الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4564 339 - ( حدثنا يسرة بن صفوان بن جميل اللخمي ، حدثنا نافع بن عمر ، عن ابن أبي مليكة قال : كاد الخيران يهلكان ، أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما - رفعا أصواتهما عند النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قدم عليه ركب بني تميم ، فأشار أحدهما بالأقرع بن حابس أخي بني مجاشع ، وأشار الآخر برجل آخر قال نافع : لا أحفظ اسمه ، فقال أبو بكر لعمر : ما أردت إلا خلافي ، قال : ما أردت خلافك ، فارتفعت أصواتهما في ذلك ، فأنزل الله يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم الآية . قال ابن الزبير : فما كان عمر يسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد هذه الآية حتى يستفهمه ، ولم يذكر ذلك عن أبيه ، يعني أبا بكر - رضي الله عنه - ) .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة ، ويسرة بفتح الياء آخر الحروف والسين المهملة والراء ، ابن صفوان بن جميل ، بالجيم ، ضد القبيح ، اللخمي ، بسكون الخاء المعجمة ، الدمشقي ، ونافع بن عمر الجمحي ، بضم الجيم وفتح الميم وبالحاء المهملة ، وابن أبي مليكة : عبد الله بن عبد الرحمن ابن أبي مليكة ، بضم الميم ، واسمه زهير ، كان عبد الله قاضي مكة على عهد ابن الزبير رضي الله تعالى عنهم .

                                                                                                                                                                                  وقال الكرماني : هذا الحديث ليس من الثلاثيات ; لأن عبد الله تابعي ، وهو من المراسيل ، وقيل : صورته صورة الإرسال لكن ظهر في آخره ابن أبي مليكة ، حمله عن عبد الله بن الزبير ، وسيأتي في الباب الذي بعده التصريح بذلك ، وقد مضى الحديث في وفد بني تميم من وجه آخر .

                                                                                                                                                                                  قوله : " كاد الخيران يهلكان " بالنون ، قوله : " أبا بكر " بالنصب خبر كان ، وعمر عطف عليه ، كذا لأبي ذر ، وفي رواية بحذف النون ، يهلكا بلا ناصب ولا جازم ، وهي لغة ، والأصل : يهلكان بالنون ، والخيران : بتشديد الياء آخر الحروف المكسورة ، أي الفاعلان للخير الكثير يهلكان ، وفي ( التوضيح ) : ويجوز بالمهملة أيضا ، قلت : أراد الحبر بفتح الحاء المهملة وسكون الباء الموحدة ، وهو العالم ، ويجوز في الحبر الفتح والكسر ، قاله ابن الأثير .

                                                                                                                                                                                  قوله : " حين قدم عليه ركب بني تميم " كان قدومهم سنة تسع من الهجرة ، والركب أصحاب الإبل في السفر ، قوله : " فأشار أحدهما بالأقرع بن حابس " فيه حذف تقديره : سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يؤمر عليهم أحدا ، فأشار أحدهما - هو عمر - رضي الله تعالى عنه - فإنه أشار إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يؤمر [ ص: 183 ] الأقرع بن حابس ، والأقرع لقبه ، واسمه فراس بن حابس بن عقال ، بالكسر وتخفيف القاف ابن محمد بن سفيان بن مجاشع بن عبد الله بن دارم التميمي الدارمي ، وكانت وفاة الأقرع في خلافة عثمان - رضي الله تعالى عنه - ، قوله : " برجل آخر " وهو القعقاع بن معبد بن زرارة بن عدس بن يزيد بن عبد الله بن دارم التميمي الدارمي ، قال الكلبي : كان يقال له تيار الفرات لجوده .

                                                                                                                                                                                  قوله : " ما أردت إلا خلافي " أي ليس مقصودك إلا مخالفة قولي ، قوله : " قال ابن الزبير " أي عبد الله بن الزبير بن العوام ، قوله : " يسمع " بضم الياء من الإسماع ، ولا شك أن رفع الصوت على النبي - صلى الله عليه وسلم - فوق صوته حرام بهذه الآية ، فإن قلت : ثبت في ( الصحيح ) أن عمر استأذن على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعنده نساء من قريش يكلمنه عالية أصواتهن ، قلت : يحتمل أن يكون ذلك قبل النهي أو يكون علو الصوت كان بالهيئة الاجتماعية لا بانفراد كل منهن ، قوله : " عن أبيه يعني أبا بكر - رضي الله تعالى عنه - " قال الكرماني : أطلق الأب على الجد مجازا ; لأن أبا بكر أبو أم عبد الله ، وهي أسماء بنت أبي بكر ، وقال بعضهم : قال مغلطاي : يحتمل أنه أراد بذلك أبا بكر عبد الله بن الزبير ، أو أبا بكر عبد الله ابن أبي مليكة ، فإن له ذكرا في الصحابة عند ابن أبي عمر وأبي نعيم ، وهذا بعيد عن الصواب ، وقال صاحب ( التلويح ) : وأغرب بعض الشراح ثم ذكر ما ذكره بعضهم ، قلت : لا يشك في بعده عن الصواب ، ولكن يؤاخذ بعضهم بقوله : قال مغلطاي ، فذكره هكذا يشعر بالتحقير ، وكذلك صاحب ( التلويح ) يقول : وأغرب بعض الشراح مع أنه شيخه ، ولم يشرع الذي جمعه إلا من كتاب شيخه هذا ، ولم يذكر من خارج إلا شيئا يسيرا .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية