الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1066 147 - حدثنا عبدان عن عبد الله بن المبارك عن إبراهيم بن طهمان قال: حدثني الحسين المكتب عن ابن بريدة عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: كانت بي بواسير، فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة فقال: صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة، وهو الطريق الثالث لحديث عمران كما ذكرنا، وهو من أفراد البخاري ، وعبدان لقب عبد الله بن عثمان المروزي .

                                                                                                                                                                                  قوله: " عن عبد الله بن المبارك " قد مر غير مرة، وليس في رواية أبي زيد المروزي ذكر ابن المبارك ، والمذكور هو عبد الله بلا نسبة.

                                                                                                                                                                                  قوله: " المكتب " اسم فاعل من التكتيب وهو صفة الحسين بن ذكوان ، وقد مر ذكره في الباب الذي قبله، ولكن المذكور هناك حسين المعلم لأنه مشهور بالمكتب والمعلم، وابن بريدة هو عبد الله ، وقد مر.

                                                                                                                                                                                  قوله: " عن الصلاة " أي: عن صلاة الذي به علة، وفي رواية وكيع " عن إبراهيم بن طهمان : سألت عن صلاة المريض " أخرجه الترمذي وغيره.

                                                                                                                                                                                  قوله: " فعلى جنب " أي: فعلى جنبك، لأنه - صلى الله عليه وسلم – خاطب لعمران بقوله: " فإن لم تستطع " وقال أولا في جوابه: " صل قائما " ولكن لم يبين فيه على أي جنب، وهو بظاهره يتناول الجنب الأيمن والأيسر، وبه جزم الرافعي ، وقال: إلا أنه لو اضطجع على جنبه الأيسر ترك السنة، وكأنه أشار بهذا إلى ما رواه الدارقطني من حديث علي رضي الله تعالى عنه " عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " فإن لم يستطع فعلى جنبه الأيمن مستقبل القبلة بوجهه " الحديث، واستدل بعضهم على استحباب كونه على الجنب الأيمن بالحديث الصحيح المتفق عليه من حديث البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن وقل: اللهم أسلمت نفسي إليك " الحديث، وقال شيخنا زين الدين رحمه الله: وفي قوله: " فإن لم يستطع فعلى جنبه " حجة لأصح الوجهين لأصحابنا أو القولين للشافعي أنه يضطجع على جنبه الأيمن مستقبل القبلة، وهو قول أحمد بن حنبل كما يوجه الميت في اللحد لقوله - صلى الله عليه وسلم - في أثناء حديث البيت الحرام " قبلتكم أحياء وأمواتا " .

                                                                                                                                                                                  والوجه الثاني: أنه يستلقي على ظهره ويجعل رجليه إلى القبلة ويومئ بالركوع والسجود إلى القبلة، وهو قول أبي حنيفة ، وفي المسألة وجه ثالث حكاه الرافعي وضعفه، وصفته أنه يضطجع على جنبه الأيمن وأخمصاه إلى القبلة.

                                                                                                                                                                                  ( قلت ): اختلفت الروايات عن أصحابنا في القعود إذا عجز عن القيام كيف يقعد، فروى محمد عن أبي حنيفة أنه إذا افتتح الصلاة يجلس كيفما شاء، وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه يتربع، وإذا ركع يفترش رجله اليسرى ويجلس عليها، وعن أبي يوسف أنه يتربع في جميع صلاته، وعن زفر أنه يفترش رجله اليسرى في جميع صلاته، والصحيح رواية محمد ; لأن عذر المرض يسقط الأركان عنه، فلأن يسقط عنه الهيئات أولى، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه ولا يرفع إلى وجهه شيئا يسجد عليه، وإن فعل ذلك وهو يخفض رأسه أجزأه ويكون مسيئا، وفي الينابيع: إن وجد منه تحريك رأسه يجوز وإلا لا، ثم اختلفوا هل يعد هذا سجودا أو إيماء ؟ قيل: هو إيماء وهو الأصح، وإن لم يستطع القعود [ ص: 162 ] استلقى على ظهره وجعل رجليه إلى القبلة وأومأ بالركوع والسجود، وقال الشيخ حميد الدين الضريري رحمه الله: توضع وسادة تحت رأسه حتى يكون شبه القاعد ليتمكن من الإيماء بالركوع والسجود ; إذ حقيقة الاستلقاء تمنع الأصحاء عن الإيماء فكيف المرضى، واختلفت الروايات عن أصحابنا في كيفية الاستلقاء، ففي ظاهر الرواية يصلي مستلقيا على قفاه ورجلاه إلى القبلة، وروى ابن كاس عنهم أنه يصلي على جنبه الأيمن ووجهه إلى القبلة، فإن عجز عن ذلك استلقى على قفاه، وهو قول الشافعي وقول مالك وأحمد كظاهر الرواية المذكورة.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية