الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1075 156 - حدثنا أبو اليمان قال: أخبرنا شعيب عن الزهري قال: أخبرني علي بن حسين أن حسين بن علي أخبره أن علي بن أبي طالب أخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طرقه وفاطمة بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة فقال: ألا تصليان ؟ فقلت: يا رسول الله، أنفسنا بيد الله، فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا، فانصرف حين قلنا ذلك، ولم يرجع إلي شيئا، ثم سمعته وهو مول يضرب فخذه وهو يقول: وكان الإنسان أكثر شيء جدلا

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة من حيث إنه - صلى الله عليه وسلم - طرق عليا وفاطمة ليلة وحرضهما على قيام الليل بقوله: " ألا تصليان ".

                                                                                                                                                                                  (ذكر رجاله) وهم ستة.

                                                                                                                                                                                  الأول: أبو اليمان الحكم بن نافع .

                                                                                                                                                                                  الثاني: شعيب بن أبي حمزة .

                                                                                                                                                                                  الثالث: محمد بن مسلم الزهري .

                                                                                                                                                                                  الرابع: علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب المشهور بزين العابدين ، تقدم في "باب من قال في الخطبة: أما بعد" في الجمعة.

                                                                                                                                                                                  الخامس: أبوه الحسين بن علي .

                                                                                                                                                                                  السادس: جده علي بن أبي طالب .

                                                                                                                                                                                  (ذكر لطائف إسناده) فيه التحديث بصيغة الجمع في موضع واحد، وفيه الإخبار بصيغة الجمع كذلك في موضع وبصيغة الإفراد في ثلاثة مواضع، وفيه العنعنة في موضع واحد، وفيه القول في موضعين، وفيه أن شيخه وشيخ شيخه حمصيان والبقية مدنيون ، وفيه أن إسناد زين العابدين من أصح الأسانيد وأشرفها الواردة فيمن روى عن أبيه عن جده، وقال الدارقطني : رواه الليث عن عقيل عن الزهري عن علي بن الحسين عن الحسن بن علي ، وكذا وقع في رواية حجاج بن أبي منيع عن جده عن الزهري في تفسير ابن مردويه ، وليس كذلك، والصواب عن الحسين بتصغير اللفظ، وفيه رواية التابعي عن الصحابي ورواية الصحابي عن الصحابي.

                                                                                                                                                                                  (ذكر تعدد موضعه، ومن أخرجه غيره) أخرجه البخاري أيضا عن أبي اليمان في "الاعتصام"، وفي "التوحيد" أيضا عن إسماعيل بن أبي أويس ، [ ص: 175 ] وأخرجه أيضا في "التفسير" عن علي بن عبد الله ، وفي "الاعتصام" أيضا عن محمد بن سلام ، وأخرجه مسلم في "الصلاة" عن قتيبة عن ليث ، وأخرجه النسائي أيضا فيه عن قتيبة به، وعن عبيد الله بن سعيد وأعاده في "التفسير" عن قتيبة .

                                                                                                                                                                                  (ذكر معناه):

                                                                                                                                                                                  قوله: " طرقه " ، أي: أتاه ليلا.

                                                                                                                                                                                  قوله: " وفاطمة " بالنصب عطفا على الضمير المنصوب في طرقه.

                                                                                                                                                                                  قوله: " ليلة " ، أي: ليلة من الليالي، (فإن قلت): ما فائدة ذكر ليلة، والطروق هو الإتيان بالليل ؟ (قلت): يكون للتأكيد، وذكر ابن فارس أن معنى طرق أتى من غير تقييد بشيء، فعلى هذا تكون ليلة لبيان وقت المجيء، وقال بعضهم: يحتمل أن يكون المراد بقوله: ليلة، أي: مرة واحدة (قلت): هذا غير موجه ; لأن أحدا لم يقل إن التنوين فيه للمرة، فظن أن كون ليلة على وزن فعلة يدل على المرة، وليس كذلك، والمعنى ما ذكرناه.

                                                                                                                                                                                  قوله: " ألا تصليان " كلمة ألا للحث والتحريض، والخطاب لعلي وفاطمة رضي الله تعالى عنهما.

                                                                                                                                                                                  قوله: " أنفسنا بيد الله " اقتباس من قوله تعالى: الله يتوفى الأنفس حين موتها كذا قيل، وفيه نظر.

                                                                                                                                                                                  قوله: " بعثنا " بفتح الثاء المثلثة جملة من الفعل والفاعل والمفعول، أي: لو شاء الله أن يوقظنا أيقظنا، وأصل البعث إثارة الشيء من موضعه.

                                                                                                                                                                                  قوله: " فانصرف " ، أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

                                                                                                                                                                                  قوله: " حين قلت " وفي رواية كريمة " حين قلنا ".

                                                                                                                                                                                  قوله: " ذلك " إشارة إلى قوله: " أنفسنا بيد الله ".

                                                                                                                                                                                  قوله: " ولم يرجع إلي شيئا " بفتح الياء، معناه لم يجبني، ورجع يأتي لازما ومتعديا.

                                                                                                                                                                                  قوله: " وهو مول " جملة اسمية وقعت حالا، أي: معرضا عنا مدبرا، وكذا قوله: " يضرب فخذه " جملة حالية ويفعل ذلك عند التوجع والتأسف.

                                                                                                                                                                                  قوله: " وهو يقول كذلك " جملة حالية، وإنما قال ذلك تعجبا من سرعة جوابه، وقيل: إنما قاله تسليما لعذره وأنه لا عتب عليه.

                                                                                                                                                                                  (ذكر ما يستفاد منه) فيه أن السكوت يكون جوابا، وفيه جواز ضرب الفخذ عند التأسف، وفيه جواز الانتزاع من القرآن، وفيه ترجيح قول من قال: إن اللام في قوله: وكان الإنسان للعموم لا لخصوص الكفار، وفيه منقبة لعلي رضي الله تعالى عنه حيث نقل ما فيه عليه أدنى غضاضة، فقدم مصلحة نشر العلم وتبليغه على كتمه، وفيه ما نقل ابن بطال عن المهلب أنه ليس للإمام أن يشدد في النوافل، حيث قنع - صلى الله عليه وسلم - بقول علي رضي الله تعالى عنه " أنفسنا بيد الله " لأنه كلام صحيح في العذر عن التنفل، ولو كان فرضا ما أعذره، وفيه إشارة إلى أن نفس النائم ممسكة بيد الله تعالى.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية