في زماننا في جميع الأوقات ثبت كذلك إلا في أوقات الصلاة ، أو لا فلا ، أو في بعضها ففي بعضها ، كذا في الفتح . وفي العناية : والتدبر في الغلق لأهل المحلة ، فإنهم إذا اجتمعوا على رجل وجعلوه متوليا بغير أمر القاضي يكون متوليا انتهى بحر ونهر




الخدمات العلمية