1069 150 - حدثنا قال: حدثنا علي بن عبد الله قال: حدثنا سفيان سليمان بن أبي مسلم عن سمع طاوس رضي الله عنهما قال: ابن عباس ، ولك الحمد أنت الحق، ووعدك الحق، ولقاؤك حق، وقولك حق، والجنة حق، والنار حق، والنبيون حق، اللهم لك الحمد أنت قيم السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد لك ملك السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد نور السماوات والأرض ومحمد - صلى الله عليه وسلم - حق، والساعة حق، اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت، أو لا إله غيرك. كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قام من الليل يتهجد قال:
باب التهجد بالليل
- باب فضل قيام الليل
- باب طول السجود في قيام الليل
- باب ترك القيام للمريض
- باب تحريض النبي صلى الله عليه وسلم على صلاة الليل والنوافل من غير إيجاب
- باب قيام النبي صلى الله عليه وسلم حتى ترم قدماه
- باب من نام عند السحر
- باب من تسحر ثم قام إلى الصلاة فلم ينم حتى صلى الصبح
- باب طول الصلاة في قيام الليل
- باب كيف صلاة الليل وكيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل
- باب قيام النبي صلى الله عليه وسلم بالليل ونومه وما نسخ من قيام الليل
- باب عقد الشيطان على قافية الرأس إذا لم يصل بالليل
- باب إذا نام ولم يصل بال الشيطان في أذنه
- باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل
- باب من نام أول الليل وأحيا آخره
- باب قيام النبي صلى الله عليه وسلم بالليل في رمضان وغيره
- باب فضل الطهور بالليل والنهار وفضل الصلاة بعد الوضوء بالليل والنهار
- باب ما يكره من التشديد في العبادة
- باب ما يكره من ترك قيام الليل لمن كان يقومه
- باب
- باب فضل من تعار من الليل فصلى
- باب المداومة في ركعتي الفجر
- باب الضجعة على الشق الأيمن بعد ركعتي الفجر
- باب من تحدث بعد الركعتين ولم يضطجع
- باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى
- باب الحديث يعني بعد ركعتي الفجر
- باب تعاهد ركعتي الفجر ومن سماهما تطوعا
- باب ما يقرأ في ركعتي الفجر
التالي
السابق
مطابقته للترجمة ظاهرة لأنه من جملة . التهجد بالليل
(ذكر رجاله) وهم خمسة.
الأول: . علي بن عبد الله المعروف بابن المديني
الثاني: . سفيان بن عيينة
الثالث: سليمان بن أبي مسلم المكي الأحول عبد الله خال ، ابن أبي نجيح وأبو مسلم يقال اسمه عبد الله .
الرابع: . طاوس بن كيسان اليماني
الخامس: . عبد الله بن عباس
(ذكر لطائف إسناده) فيه التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع، وفيه العنعنة في موضع واحد، وفيه السماع، وفيه القول في ثلاثة مواضع، وفيه أن شيخه بصري، وسفيان وسليمان مكيان، يماني. وطاوس
(ذكر تعدد موضعه، ومن أخرجه غيره) أخرجه أيضا في "الدعوات" عن البخاري ، وفي التوحيد عن عبد الله بن محمد ثابت بن محمد مرتين، وعن ، كلاهما عن قبيصة بن عقبة ، وعن سفيان الثوري محمود عن ، كلاهما عن عبد الرزاق عنه به، وأخرجه ابن جريج في "الصلاة" عن مسلم عمرو الناقد ومحمد بن عبد الله بن نمير وابن أبي عمر ، ثلاثتهم عن به، وعن ابن عيينة محمد [ ص: 166 ] ابن رافع عن به، وأخرجه عبد الرزاق فيه عن النسائي ، وفي النعوت عن قتيبة محمد بن منصور كلاهما عن به، وفي النعوت أيضا عن ابن عيينة محمود بن غيلان وعبد الأعلى بن واصل بن عبد الأعلى كلاهما عن عن يحيى بن آدم به، وأخرجه الثوري في "الصلاة" عن ابن ماجه هشام بن عمار ، فرقهما، كلاهما عن وأبي بكر بن خلاد به. ابن عيينة
(ذكر معناه) قوله: " إذا قام من الليل يتهجد " ، وفي رواية عن مالك عن أبي الزبير " إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل يتهجد " وظاهر الكلام أنه كان يدعو بهذا الدعاء أول ما يقوم إلى الصلاة ويخلص الثناء على الله تعالى بما هو أهله والإقرار بوعده ووعيده، وفي رواية طاوس ابن عباس أنه - صلى الله عليه وسلم - لما استيقظ تلا العشر الآيات من آخر آل عمران ميمونة فبلغ ما شهده أو بلغه، وقد يكون كله في وقت واحد وسكت هو عنه أو نسيه الناقل. حين بات عند
قوله: " اللهم " أصله يا الله.
قوله: " أنت قيم السماوات والأرض " ، وفي بعض النسخ بدون لفظة أنت، ولكنه مقدر في صورة الحذف ; لأن قيم السماوات والأرض مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف وهو أنت، وفي رواية " اللهم لك الحمد قيم السماوات والأرض " المذكور " أنت قيام السماوات والأرض " والقيم والقيام والقيوم بمعنى واحد وهو الدائم القيام بتدبير الخلق المعطي له ما به قوامه أو القائم بنفسه المقيم لغيره، وقال أبي الزبير : وقرئ القيام والقيم، وقيل: قرأ بهما الزمخشري رضي الله تعالى عنه، وقال عمر بن الخطاب : القيوم هو الذي لا يزول، وقيل: هو القائم على كل نفس، ومعناه مدبر أمرها، وقيل: قيام على المبالغة من قام بالشيء إذا هيأ له جميع ما يحتاج إليه، وقيل: قيم السماوات والأرض خالقهما وممسكهما أن تزولا، وقرأ ابن عباس (الحي القيم) وأصله قيوم على وزن فيعل مثل صيب أصله صيوب، اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء، وقال علقمة : أصل القيوم القيووم، فلما اجتمعت الياء والواو والسابق ساكن جعلتا ياء مشددة، وأصل القيام القوام، قال ابن الأنباري : الفراء وأهل الحجاز يصرفون الفعال إلى الفيعال، يقولون للصواغ: صياغ، قاله الأنباري في "الكتاب الزاهر"، وقال : معنى القيم القائم على خلقه بآجالهم وأعمالهم وأرزاقهم، وقال قتادة : هو الذي لا بديل له، وقال الكلبي أبو عبيدة : القيوم القائم على الأشياء.
قوله: " أنت نور السماوات والأرض " ، أي: منورهما، وقرئ (الله نور السماوات والأرض) على صيغة الماضي من التنوير، وقال : هادي أهلهما، وقيل: منزه في السماوات والأرض من كل عيب ومبرأ من كل ريبة، وقيل: هو اسم مدح، يقال: فلان نور البلد وشمس الزمان، وقال ابن عباس : مزين السماوات بالشمس والقمر والنجوم، ومزين الأرض بالأنبياء والعلماء والأولياء، وقال أبو العالية : " أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن "، أي: بنورك يهتدي من في السماوات والأرض، وقيل: معناه ذو نور السماوات والأرض. ابن بطال
قوله: " أنت ملك السماوات والأرض " كذا في رواية الأكثرين، وفي رواية " لك ملك السماوات والأرض. الكشميهني
قوله: " أنت الحق " معناه المتحقق وجوده، وكل شيء صح وجوده وتحقق فهو حق، ومنه قوله تعالى: الحاقة أي: الكائنة حقا بغير شك، وهذا الوصف لله تعالى بالحقيقة والخصوصية ولا ينبغي لغيره، وقال ابن التين : يحتمل أن يكون معناه أنت الحق بالنسبة إلى من يدعى فيه أنه إله أو بمعنى أن من سماك إلها فقد قال الحق، وإنما عرف الحق في الموضعين وهما " أنت الحق ووعدك الحق " ونكر في البواقي ; لأن المسافة بين المعرف باللام الجنسية والنكرة قريبة، بل صرحوا بأن مؤداهما واحد لا فرق إلا بأن في المعرفة إشارة إلى أن الماهية التي دخل عليها اللام معلومة للسامع، وفي النكرة لا إشارة إليه، وقال الطيبي : عرفهما للحصر ; لأن الله هو الحق الثابت الباقي، وما سواه في معرض الزوال، وكذا وعده مختص بالإنجاز دون وعد غيره، والتنكير في البواقي للتعظيم.
قوله: " ووعدك الحق " الوعد يطلق ويراد به الخير والشر كلاهما والخير أو الشر خاصة، قال الله تعالى: الشيطان يعدكم الفقر وليس في وعد الله خلف فلا يخلف الميعاد ليجزي الذين أساءوا بما عملوا إلا ما تجاوز عنه ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى وقيل في قوله: إن الله وعدكم وعد الحق أي: وعد الجنة من أطاعه ووعد النار من كفر به، ويحتمل أن يريد أن وعده حق بمعنى إثبات أنه قد وعد بالحق بالبعث والحشر والثواب والعقاب إنكارا لقول من أنكر وعده بذلك وكذب الرسل فيما بلغوه من وعده ووعيده.
قوله: " ولقاؤك حق " اللقاء البعث أو رؤية الله تعالى وقيل: الموت، وفيه ضعف، ورده النووي .
قوله: " وقولك حق " ، أي: صدق وعدل، وقال الكرماني : (فإن قلت): القول يوصف بالصدق والكذب، يقال: قول صدق أو كذب ولهذا قيل: الصدق هو بالنظر إلى القول المطابق [ ص: 167 ] للواقع والحق بالنظر إلى الواقع المطابق للقول. (قلت): قد يقال أيضا: قول ثابت، ثم إنهما متلازمان.
قوله: " والجنة حق والنار حق " فيه الإقرار بهما وبالأنبياء، وقال ابن التين : فيه ثلاثة أوجه أحدها أن خبره بذلك لا يدخله كذب ولا تغيير، ثانيها أن خبر من أخبر عنه بذلك وبلغه حق، ثالثها أنهما قد خلقتا.
قوله: " والنبيون حق " بأنهم من عند الله.
قوله: " ومحمد حق " إنما خص محمدا من النبيين، وإن كان داخلا فيهم وعطفه عليهم إيذانا بالتغاير وأنه فائق عليهم بأوصاف مختصة به، فإن تغير الوصف ينزل منزلة تغيير الذات، ثم جرده عن ذاته كأنه غيره فوجب عليه الإيمان به وتصديقه، وهذا مبالغة في إثبات نبوته كما في التشهد.
قوله: " والساعة حق " ، أي: يوم القيامة، وأصل الساعة القطعة من الزمان، ثم أطلق على يوم القيامة فصار اسما لها، وتأتي الوجوه المذكورة فيها، ووجه ذلك أنه لما لم يكن هناك شمس ولا قمر ولا كواكب يقدر بها الزمان وسميت بالساعة، (فإن قلت): ما وجه إطلاق اسم الحق على ما ذكر من الأمور وما وجه تكرار لفظ الحق ؟ (قلت): أما وجه الإطلاق فللإيذان بأنه لا بد من كونها وأنها مما يجب أن يصدق بها، وأما وجه التكرار فللمبالغة في التأكيد، والتكرير يستدعي التقرير.
قوله: " اللهم لك أسلمت " ، أي: انقدت وخضعت لأمرك ونهيك واستسلمت لجميع ما أمرت به ونهيت عنه.
قوله: " وبك آمنت " ، أي: صدقت بك وبما أنزلت من أخبار وأمر ونهي، فظاهره أن الإيمان ليس بحقيقة الإسلام، وإنما الإيمان التصديق، وقال القاضي أبو بكر : ، والأول أشهر في كلام العرب، قال الله تعالى: الإيمان المعرفة بالله وما أنت بمؤمن لنا أي: بمصدق، إلا أن الإسلام إذا كان بمعنى الانقياد والطاعة فقد ينقاد المكلف بالإيمان فيكون مؤمنا مسلما، وقد يكون مصدقا في بعض الأحوال دون بعض فيكون مسلما مؤمنا، وقال : المسلم قد يكون مؤمنا في بعض الأحوال دون بعض والمؤمن مسلم في جميع الأحوال، فكل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمنا. (قلت): البحث فيه دقيق، وقد استوفيناه في "كتاب الإيمان". الخطابي
قوله: " وعليك توكلت " ، أي: فوضت الأمر إليك قاطعا للنظر عن الأسباب العادية، ويقال: أي تبرأت من الحول والقوة وصرفت أمري إليك وأيقنت أنه لن يصيبني إلا ما كتب لي وعلي ففوضت أمري إليك ونعم المفوض إليه، قال : الوكيل الكافي. الفراء
قوله: " وإليك أنبت " ، أي: رجعت إليك في تدبير أمري، والإنابة الرجوع، أي: رجعت إليك مقبلا بالقلب عليك، ومعناه رجعت إلى عبادتك.
قوله: " وبك خاصمت " ، أي: وبما أعطيتني من البرهان والسنان خاصمت المعاند وقمعته بالحجة والسيف.
قوله: " وإليك حاكمت " ، أي: كل من جحد الحق حاكمته إليك وجعلتك الحاكم بيني وبينه لا غيرك مما كانت تحاكم إليه الجاهلية من صنم وكاهن ونار ونحو ذلك، والمحاكمة رفع القضية إلى الحاكم. وقيل: ظاهره أن لا يحاكمهم إلا الله ولا يرضى إلا بحكمه، قال الله تعالى: ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين وقال: أفغير الله أبتغي حكما ثم من قوله: " لك أسلمت " إلى قوله: " وإليك حاكمت " قدم صلات الأفعال المذكورة فيه للإشعار بالتخصيص وإفادة الحصر، وكذلك في قوله: " ولك الحمد " في أربعة مواضع، فافهم.
قوله: " فاغفر لي ما قدمت وما أخرت " إنما قال ذلك - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - مع أنه مغفور له لوجهين أحدهما للتواضع وهضم النفس والإجلال لله تعالى والتعظيم له عز وجل.
الثاني: للتعليم لأمته ليقتدوا به في والرغبة والرهبة، والمغفرة تغطية الذنب، وكل ما غطي فقد غفر ومنه المغفر. أصل الدعاء والخضوع وحسن التضرع
قوله: " وما قدمت " ، أي: قبل هذا الوقت وما أخرت عنه، أمر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بالإشفاق والدعاء إلى الله تعالى والرغبة إليه أن يغفر ما يكون من غفلة تعتري البشر، وما قدم ما مضى، وما أخر ما يستقبل، وذلك مثل قوله تعالى: ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر وقال أهل التفسير: الغفران في حقه يتناول من أفعاله الماضي والمستقبل.
قوله: " وما أسررت " ، أي: وما أخفيت، " وما أعلنت "، أي: وما أظهرت، أو المعنى: ما حدثت به نفسي وما تحرك به لساني، وفي التوحيد زاد من طريق عن ابن جريج " وما أنت أعلم به مني " وهو من عطف العام بعد الخاص. سلمان
قوله: " أنت المقدم وأنت المؤخر " قال ابن التين : أنت الأول وأنت الآخر، وقال : يعني أنه قدم في البعث إلى الناس على غيره - صلى الله عليه وسلم - بقوله: ابن بطال ، ثم قدمه عليهم يوم القيامة بالشفاعة بما فضله به على سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فسبق بذلك الرسل. " نحن الآخرون السابقون "
وقال الكرماني : هذا الحديث من جوامع الكلم ; إذ لفظ القيم إشارة إلى أن وجود الجوهر وقوامه منه، والنور إلى أن الأعراض منه، والملك لما أنه [ ص: 168 ] حاكم فيها إيجادا وإعداما يفعل ما يشاء، وكل هذه نعم من الله تعالى على عباده، فلهذا قرن كلا منها بالحمد وخص الحمد به، ثم قوله: " أنت الحق " إشارة إلى المبدإ والقول ونحوه إلى المعاش والساعة إلى المعاد.
وفيه إشارة إلى النبوة وإلى الجزاء ثوابا وعقابا، وفيه وغيره. انتهى. ويقال: وفيه زيادة وجوب الإيمان والإسلام والتوكل والإنابة والتضرع إلى الله تعالى والاستغفار ، ومواظبته على الذكر والدعاء والثناء على ربه، والاعتراف لله بحقوقه والإقرار بصدق وعده ووعيده، وفيه استحباب تقديم الثناء على المسألة عند كل مطلوب اقتداء به - صلى الله عليه وسلم -. معرفة النبي - صلى الله عليه وسلم - بعظمة ربه وعظم قدرته
(ذكر رجاله) وهم خمسة.
الأول: . علي بن عبد الله المعروف بابن المديني
الثاني: . سفيان بن عيينة
الثالث: سليمان بن أبي مسلم المكي الأحول عبد الله خال ، ابن أبي نجيح وأبو مسلم يقال اسمه عبد الله .
الرابع: . طاوس بن كيسان اليماني
الخامس: . عبد الله بن عباس
(ذكر لطائف إسناده) فيه التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع، وفيه العنعنة في موضع واحد، وفيه السماع، وفيه القول في ثلاثة مواضع، وفيه أن شيخه بصري، وسفيان وسليمان مكيان، يماني. وطاوس
(ذكر تعدد موضعه، ومن أخرجه غيره) أخرجه أيضا في "الدعوات" عن البخاري ، وفي التوحيد عن عبد الله بن محمد ثابت بن محمد مرتين، وعن ، كلاهما عن قبيصة بن عقبة ، وعن سفيان الثوري محمود عن ، كلاهما عن عبد الرزاق عنه به، وأخرجه ابن جريج في "الصلاة" عن مسلم عمرو الناقد ومحمد بن عبد الله بن نمير وابن أبي عمر ، ثلاثتهم عن به، وعن ابن عيينة محمد [ ص: 166 ] ابن رافع عن به، وأخرجه عبد الرزاق فيه عن النسائي ، وفي النعوت عن قتيبة محمد بن منصور كلاهما عن به، وفي النعوت أيضا عن ابن عيينة محمود بن غيلان وعبد الأعلى بن واصل بن عبد الأعلى كلاهما عن عن يحيى بن آدم به، وأخرجه الثوري في "الصلاة" عن ابن ماجه هشام بن عمار ، فرقهما، كلاهما عن وأبي بكر بن خلاد به. ابن عيينة
(ذكر معناه) قوله: " إذا قام من الليل يتهجد " ، وفي رواية عن مالك عن أبي الزبير " إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل يتهجد " وظاهر الكلام أنه كان يدعو بهذا الدعاء أول ما يقوم إلى الصلاة ويخلص الثناء على الله تعالى بما هو أهله والإقرار بوعده ووعيده، وفي رواية طاوس ابن عباس أنه - صلى الله عليه وسلم - لما استيقظ تلا العشر الآيات من آخر آل عمران ميمونة فبلغ ما شهده أو بلغه، وقد يكون كله في وقت واحد وسكت هو عنه أو نسيه الناقل. حين بات عند
قوله: " اللهم " أصله يا الله.
قوله: " أنت قيم السماوات والأرض " ، وفي بعض النسخ بدون لفظة أنت، ولكنه مقدر في صورة الحذف ; لأن قيم السماوات والأرض مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف وهو أنت، وفي رواية " اللهم لك الحمد قيم السماوات والأرض " المذكور " أنت قيام السماوات والأرض " والقيم والقيام والقيوم بمعنى واحد وهو الدائم القيام بتدبير الخلق المعطي له ما به قوامه أو القائم بنفسه المقيم لغيره، وقال أبي الزبير : وقرئ القيام والقيم، وقيل: قرأ بهما الزمخشري رضي الله تعالى عنه، وقال عمر بن الخطاب : القيوم هو الذي لا يزول، وقيل: هو القائم على كل نفس، ومعناه مدبر أمرها، وقيل: قيام على المبالغة من قام بالشيء إذا هيأ له جميع ما يحتاج إليه، وقيل: قيم السماوات والأرض خالقهما وممسكهما أن تزولا، وقرأ ابن عباس (الحي القيم) وأصله قيوم على وزن فيعل مثل صيب أصله صيوب، اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء، وقال علقمة : أصل القيوم القيووم، فلما اجتمعت الياء والواو والسابق ساكن جعلتا ياء مشددة، وأصل القيام القوام، قال ابن الأنباري : الفراء وأهل الحجاز يصرفون الفعال إلى الفيعال، يقولون للصواغ: صياغ، قاله الأنباري في "الكتاب الزاهر"، وقال : معنى القيم القائم على خلقه بآجالهم وأعمالهم وأرزاقهم، وقال قتادة : هو الذي لا بديل له، وقال الكلبي أبو عبيدة : القيوم القائم على الأشياء.
قوله: " أنت نور السماوات والأرض " ، أي: منورهما، وقرئ (الله نور السماوات والأرض) على صيغة الماضي من التنوير، وقال : هادي أهلهما، وقيل: منزه في السماوات والأرض من كل عيب ومبرأ من كل ريبة، وقيل: هو اسم مدح، يقال: فلان نور البلد وشمس الزمان، وقال ابن عباس : مزين السماوات بالشمس والقمر والنجوم، ومزين الأرض بالأنبياء والعلماء والأولياء، وقال أبو العالية : " أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن "، أي: بنورك يهتدي من في السماوات والأرض، وقيل: معناه ذو نور السماوات والأرض. ابن بطال
قوله: " أنت ملك السماوات والأرض " كذا في رواية الأكثرين، وفي رواية " لك ملك السماوات والأرض. الكشميهني
قوله: " أنت الحق " معناه المتحقق وجوده، وكل شيء صح وجوده وتحقق فهو حق، ومنه قوله تعالى: الحاقة أي: الكائنة حقا بغير شك، وهذا الوصف لله تعالى بالحقيقة والخصوصية ولا ينبغي لغيره، وقال ابن التين : يحتمل أن يكون معناه أنت الحق بالنسبة إلى من يدعى فيه أنه إله أو بمعنى أن من سماك إلها فقد قال الحق، وإنما عرف الحق في الموضعين وهما " أنت الحق ووعدك الحق " ونكر في البواقي ; لأن المسافة بين المعرف باللام الجنسية والنكرة قريبة، بل صرحوا بأن مؤداهما واحد لا فرق إلا بأن في المعرفة إشارة إلى أن الماهية التي دخل عليها اللام معلومة للسامع، وفي النكرة لا إشارة إليه، وقال الطيبي : عرفهما للحصر ; لأن الله هو الحق الثابت الباقي، وما سواه في معرض الزوال، وكذا وعده مختص بالإنجاز دون وعد غيره، والتنكير في البواقي للتعظيم.
قوله: " ووعدك الحق " الوعد يطلق ويراد به الخير والشر كلاهما والخير أو الشر خاصة، قال الله تعالى: الشيطان يعدكم الفقر وليس في وعد الله خلف فلا يخلف الميعاد ليجزي الذين أساءوا بما عملوا إلا ما تجاوز عنه ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى وقيل في قوله: إن الله وعدكم وعد الحق أي: وعد الجنة من أطاعه ووعد النار من كفر به، ويحتمل أن يريد أن وعده حق بمعنى إثبات أنه قد وعد بالحق بالبعث والحشر والثواب والعقاب إنكارا لقول من أنكر وعده بذلك وكذب الرسل فيما بلغوه من وعده ووعيده.
قوله: " ولقاؤك حق " اللقاء البعث أو رؤية الله تعالى وقيل: الموت، وفيه ضعف، ورده النووي .
قوله: " وقولك حق " ، أي: صدق وعدل، وقال الكرماني : (فإن قلت): القول يوصف بالصدق والكذب، يقال: قول صدق أو كذب ولهذا قيل: الصدق هو بالنظر إلى القول المطابق [ ص: 167 ] للواقع والحق بالنظر إلى الواقع المطابق للقول. (قلت): قد يقال أيضا: قول ثابت، ثم إنهما متلازمان.
قوله: " والجنة حق والنار حق " فيه الإقرار بهما وبالأنبياء، وقال ابن التين : فيه ثلاثة أوجه أحدها أن خبره بذلك لا يدخله كذب ولا تغيير، ثانيها أن خبر من أخبر عنه بذلك وبلغه حق، ثالثها أنهما قد خلقتا.
قوله: " والنبيون حق " بأنهم من عند الله.
قوله: " ومحمد حق " إنما خص محمدا من النبيين، وإن كان داخلا فيهم وعطفه عليهم إيذانا بالتغاير وأنه فائق عليهم بأوصاف مختصة به، فإن تغير الوصف ينزل منزلة تغيير الذات، ثم جرده عن ذاته كأنه غيره فوجب عليه الإيمان به وتصديقه، وهذا مبالغة في إثبات نبوته كما في التشهد.
قوله: " والساعة حق " ، أي: يوم القيامة، وأصل الساعة القطعة من الزمان، ثم أطلق على يوم القيامة فصار اسما لها، وتأتي الوجوه المذكورة فيها، ووجه ذلك أنه لما لم يكن هناك شمس ولا قمر ولا كواكب يقدر بها الزمان وسميت بالساعة، (فإن قلت): ما وجه إطلاق اسم الحق على ما ذكر من الأمور وما وجه تكرار لفظ الحق ؟ (قلت): أما وجه الإطلاق فللإيذان بأنه لا بد من كونها وأنها مما يجب أن يصدق بها، وأما وجه التكرار فللمبالغة في التأكيد، والتكرير يستدعي التقرير.
قوله: " اللهم لك أسلمت " ، أي: انقدت وخضعت لأمرك ونهيك واستسلمت لجميع ما أمرت به ونهيت عنه.
قوله: " وبك آمنت " ، أي: صدقت بك وبما أنزلت من أخبار وأمر ونهي، فظاهره أن الإيمان ليس بحقيقة الإسلام، وإنما الإيمان التصديق، وقال القاضي أبو بكر : ، والأول أشهر في كلام العرب، قال الله تعالى: الإيمان المعرفة بالله وما أنت بمؤمن لنا أي: بمصدق، إلا أن الإسلام إذا كان بمعنى الانقياد والطاعة فقد ينقاد المكلف بالإيمان فيكون مؤمنا مسلما، وقد يكون مصدقا في بعض الأحوال دون بعض فيكون مسلما مؤمنا، وقال : المسلم قد يكون مؤمنا في بعض الأحوال دون بعض والمؤمن مسلم في جميع الأحوال، فكل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمنا. (قلت): البحث فيه دقيق، وقد استوفيناه في "كتاب الإيمان". الخطابي
قوله: " وعليك توكلت " ، أي: فوضت الأمر إليك قاطعا للنظر عن الأسباب العادية، ويقال: أي تبرأت من الحول والقوة وصرفت أمري إليك وأيقنت أنه لن يصيبني إلا ما كتب لي وعلي ففوضت أمري إليك ونعم المفوض إليه، قال : الوكيل الكافي. الفراء
قوله: " وإليك أنبت " ، أي: رجعت إليك في تدبير أمري، والإنابة الرجوع، أي: رجعت إليك مقبلا بالقلب عليك، ومعناه رجعت إلى عبادتك.
قوله: " وبك خاصمت " ، أي: وبما أعطيتني من البرهان والسنان خاصمت المعاند وقمعته بالحجة والسيف.
قوله: " وإليك حاكمت " ، أي: كل من جحد الحق حاكمته إليك وجعلتك الحاكم بيني وبينه لا غيرك مما كانت تحاكم إليه الجاهلية من صنم وكاهن ونار ونحو ذلك، والمحاكمة رفع القضية إلى الحاكم. وقيل: ظاهره أن لا يحاكمهم إلا الله ولا يرضى إلا بحكمه، قال الله تعالى: ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين وقال: أفغير الله أبتغي حكما ثم من قوله: " لك أسلمت " إلى قوله: " وإليك حاكمت " قدم صلات الأفعال المذكورة فيه للإشعار بالتخصيص وإفادة الحصر، وكذلك في قوله: " ولك الحمد " في أربعة مواضع، فافهم.
قوله: " فاغفر لي ما قدمت وما أخرت " إنما قال ذلك - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - مع أنه مغفور له لوجهين أحدهما للتواضع وهضم النفس والإجلال لله تعالى والتعظيم له عز وجل.
الثاني: للتعليم لأمته ليقتدوا به في والرغبة والرهبة، والمغفرة تغطية الذنب، وكل ما غطي فقد غفر ومنه المغفر. أصل الدعاء والخضوع وحسن التضرع
قوله: " وما قدمت " ، أي: قبل هذا الوقت وما أخرت عنه، أمر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بالإشفاق والدعاء إلى الله تعالى والرغبة إليه أن يغفر ما يكون من غفلة تعتري البشر، وما قدم ما مضى، وما أخر ما يستقبل، وذلك مثل قوله تعالى: ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر وقال أهل التفسير: الغفران في حقه يتناول من أفعاله الماضي والمستقبل.
قوله: " وما أسررت " ، أي: وما أخفيت، " وما أعلنت "، أي: وما أظهرت، أو المعنى: ما حدثت به نفسي وما تحرك به لساني، وفي التوحيد زاد من طريق عن ابن جريج " وما أنت أعلم به مني " وهو من عطف العام بعد الخاص. سلمان
قوله: " أنت المقدم وأنت المؤخر " قال ابن التين : أنت الأول وأنت الآخر، وقال : يعني أنه قدم في البعث إلى الناس على غيره - صلى الله عليه وسلم - بقوله: ابن بطال ، ثم قدمه عليهم يوم القيامة بالشفاعة بما فضله به على سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فسبق بذلك الرسل. " نحن الآخرون السابقون "
وقال الكرماني : هذا الحديث من جوامع الكلم ; إذ لفظ القيم إشارة إلى أن وجود الجوهر وقوامه منه، والنور إلى أن الأعراض منه، والملك لما أنه [ ص: 168 ] حاكم فيها إيجادا وإعداما يفعل ما يشاء، وكل هذه نعم من الله تعالى على عباده، فلهذا قرن كلا منها بالحمد وخص الحمد به، ثم قوله: " أنت الحق " إشارة إلى المبدإ والقول ونحوه إلى المعاش والساعة إلى المعاد.
وفيه إشارة إلى النبوة وإلى الجزاء ثوابا وعقابا، وفيه وغيره. انتهى. ويقال: وفيه زيادة وجوب الإيمان والإسلام والتوكل والإنابة والتضرع إلى الله تعالى والاستغفار ، ومواظبته على الذكر والدعاء والثناء على ربه، والاعتراف لله بحقوقه والإقرار بصدق وعده ووعيده، وفيه استحباب تقديم الثناء على المسألة عند كل مطلوب اقتداء به - صلى الله عليه وسلم -. معرفة النبي - صلى الله عليه وسلم - بعظمة ربه وعظم قدرته