الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  [ ص: 117 ] أي : هذا باب في قوله تعالى يا أيها النبي " إلى آخر الآية ، في رواية الأكثرين ، وفي رواية أبي ذر إلى أمتعكن " الآية ، قال المفسرون : كان نساء النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يسألنه من عروض الدنيا والزيادة في النفقة ، ويتأذى بغيرة بعضهن على بعض ، فهجرهن وآلى منهن شهرا ولم يخرج إلى أصحابه ، فنزلت آية التخيير . قوله : " إن كنتن تردن الحياة الدنيا " أي : السعة في الدنيا وكثرة الأموال وزينتها فتعالين " أي : أقبلن بإرادتكن واختياركن أمتعكن " متعة الطلاق ، والكلام في المتعة في النفقة ، قوله : وأسرحكن " يعني الطلاق سراحا جميلا " من غير إضرار .

                                                                                                                                                                                  واختلفوا في تخييره صلى الله عليه وسلم ، فقيل : إنه خيرهن بين اختيارهن الدنيا فيفارقهن واختيار الآخرة فيمسكهن ، ولم يخيرهن في الطلاق ، قاله الحسن وقتادة . وقيل : بل بين الطلاق والمقام معه ، قالته عائشة ومجاهد والشعبي ومقاتل . وكان تحته يومئذ تسع نسوة ; خمس من قريش : عائشة بنت أبي بكر ، وحفصة بنت عمر ، وأم حبيبة بنت أبي سفيان ، وسودة بنت زمعة ، وأم سلمة بنت أبي أمية ، وصفية بنت حيي بن أخطب الخيبرية ، وميمونة بنت الحارث الهلالية ، وزينب بنت جحش الأسدية ، وجويرية بنت الحارث المصطلقية . واختلفوا في سبب التخيير ، فقيل : لأن الله تعالى خيره بين ملك الدنيا ونعيم الآخرة فأمر أن يخير بين نسائه ليكن على مثل حاله . وقيل : لأنهن تغايرن عليه ، فآلى منهن شهرا . وقيل : لأنهن اجتمعن يوما فقلن نريد ما تريد النساء من الحلي ، حتى قال بعضهن لو كنا عند غير النبي صلى الله عليه وسلم لكان لنا شأن وثياب وحلي . وقيل : لأن كل واحدة طلبت منه شيئا فكان غير مستطيع ; فطلبت أم سلمة معلما ، وميمونة حلة يمانية ، وزينب ثوبا مخططا - وهو البرد اليماني - وأم حبيبة ثوبا سحوليا ، وحفصة ثوبا من ثياب مصر ، وجويرية معجرا ، وسودة قطيفة خيبرية ، إلا عائشة رضي الله تعالى عنها فلم تطلب شيئا .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية