الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3822 أخبرنا حسان بن حسان ، حدثنا محمد بن طلحة ، حدثنا حميد ، عن أنس رضي الله عنه أن عمه غاب عن بدر ، فقال : غبت عن أول قتال النبي صلى الله عليه وسلم ! لئن أشهدني الله مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليرين الله ما آجد ! فلقي يوم أحد فهزم الناس ، فقال : اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء - يعني المسلمين - وأبرأ إليك مما جاء به المشركون ! فتقدم بسيفه فلقي سعد بن معاذ ، فقال : أين يا سعد ؟ إني أجد ريح الجنة دون أحد ! فمضى فقتل ، فما عرف حتى عرفته أخته بشامة أو ببنانه وبه بضع وثمانون من طعنة وضربة ورمية بسهم .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة ، وحسان بن حسان ويقال له حسان بن أبي عباد أبو علي البصري ، سكن مكة ، وهو من شيوخ البخاري القدماء ، روى عنه هنا وفي العمرة ، ومات سنة ثلاث عشرة ومائتين . ومحمد بن طلحة بن مصرف - على وزن اسم الفاعل من التصريف - الهمداني اليامي ، وحميد هو الطويل .

                                                                                                                                                                                  والحديث مضى في الجهاد في باب قول الله تعالى : من المؤمنين رجال ; فإنه أخرجه هناك من طريقين بأتم منه ، ومضى الكلام فيه هناك .

                                                                                                                                                                                  قوله " أن عمه " وهو أنس بن النضر - بسكون الضاد المعجمة .

                                                                                                                                                                                  قوله " عن بدر " ; أي عن غزوة بدر .

                                                                                                                                                                                  قوله " عن أول قتال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم " ، أراد به أول القتالات العظيمة ، وليس المراد به أول الغزوات .

                                                                                                                                                                                  قوله " ليرين الله " بفتح الياء آخر الحروف والراء والياء أيضا وتشديد النون ، وهو فعل مضارع مؤكد باللام والنون الثقيلة ، ولفظة " الله " بالرفع فاعله .

                                                                                                                                                                                  قوله " ما أجد " بفتح الهمزة وكسر الجيم وتشديد الدال ، قال بعضهم : هو من الرباعي ، يقال أجد في الشيء يجد إذا بالغ فيه . قلت : قوله " من الرباعي " ليس باصطلاح أهل الصرف ، بل هو مضاعف من الثلاثي المزيد فيه ، وهو هكذا رواية الأكثرين ، وقال ابن التين : صوابه بفتح الهمزة وضم الجيم ، يقال جد يجد إذا اجتهد في الأمر ، وأما أجد فإنما يقال لمن سار في أرض مستوية ولا معنى له ههنا . قال : وضبطه بعضهم بفتح الهمزة وكسر الجيم وتخفيف الدال من الوجد ; أي ما ألقى من الشدة في القتال .

                                                                                                                                                                                  قوله " فهزم الناس " على صيغة المجهول .

                                                                                                                                                                                  قوله " فقال : أين يا سعد ؟ " ، ويروى " أي سعد " ; يعني يا سعد .

                                                                                                                                                                                  قوله " إني أجد ريح الجنة " كناية عن شدة قتاله في ذلك اليوم المؤدي إلى استشهاده المؤدي إلى الجنة ، وقيل : يحتمل أن يكون ذلك على الحقيقة بأن يكون شم رائحة طيبة زائدة عما كان يعهده فعرف أنها ريح الجنة ، وفيه نظر لا يخفى .

                                                                                                                                                                                  قوله " دون أحد " ; أي عند أحد .

                                                                                                                                                                                  قوله " فمضى " ، قيل فيه حذف ; أي فمضى إلى القتال وقاتل قتالا شديدا .

                                                                                                                                                                                  قوله " بشامة " ، وهي الخال .

                                                                                                                                                                                  قوله " أو ببنانه " شك من الراوي ، وهو بنان الإصبع وهو المشهور ، وكذا وقع في رواية ثابت عن أنس عند مسلم .

                                                                                                                                                                                  قوله " وبه " ; أي وبأنس بن النضر ، والواوان في وضربته ورميته للتنويع والتقسيم ، يدل عليه رواية عبد الأعلى بلفظ " ضربة بالسيف أو طعنة بالرمح أو رمية بالسهم " وليست كلمة " أو " للشك .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية