الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4626 وقال سليمان بن حرب ، وأبو النعمان : حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن محمد قال : كنت في حلقة فيها عبد الرحمن بن أبي ليلى ، وكان أصحابه يعظمونه ، فذكر آخر الأجلين ، فحدثت بحديث سبيعة بنت الحارث عن عبد الله بن عتبة قال : فضمن لي بعض أصحابه قال محمد : ففطنت له ، فقلت : إني إذا لجريء إن كذبت على عبد الله بن عتبة ، وهو في ناحية الكوفة فاستحيا ، وقال : لكن عمه لم يقل ذاك ، فلقيت أبا عطية مالك بن عامر ، فسألته ، فذهب يحدثني حديث سبيعة ، فقلت : هل سمعت عن عبد الله فيها شيئا ؟ فقال : كنا عند عبد الله فقال : أتجعلون عليها التغليظ ، ولا تجعلون عليها الرخصة ، لنزلت سورة النساء القصرى بعد الطولى وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  ذكر هذا الحديث معلقا عن شيخه سليمان بن حرب ، وأبو النعمان محمد بن الفضل المعروف بعارم ، كلاهما عن حماد بن زيد ، عن أيوب السختياني ، عن محمد بن سيرين ، ووصله الطبراني في المعجم الكبير ، قال : حدثنا يوسف القاضي ، عن سليمان بن حرب قال : وحدثنا علي بن عبد العزيز عن أبي النعمان قالا : حدثنا حماد بن زيد فذكره ، وقد رواه البخاري في سورة البقرة عن حبان عن عبد الله بن المبارك عن عبد الله بن عون عن محمد بن سيرين قال : جلست إلى مجلس فيه عظم من الأنصار ، وفيهم عبد الرحمن بن أبي ليلى الحديث .

                                                                                                                                                                                  قوله : " في حلقة " بفتح اللام ، والمشهور إسكانها ، واقتصر ابن التين على الأول . قوله : " عبد الله بن عتبة " بضم العين وسكون التاء من فوق ابن مسعود . قوله : " فضمن لي " قال صاحب التلويح : هكذا في نسخة سماعنا بالنون ، وقال عياض : في رواية الأصيلي بتشديد الميم بعدها نون ، وضبطها الباقون بالتخفيف والكسر ، قال : وهو غير مفهوم المعنى ، وأشبهها روايةأبي الهيثم بالزاي ، ولكن بتشديد الميم وزيادة النون وياء بعدها يعني ضمزني ، أي أسكتني ، يقال ضمز : سكت وضمز غيره أسكته .

                                                                                                                                                                                  [ ص: 247 ] وقال ابن التين : فضمر بالضاد المعجمة والميم المشددة وبالراء ، أي أشار إليه أن اسكت ، ويقال : ضمز الرجل إذا عض على شفتيه ، وقال ابن الأثير : أيضا بالضاد والزاي من ضمز إذا سكت ، ويروى فغمض لي ، فإن صحت فمعناه من تغميض عينه . قوله : " ففطنت له " بالفتح والكسر . قوله : " إني إذا لجريء " يعني ذو جرأة شديدة ، وفي رواية هشيم عن ابن سيرين عند عبد بن حميد : " إني لحريص على الكذب " قوله : " وهو في ناحية الكوفة " ، أشار به إلى أن عبد الله بن عتبة كان حيا في ذلك الوقت قوله : " فاستحيا " ، أي مما وقع منه . قوله : " لكن عمه " يعني عبد الله بن مسعود لم يقل ذلك ، قيل : كذا نقل عنه عبد الرحمن بن أبي ليلى ، والمشهور عن ابن مسعود خلاف ما نقله ابن أبي ليلى ، فلعله كان يقول ذلك ، ثم رجع أو وهم الناقل عنه . قوله : " فلقيت أبا عطية مالك بن عامر " ، ويقال : ابن زبيد ، ويقال : عمرو بن أبي جندب الهمداني الكوفي التابعي ، مات في ولاية مصعب بن الزبير على الكوفة ، والقائل بقوله : " لقيت أبا عطية " محمد بن سيرين . قوله : " فسألته " أراد به التثبيت . قوله : " فذهب يحدثني حديث سبيعة " يعني مثل ما حدث به عبد الله بن عتبة عنها . قوله : " من عبد الله " يعني ابن مسعود ، وأراد به استخراج ما عنده في ذلك ، عن ابن مسعود دون غيره ; لما وقع من التوقف عنده فيما أخبره به ابن أبي ليلى . قوله : " فقال كنا عند عبد الله " ، أي ابن مسعود . قوله : " أتجعلون عليها التغليظ " ، أي طول العدة بالحمل إذا زادت مدته على مدة الأشهر ، وقد يمتد ذلك حتى يجاوز تسعة أشهر إلى أربع سنين ، أي إذا جعلتم التغليظ عليها ، فاجعلوا لها الرخصة ، أي التسهيل إذا وضعت لأقل من أربعة أشهر . قوله : " لنزلت " اللام فيه للتأكيد لقسم محذوف ، ويوضحه رواية الحارث بن عمير ولفظه : فوالله لقد نزلت قوله : " سورة النساء القصرى " سورة الطلاق ، وفيها وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن قوله : " بعد الطولى " ليس المراد منها سورة النساء ، بل المراد السورة التي هي أطول سور القرآن ، وهي البقرة ، وفيها والذين يتوفون منكم وفيه جواز وصف السورة بالطولى والقصرى ، وقال الداودي : القصرى لا أراه محفوظا ولا صغرى ، وإنما يقال : قصيرة ; فافهم هو رد للأخبار الثابتة بلا مستند ، والقصر والطول أمر نسبي ، ورد في صفة الصلاة طولى الطولتين ، وأريد بذلك سورة الأعراف .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية