الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4580 355 - حدثنا الحميدي ، حدثنا سفيان ، حدثنا الزهري سمعت عروة قلت لعائشة رضي الله عنها فقالت : إنما كان من أهل بمناة الطاغية التي بالمشلل لا يطوفون بين الصفا والمروة ، فأنزل الله تعالى إن الصفا والمروة من شعائر الله فطاف رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون قال سفيان : مناة بالمشلل من قديد .

                                                                                                                                                                                  وقال عبد الرحمن بن خالد عن ابن شهاب قال عروة : قالت عائشة : نزلت في الأنصار كانوا هم وغسان قبل أن يسلموا يهلون لمناة مثله ، وقال معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة : كان رجال من الأنصار ممن كان يهل لمناة ومناة صنم بين مكة والمدينة ، قالوا : يا نبي الله ، كنا لا نطوف بين الصفا والمروة تعظيما لمناة نحوه .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة ، والحميدي عبد الله بن الزبير وسفيان هو ابن عيينة ، وهذا الحديث قد مضى مطولا في الحج في باب وجوب الصفا والمروة ; فإنه أخرجه هناك عن أبي اليمان ، عن شعيب ، عن الزهري إلى آخره .

                                                                                                                                                                                  قوله : " قلت لعائشة " فقالت فيه حذف بينه في تفسير سورة البقرة في باب إن الصفا والمروة من شعائر الله وهو أن عروة قال : قلت لعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وأنا يومئذ حديث السن : أرأيت قول الله تعالى إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما فما أرى على أحد شيئا أن لا يطوف بهما ، فقالت عائشة : إنما كان من أهل أي أحرم بمناة بالباء الموحدة في رواية أبي ذر ، وعند غيره لمناة باللام أي لأجل مناة ، والطاغية صفة لها باعتبار طغيان عبدتها ، ويجوز أن يكون مضافا إليها على معنى أحرم باسم مناة القوم الطاغية . قوله : " التي بالمشلل " صفة أخرى أي مناة الكائنة بالمشلل بضم الميم وفتح الشين المعجمة وتشديد اللام المفتوحة ، وهو موضع من قديد على ما يأتي الآن . قوله : " لا يطوفون " أي من كان يحج لهذا الصنم كان لا يسعى بين الصفا والمروة تعظيما لصنمهم حيث لم يكن في المسعى ، وكان فيه صنمان إساف ونائلة ، فأنزل الله تعالى ردا عليهم بقوله إن الصفا والمروة من شعائر الله فطاف رسول الله صلى الله عليه وسلم وطاف معه المسلمون .

                                                                                                                                                                                  قوله : " قال سفيان " هو ابن عيينة الراوي في الحديث المذكور . قوله : " مناة بالمشلل من قديد " مقول قول سفيان وأشار به إلى تفسير مناة أي مناة [ ص: 203 ] مكان كائن بالمشلل الكائن من قديد بضم القاف مصغر القدد ، وهو من منازل طريق مكة إلى المدينة .

                                                                                                                                                                                  قوله : " وقال عبد الرحمن بن خالد بن مسافر الفهمي " بالفاء المصري كان أمير مصر لهشام ، مات سنة سبع وعشرين ومائة ، وأخرج له مسلم متابعة . قوله : " عن ابن شهاب " ، وهو الزهري أي يروي عن ابن شهاب ، وهو الزهري الراوي في الحديث المذكور ، ووصل هذا التعليق الطحاوي من طريق عبد الله بن صالح ، عن الليث عن عبد الرحمن بطوله . قوله : " هم " أي الأنصار قوله : " وغسان " عطف عليه وهم قبيلة قوله : " يهلون بمناة " أي يحرمون بمناة قبل الإسلام . قوله : " مثله " أي مثل حديث سفيان بن عيينة المذكور قبله قوله : " وقال معمر " بفتح الميمين ، هو ابن راشد عن الزهري ، وهو محمد بن مسلم ، وهذا التعليق وصله الطبري عن الحسن بن يحيى ، عن عبد الرزاق عن معمر إلى آخره مطولا . قوله : " ومناة " صنم بين مكة والمدينة ، أي مناة اسم صنم كائن بين مكة والمدينة كانت صنما لخزاعة وهذيل ، سميت بذلك لأن دم الذبائح كان يمنى عليها أي يراق ، وفي تفسير ابن عباس : كانت مناة على ساحل البحر تعبد ، وفي تفسير عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن قتادة : اللات لأهل الطائف ، وعزى لقريش ومناة للأنصار ، وعن ابن زيد مناة بيت بالمشلل تعبده بنو كعب ، ويقال : مناة أصنام من حجارة كانت في جوف الكعبة يعبدونها . قوله : نحوه أي نحو الحديث المذكور .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية