الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3910 171 - حدثنا عبد العزيز بن عبد الله ، حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن صالح ، عن ابن شهاب قال : حدثني عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب وعلقمة بن وقاص ، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين قال لها أهل الإفك ما قالوا ، وكلهم حدثني طائفة من حديثها ، وبعضهم كان أوعى لحديثها من بعض ، وأثبت له اقتصاصا ، وقد وعيت عن كل رجل منهم الحديث الذي حدثني عن عائشة ، وبعض حديثهم يصدق بعضا ، وإن كان بعضهم أوعى له من بعض قالوا : قالت عائشة : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بين أزواجه ، فأيهن خرج سهمها خرج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم معه قالت عائشة : فأقرع بيننا في غزوة غزاها ، فخرج فيها سهمي ، فخرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما أنزل الحجاب ، فكنت أحمل في هودجي ، وأنزل فيه ، فسرنا حتى إذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوته تلك ، وقفل دنونا من المدينة قافلين آذن ليلة بالرحيل ، فقمت حين آذنوا بالرحيل ، فمشيت حتى جاوزت الجيش ، فلما قضيت شأني أقبلت إلى [ ص: 204 ] رحلي ، فلمست صدري ، فإذا عقد لي من جزع ظفار قد انقطع ، فرجعت فالتمست عقدي ، فحبسني ابتغاؤه قالت : وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلوني فاحتملوا هودجي ، فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب عليه ، وهم يحسبون أني فيه ، وكان النساء إذ ذاك خفافا لم يهبلن ، ولم يغشهن اللحم ، إنما يأكلن العلقة من الطعام ، فلم يستنكر القوم خفة الهودج حين رفعوه وحملوه ، وكنت جارية حديثة السن ، فبعثوا الجمل فساروا ووجدت عقدي بعدما استمر الجيش ، فجئت منازلهم ، وليس بها منهم داع ولا مجيب ، فتيممت منزلي الذي كنت به ، وظننت أنهم سيفقدوني ، فيرجعون إلي ، فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت ، وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش ، فأصبح عند منزلي ، فرأى سواد إنسان نائم ، فعرفني حين رآني ، وكان رآني قبل الحجاب ، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني ، فخمرت وجهي بجلبابي ، ووالله ما تكلمنا بكلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه وهوى حتى أناخ راحلته فوطئ على يدها ، فقمت إليها فركبتها ، فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش موغرين في نحر الظهيرة وهم نزول - قالت : فهلك في من هلك ، وكان الذي تولى كبر الإفك عبد الله بن أبي ابن سلول ، قال عروة : أخبرت أنه كان يشاع ويتحدث به عنده ، فيقره ويستمعه ويستوشيه ، وقال عروة أيضا : لم يسم من أهل الإفك أيضا إلا حسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة وحمنة بنت جحش في ناس آخرين لا علم لي بهم غير أنهم عصبة كما قال الله تعالى ، وإن كبر ذلك يقال عبد الله بن أبي ابن سلول قال عروة : كانت عائشة تكره أن يسب عندها حسان ، وتقول : إنه الذي قال :

                                                                                                                                                                                  فإن أبي ووالده وعرضي لعرض محمد منكم وقاء

                                                                                                                                                                                  قالت عائشة : فقدمنا المدينة ، فاشتكيت حين قدمت شهرا والناس يفيضون في قول أصحاب الإفك لا أشعر بشيء من ذلك ، وهو يريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي ، إنما يدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسلم ثم يقول : كيف تيكم ؟ ثم ينصرف ، فذلك يريبني ولا أشعر بالشر حتى خرجت حين نقهت ، فخرجت مع أم مسطح قبل المناصع ، وكان متبرزنا وكنا لا نخرج إلا ليلا إلى ليل ، وذلك قبل أن نتخذ الكنف قريبا من بيوتنا ، قالت : وأمرنا أمر العرب الأول في البرية قبل الغائط ، وكنا نتأذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا ، قالت : فانطلقت أنا وأم مسطح ، وهي ابنة أبي رهم بن المطلب بن عبد مناف ، وأمها بنت صخر بن عامر خالة أبي بكر الصديق ، وابنها مسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب ، فأقبلت أنا وأم مسطح قبل بيتي حين فرغنا من شأننا ، فعثرت أم مسطح في مرطها ، فقالت : تعس مسطح ، فقلت لها : بئس ما قلت أتسبين رجلا شهد بدرا ؟ ! فقالت : أي هنتاه ولم [ ص: 205 ] تسمعي ما قال : قالت : وقلت : ما قال ؟ فأخبرتني بقول أهل الإفك ، قالت : فازددت مرضا على مرضي ، فلما رجعت إلى بيتي دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم ثم قال : كيف تيكم ؟ فقلت له : أتأذن لي أن آتي أبوي ؟ قالت : وأريد أن أستيقن الخبر من قبلهما ، قالت : فأذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت لأمي : يا أمتاه ، ماذا يتحدث الناس ؟ قالت : يا بنية هوني عليك ، فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها لها ضرائر إلا كثرن عليها ، قالت : فقلت سبحان الله أولقد تحدث الناس بهذا ؟ قالت : فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع ، ولا أكتحل بنوم ، ثم أصبحت أبكي ، قالت : ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأسامة بن زيد حين استلبث الوحي يسألهما ويستشيرهما في فراق أهله ، قالت : فأما أسامة فأشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي يعلم من براءة أهله وبالذي يعلم لهم في نفسه ، فقال أسامة : أهلك ولا نعلم إلا خيرا ، وأما علي ، فقال: يا رسول الله لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير ، وسل الجارية تصدقك ، قالت : فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة ، فقال : أي بريرة هل رأيت من شيء يريبك ؟ قالت له بريرة : والذي بعثك بالحق ما رأيت عليها أمرا قط أغمصه غير أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها ، فتأتي الداجن فتأكله ، قالت : فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من يومه فاستعذر من عبد الله بن أبي ، وهو على المنبر ، فقال: يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغني عنه أذاه في أهلي ، والله ما علمت على أهلي إلا خيرا ، ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا ، وما يدخل على أهلي إلا معي ، قالت : فقام سعد بن معاذ أخو بني عبد الأشهل ، فقال : أنا يا رسول الله أعذرك ، فإن كان من الأوس ضربت عنقه ، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك ، قالت : فقام رجل من الخزرج - وكانت أم حسان بنت عمه من فخذه - وهو سعد بن عبادة ، وهو سيد الخزرج - قالت : وكان قبل ذلك رجلا صالحا ، ولكن احتملته الحمية ، فقال لسعد : كذبت لعمر الله لا تقتله ولا تقدر على قتله ، ولو كان من رهطك ما أحببت أن يقتل ، فقام أسيد بن حضير - وهو ابن عم سعد - فقال لسعد بن عبادة : كذبت لعمر الله لنقتلنه ; فإنك منافق تجادل عن المنافقين ، قالت : فثار الحيان الأوس والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر ، قالت : فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكتوا وسكت ، قالت : فبكيت يومي ذلك كله لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم ، قالت : وأصبح أبواي عندي ، وقد بكيت ليلتين ويوما لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم ، حتى إني لأظن أن البكاء فالق كبدي ، فبينا أبواي جالسان عندي وأنا أبكي ، فاستأذنت علي امرأة من الأنصار ، فأذنت لها ، فجلست تبكي معي قالت : فبينا نحن على ذلك دخل رسول الله صلى الله عليه [ ص: 206 ] وسلم علينا ، فسلم ثم جلس قالت : ولم يجلس عندي منذ قيل ما قيل قبلها ، وقد لبث شهرا لا يوحى إليه في شأني بشيء ، قالت فتشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جلس ، ثم قال : أما بعد يا عائشة إنه بلغني عنك كذا وكذا ، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله ، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه ; فإن العبد إذا اعترف ثم تاب تاب الله عليه ، قالت : فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة ، فقلت لأبي : أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم عني فيما قال ، فقال أبي : والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت لأمي : أجيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال : قالت أمي ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ من القرآن كثيرا : إني والله لقد علمت لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم وصدقتم به ، فلئن قلت لكم : إني بريئة لا تصدقوني ، ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أني منه بريئة لتصدقني ، فوالله لا أجد لي ولكم مثلا إلا أبا يوسف حين قال : فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ثم تحولت واضطجعت على فراشي والله يعلم أني حينئذ بريئة ، وأن الله مبرئي ببراءتي ، ولكن والله ما كنت أظن أن الله منزل في شأني وحيا يتلى لشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله في بأمر ، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا يبرئني الله بها ، فوالله ما رام رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أنزل عليه ، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء ، حتى إنه ليتحدر منه من العرق مثل الجمان ، وهو في يوم شات من ثقل القول الذي أنزل عليه ، قالت : فسري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو يضحك ، فكانت أول كلمة تكلم بها أن قال : يا عائشة ، أما الله فقد برأك ، قالت : فقالت لي أمي : قومي إليه ، فقلت : لا والله لا أقوم إليه ، فإني لا أحمد إلا الله عز وجل ، قالت : وأنزل الله تعالى : إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم العشر الآيات ، ثم أنزل الله تعالى هذا في براءتي قال أبو بكر الصديق - وكان ينفق على مسطح ابن أثاثة لقرابته منه وفقره : والله لا أنفق على مسطح شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة ما قال ، فأنزل الله تعالى : ولا يأتل أولو الفضل منكم إلى قوله : غفور رحيم قال أبو بكر الصديق : بلى والله إني لأحب أن يغفر الله لي ، فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه ، وقال : والله لا أنزعها منه أبدا ، قالت عائشة : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل زينب بنت جحش عن أمري ، فقال لزينب : ماذا علمت أو رأيت ؟ فقالت : يا رسول الله أحمي سمعي وبصري والله ما علمت إلا خيرا ، قالت عائشة : وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، فعصمها الله بالورع ، قالت : وطفقت أختها حمنة تحارب لها ، فهلكت فيمن هلك ،
                                                                                                                                                                                  قال ابن شهاب : فهذا الذي بلغني من [ ص: 207 ] حديث هؤلاء الرهط ، ثم قال عروة : قالت عائشة : والله إن الرجل الذي قيل له ما قيل ليقول : سبحان الله ، فوالذي نفسي بيده ما كشفت من كنف أنثى قط ، قالت : ثم قتل بعد ذلك في سبيل الله .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة ، والحديث مضى في الشهادات في أول باب تعديل النساء بعضهن بعضا ; فإنه أخرجه هناك عن أبي الربيع سليمان بن داود ... إلى آخره ، وأخرجه هناك عن عبد العزيز بن عبد الله بن يحيى الأويسي المدني ، عن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ، عن صالح بن كيسان ... إلى آخره ، وليعتبر الناظر التفاوت بينهما من حيث الزيادة والنقصان ، وقد مر الكلام فيه هناك مستوفى ، ولنتكلم هنا بما يحتاج إليه منه .

                                                                                                                                                                                  فقوله : وأثبت له اقتصاصا ، أي أحفظ وأحسن إيرادا وسردا للحديث ، وهذا الذي فعله الزهري من جمع الحديث عنهم جائز لا كراهة فيه ; لأن هؤلاء الأربعة أئمة حفاظ ثقات من عظماء التابعين ، فالحجة قائمة بقول أي كان منهم . قوله : " في غزوة غزاها " أرادت الغزوة المصطلقية . قوله : " سهمي " السهم في الأصل واحد السهام التي يضرب بها في الميسر ، وهي القداح ، ثم سمي بها ما يفوز به الفالح سهمه ، ثم كثر حتى سمي كل نصيب سهما ، والمراد من السهم هنا القدح الذي يقترع به . قوله : " أحمل " على صيغة المجهول . قوله : " في هودجي " الهودج مركب من مراكب النساء مقتب وغير مقتب . قوله : " من جزع ظفار " الجزع بفتح الجيم وسكون الزاي وبالعين المهملة خرز ، وهو مضاف إلى ظفار بفتح الظاء المعجمة وتخفيف الفاء وبالراء مبنية على الكسر ، وهو اسم قرية باليمن ، قوله : " ابتغاؤه " أي طلبه . قوله : " لم يهبلن " بضم الباء الموحدة من الهبل ، وهو كثرة اللحم والشحم ، ويروى على صيغة المجهول من الإهبال ، ويروى : " لم يهبلهن اللحم " أي لم يكثر عليهن ، يقال : " هبله اللحم " إذا كثر عليه وركب بعضه بعضا ، قوله : " العلقة " بضم العين المهملة ، وهي القليل من الأكل . قوله : " فلم يستنكر القوم خفة الهودج " ، وقد تقدم في كتاب الشهادات : " ولم يستنكر القوم ثقل الهودج " ، والتوفيق بينهما أن الخفة والثقل من الأمور الإضافية فيتفاوتان بالنسبة . قوله : " فتيممت " أي قصدت . قوله : " وكان صفوان بن المعطل " بضم الميم وفتح العين والطاء المهملتين ابن ربيضة بن خزاعي بن محارب بن مرة بن فالح بن ثعلبة بن بهثة بن سليم السلمي بالضم ، ثم الذكواني ، يكنى أبا عمرو ، ويقال : إنه أسلم قبل المريسيع ، وشهد المريسيع وما بعدها ، قال أبو عمر : وكان يكون على ساقة النبي صلى الله عليه وسلم ، وعن ابن إسحاق : أنه قتل في غزاة أرمينية شهيدا ، وأميرهم يومئذ عثمان بن العاصي سنة تسع عشرة في خلافة عمر رضي الله تعالى عنه ، وقيل : مات بالجزيرة في ناحية سميساط ، ودفن هناك ، وقيل غير ذلك ، قوله : " باسترجاعه " ، أي بقوله : إنا لله وإنا إليه راجعون ، قوله : فخمرت ، أي : غطيت من التخمير بالخاء المعجمة ، وهي التغطية . قوله : " وهوى " أي أسرع ، " حتى أناخ " ، أي برك راحلته ، ويقال : هوى يهوي هويا من باب ضرب يضرب إذا أسرع في السير ، وهوي يهوى من باب علم يعلم هويا إذا أحب ، وهوى يهوى هويا بالضم إذا صعد ، وبالفتح إذا هبط ، وفي رواية : " وأهوى " بالهمزة في أوله من أهوى إليه إذا مال وأخذه . قوله : " فوطئ على يدها " أي وطئ صفوان على يد الراحلة ليسهل ركوبها ولا يحتاج إلى مساعدته . قوله : " موغرين " يجوز أن يكون صيغة تثنية ، وأن يكون صيغة جمع نصبا على الحال ، أي : داخلين في الوغرة بالغين المعجمة ، يقال : أوغر الرجل أي دخل في شدة الحر ، كما يقال : أظهر إذا دخل في وقت الظهر ، ووغرت الهاجرة وغرا إذا اشتدت في وقت توسط الشمس السماء ، ووغر الصدر بتحريك الغين المعجمة الغل والحرارة ، ويروى موعرين بالعين المهملة من الوعر ، قوله : " في نحر الظهيرة " أي في صدر الظهر " قوله : " وهم نزول " أي والحال أن الجيش نازلون ، قوله : " فقالت " : أي عائشة رضي الله تعالى عنها . قوله : " فهلك في " بكسر الفاء وتشديد الياء ، أرادت ما قالوا فيها من الكذب والبهتان والافتراء الذي هو سبب لهلاك القائلين ، أي لخزيهم وسواد وجوههم عند الله وعند الناس ، قوله : والذي تولى كبر الإفك بكسر الكاف وفتح الباء الموحدة ، أي الذي باشر معظم الإفك وأكثره عبد الله بن أبي ، بضم الهمزة وفتح الباء الموحدة وتشديد الياء ابن سلول بفتح السين المهملة وضم اللام الأولى ، وهي امرأة من خزاعة ، وهي أم أبي بن مالك بن الحارث بن عبيد بن مالك بن سالم بن غنم بن الخزرج ، وكان عبد الله هذا رأس المنافقين ، وابنه عبد الله من فضلاء الصحابة وخيارهم . قوله : " قال عروة " ، أي ابن الزبير بن العوام أحد الرواة [ ص: 208 ] المذكورين أول الحديث ، وهو متصل بالسند الأول . قوله : " أخبرت " على صيغة المجهول ، وهو مقول عروة . قوله : " أنه كان يشاع ويتحدث به عنده " ، أي أن الإفك كان يشاع عند عبد الله بن أبي ، وكل من يشاع ويتحدث على صيغة المجهول من باب تنازع العاملين في قوله : " عنده " قوله : " فيقره " بضم الياء ، أي فيقر عبد الله حديث الإفك ، ولا ينكره ولا ينهى من يقول به ، قوله : " ويستوشيه " ، أي يستخرجه بالبحث والمسألة ثم يفشيه ولا يدعه ينخمد ، وقال الجوهري : يستوشيه ، أي يطلب ما عنده ليزيده . قوله : " لم يسم " على صيغة المجهول ، قوله : " ومسطح " بكسر الميم وسكون المهملة الأولى ، وفتح الثانية ابن أثاثة بضم الهمزة وتخفيف الثاء المثلثة الأولى ابن عباد بن المطلب بن عبد مناف بن قصي القرشي المطلبي ، يكنى أبا عباد ، وأمه سلمى بنت صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة ، وهي ابنة خالة أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهما ، وقيل : أم مسطح بن عامر خالة أبي بكر شهد بدرا ، ثم خاض في الإفك ، فجلده رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن جلد ، ويقال : مسطح لقب ، واسمه عوف ، مات سنة أربع وثلاثين ، وقيل : شهد مسطح صفين ، وتوفي سنة سبع وثلاثين . قوله : " وحمنة " بفتح الحاء المهملة وسكون الميم وبالنون بنت جحش بفتح الجيم وسكون الحاء المهملة وبالشين المعجمة ابن رياب الأسدية من بني أسد بن خزيمة ، أخت زينب بنت جحش ، كانت عند مصعب بن عمير ، فقتل عنها يوم أحد ، فتزوجها طلحة بن عبيد الله ، وكانت جلدت مع من جلد في الإفك . قوله : " في ناس آخرين " أي حال كون المذكورين في جماعة آخرين في الإفك ، قال عروة : لا علم لي بهم أي بأساميهم ، غير أنهم كانوا عصبة ، قال ابن فارس : العصبة العشرة ، وقال الداودي : ما فوق العشرة إلى الأربعين ، وقيل : العصبة الجماعة . قوله : " كما قال الله تعالى في قوله : إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم أي جماعة متعصبون منكم ، أي من المسلمين . قوله : " وإن كبر ذلك " بضم الكاف وسكون الباء الموحدة ، أي وإن متولي معظم الإفك يقال له : عبد الله بن أبي . قوله : أن يسب على صيغة المجهول ، قوله : " وتقول : إنه " أي تقول عائشة : إن حسان قال : فإن أبي ووالده ... إلى آخره . قوله : فإن أبي ، أراد به حسان أباه ثابتا ، وأراد بقوله : ووالده أي والد أبيه ، وهو منذر ، وأبو جده حرام ; لأن حسان هو ابن ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن مالك بن النجار النجاري الأنصاري ، وحرام ضد الحلال ، وعاش كل واحد من حسان وأبيه وجده وجد أبيه مائة وعشرين سنة ، وهذا من الغرائب . قوله : " وعرضي " بالكسر هو موضع المدح والذم من الإنسان سواء كان في نفسه أو في سلفه أو من يلزمه أمره ، وقيل : هو جانبه الذي يصونه من نفسه وحسبه ويحامي عنه أن ينتقص ويثلب . قوله : " وقاء " بكسر الواو ، قال الجوهري : الوقاء والوقاء ما وقيت به شيئا ، قوله : " فاشتكيت " ، أي مرضت ، قوله : " والناس يفيضون " بضم الياء ، أي يخوضون ، قوله : " وهو يريبني " بفتح الياء وضمها ، يقال : رابه وأرابه إذا أوهمه وشككه ، قوله : " اللطف " بضم اللام وسكون الطاء وبفتحها جميعا البر ، والرفق ، قوله : " كيف تيكم " اعلم أن تا وته اسم يشار به إلى المؤنث ; فإن خاطبت جئت بالكاف ، فقلت : تيك وتيكما وتيكم وما قبل الكاف لمن تشير إليه في التذكير والتأنيث والتثنية والجمع . قوله : " حين نقهت " بفتح القاف وكسرها ، أي حين أفقت من المرض ، يقال : نقه نقها ونقوها إذا صح عقيب علته وأنقهه الله ، فهو ناقه ، قوله : " قبل المناصع " بكسر القاف وفتح الباء الموحدة ، والمناصع بالنون والصاد والعين المهملتين على وزن المساجد مواضع خارج المدينة كانوا يتبرزون فيها قاله الأزهري ، وقال ابن الأثير : هي المواضع التي يتخلى فيها لقضاء الحاجة ، واحدها منصع ; لأنه يبرز إليها ويظهر ، من نصع الشيء ينصع إذا وضح وبان ، قوله : متبرزنا " بتشديد الراء المفتوحة بعدها الزاي المفتوحة ، وهو موضع البراز . قوله : " الكنف " بضمتين جمع كنيف ، وهو كل ما ستر من بناء أو حظيرة . قوله : " الأول " بضم الهمزة وفتح الواو المخففة ، ويروى بفتح الهمزة وتشديد الواو ، قوله : " وهي ابنة أبي رهم " بضم الراء وسكون الهاء ، واسمه أنيس بفتح الهمزة وكسر النون ابن المطلب بن عبد مناف ، ذكره الزبير وضبطه ابن ماكولا هكذا ، ويقال : اسمه صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة . قوله : " تعس " بكسر العين قاله الجوهري وبفتحها قاله القاضي ، قوله : " أي هنتاه " يعني : يا هنتاه بفتح الهاء وسكون النون وفتحها ، وأما الهاء الأخيرة فتضم وتسكن ، وهذه اللفظة تختص بالنداء ، ومعناه يا هذه ، وقيل : يا بلهاء كأنها نسبت إلى قلة المعرفة بمكائد الناس وشرورهم . قوله : " وضيئة " أي حسنة جميلة ، من الوضاءة ، وهي الحسن . قوله : " إلا كثرن " بتشديد الثاء المثلثة ، ويروى : أكثرن من [ ص: 209 ] الإكثار ، أي كثرن القول الرديء عليها ، قوله : " لا يرقأ " بالقاف والهمزة ، أي لا ينقطع ، يقال : رقأ الدمع والدم والعرق يرقأ رقوءا بالضم إذا سكن وانقطع ، قوله : " أهلك " قال الكرماني : بالرفع والنصب ، قلت : وجه الرفع على أنه مبتدأ خبره محذوف ، والتقدير : هي أهلك ما بها شيء ، ووجه النصب على تقدير الزم أهلك . قوله : " لم يضيق الله عليك " قول علي رضي الله تعالى عنه هذا لم يكن عداوة ولا بغضا ، ولكن لما رأى انزعاج النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الأمر وتقلقه به أراد إراحة خاطره وتسهيل الأمر عليه . قوله : " أي بريرة " يعني يا بريرة بفتح الباء الموحدة وكسر الراء الأولى ، وهي مولاة عائشة رضي الله عنها . قوله : " أغمصه " جملة وقعت صفة لقوله : " أمرا " ومعناه أعيبها به وأطعن به عليها ، ومادته غين معجمة ، وميم وصاد مهملة . قوله : " الداجن " بكسر الجيم ، وهي الشاة التي تقتنى في البيت وتعلف ، وقد تطلق على غير الشاة من كل ما يألف البيوت من الطير وغيره . قوله : " فاستعذر من عبد الله بن أبي " ، أي قال : من يعذرني فيمن آذاني في أهلي ، ومعنى : من يعذرني من يقوم بعذري إن كافأته على قبح فعله ، وقيل : معناه : من ينصرني ، والعذير الناصر ، قوله : " فقام سعد بن معاذ " ، فإن قلت : حديث الإفك كان في المريسيع وسعد قد مات قبله . قلت : ذكر ابن منده أن سعدا مات بالمدينة سنة خمس ، وغزوة المريسيع كانت في شعبان سنة خمس ، فكأن سعدا مات بعد شعبان من هذه السنة ، وقال البيهقي : يشبه أن سعدا لم ينفجر جرحه إلا بعد المريسيع . قوله : " قلص دمعي " ، أي انقطع قوله : " من البرحاء " بضم الباء الموحدة وفتح الراء وتخفيف الحاء المهملة وبالمد ، وبرحاء الحمى وغيرها شدة الأذى . قوله : " الجمان " بضم الجيم وتخفيف الميم ، وهو اللؤلؤ الصغار ، وقيل : حب يتخذ من الفضة أمثال اللؤلؤ ، قوله : " من ثقل القول " ، وضبطه ابن التين بكسر الثاء المثلثة وسكون القاف . قوله : ولا يأتل أولو الفضل منكم أي لا يحلف . قوله : " أحمي سمعي وبصري " هو مأخوذ من الحمي ، تقول : أحميه من المآثم إن رأيت ما قيل ، وبقية الكلام قد مرت في كتاب الشهادات مستوفاة .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية